حنان قرقاش جذب ترامواي العاصمة، في مقطعه الأول الرابط بين باب الزواروبرج الكيفان، الكثير من مواطني هذين الحيين وبقية الأحياء المجاورة لهما، فبعد بضعة أيام من انطلاقه، يقبل العشرات من المواطنين يوميا، على محطاته الأربعة العشر، على طول الخط المشغل حاليا، رغبة منهم في اكتشاف سحره، وتجريب عرباته، وسكته، وإجراء المقارنة بينه وبين حافلات النقل الحضري، وسيلتهم التقليدية والعادية السابقة، التي أنهكت الكثير منهم، وتسببت لهم في ضغوط كبيرة،على مدار سنوات عدة، ليعلن الكثيرون انهم قد تنفسوا الصعداء أخيرا، على الأقل بالنسبة للمسافة التي يغطيها خط الترامواي الجديد، على قصرها، إنما بالنسبة لمن تحدثت إليهم "أخبار اليوم" تعتبر أفضل من لاشيء، ورحمة لهم من زحمة الطرقات، وفوضى محطات الحافلات، وبقية أصناف المعاناة التي كان كثير منهم يتكبدهم يوميا في وسائل النقل الأخرى من الحافلات العمومية والخاصة. ولان لكل جديد ومجهول سحره، وجاذبيته التي لا تقاوم، فقد اجتذب الترامواي في أسبوعه الأول، العشرات من المواطنين، رجالا ونساء، شبانا وشابات، حتى من الصغار والعجزة والمسنين، ممن راحوا يتدفقون على محطاته المختلفة، ينتظرون دخوله، في انسياب وخفة مبهرة، ولم يقتصر الأمر على القاطنين في حيي باب الزوار آو برج الكيفان فقط، بل شمل أيضا سكان الأحياء الأخرى كدرقانة، وقهوة الشرقي والحراش وغيرها، سيما بعد أن نال تدشين المقطع الأول منه نصيبه من الأحاديث الإعلامية، جعلت المواطنين متلهفين على تجريبه وركوبه، وبالفعل فهذا ما وجدناه على مستوى إحدى محطاته ببرج الكيفان، حيث تقول إحدى السيدات، أنها قدمت من درقانة، خصيصا لتجريبه، سيما بعد أن ألح عليها أطفالها الصغار طويلا، ولذلك فإنها لم تشأ إبقاء حرقته في قلوبهم، وقررت أن تأتي بهم لركوبه حتى وان كان الأمر لا يتعدى 7 كيلومترات فقط. نفس الأمر أتى بالسيد يزيد من برج الكيفان الذي يجربه للمرة الثانية، وقد هذا الأخير على ضرورة ان يتحلى المواطنون بالعقلية والذهنية المناسبة، للتعامل مع هذه الوسيلة الحضارية للتنقل، وذلك من خلال السهر على المحافظة عليه، وعلى نظافته وسلامة هياكله، مادام انه وجد ليكون في خدمتهم دون شك، خصوصا وانه يوفر لهم الكثير من شروط الرفاهية كالأماكن المريحة، والتكييف والهدوء والسرعة وهي أهم شيء. من جانب آخر يقول وليد الذي كان رفقة احد أصدقائه، أن انطلاق المشروع على مستوى هذا الخط بالذات خطوة كبيرة وهامة، أنقذت الكثير من سكان برج الكيفانوباب الزوار من معاناتهم مع الحافلات، وما كان ينتج عنها من تأخر كبير في المحطات إلى غاية ملئها عن آخرها، وتدافع الركاب ثم ازدحام الطرقات، والتأخر الكبير الذي كانوا يجدونه لقضاء مختلف مصالحهم، واعترف وليد أن المسافة تبدو قصيرة، بالنظر إلى أهمية المحاور التي من المفترض أن يغطيها الترامواي، مستقبلا، إنما هو يأمل في انتهاء الأشغال، ليبقى الأهم بالنسبة إليه، هو أنهم قد ارتاحوا نهائيا من معاناتهم من الحافلات، في هذه المحور بالذات، ناهيك عن إبدائه إعجابه الكبير، بسرعته وعرباته المكيفة، وكذا عدم انتظارهم طويلا في المحطات المختلفة، حيث لا تتجاوز مدة الانتظار 13 دقيقة على الأكثر، في انتظار تقليصها، إلى حوالي 7 دقائق مستقبلا. ومن خلال الملاحظة العامة، حول الإقبال على الترامواي في أيامه الأولى، يبدو ان اغلب المتجهين نحوه، كان دافعهم الفضول وحب استكشاف هذه الوسيلة الجديدة، بدليل أن بعضهم كان ينزل في محطة ليعاود الركوب من نفس المحطة إنما بالجهة المقابلة، وهو أمر طبيعي، باعتبار أنها وسيلة تنقل جديدة – حسب بعض الأعوان الذين تحدثنا إليهم- ممن صرحوا أيضا أن المواطنين قد ارتاحوا له كثيرا، وصاروا يتمنون انتهاء بقية المقاطع في اقرب الآجال. وتكثر زيارات الاستطلاع والاكتشاف هاته، خاصة خارج إطار ساعات الدوام، حيث يكثر الإقبال من طرف الموظفين والطلبة والتلاميذ، وغيرهم، أما خلال بقية ساعات النهار، فان كثيرا من الفضوليين، نساء ورجالا، حملوا أنفسهم، أو حملوا أطفالهم معهم، لزيارة الترام، والركوب فيه، والتجول بين مختلف محطاته، ولا يبدو أن سعر 20 دج قد أثار استياء المواطنين، بل بدا الكثير منهم سعيدا ومعجبا بهذه الوسيلة المريحة والسريعة، التي أنقذتهم من دراما وسائل النقل التي كانوا يعيشونها يوميا. ويغطي الترامواي في مقطعه الأول "برج الكيفان - باب الزوار"، حوالي 14 محطة، هي على التوالي، مزرعة حمود، تل محوس، العيادة المتعددة الخدمات، برج الكيفان وسط، ثانوية ابن باديس، كلير ماتان، حي 8 ماي 45، الإقامة الجماعية، جسر باب الزوار، محطة رابية طاهر، الحماية المدنية، حي رابية الطاهر، المحطة الفرعية، ثم حي مختار زرهوني. وحسب "واضحي مراد" احد أعوان التنظيم على مستوى الخط، فان الإقبال من طرف المواطنين خلال اليومين الذين تليا تدشين وانطلاق عمل الترامواي، قد شهدا إقبالا كبيرا لم يتوقعوه، ومن المنتظر أن يكون وسيلة التنقل الأساسية لديهم مستقبلا. من جانب آخر، قال أن هنالك من المواطنين من يأتون على متن الحافلات، من مناطق أخرى كدرقانة وعين طاية وغيرها، وينزلن بمحطة الترام، ثم يكملون طريقهم بواسطته، عوض إكماله في نفس الحافلة، وهو الأمر الذي ساعد الكثير منهم، في اختصار الوقت، والوصول مبكرا إلى أماكن دراستهم أو عملهم، حسبما اخبره البعض منهم، ليصبح الشغل الشغال للمواطنين اليوم، هو استكمال بقية الاشطر والمقاطع في المدى القريب، للتخلص نهائيا من اختناق الطرقات، واكتظاظ الحافلات، وانعدامها ببعض المحطات وكل ما يعقب ذلك من فوضى سببت أمراض ارتفاع الضغط والقلب والعصبية للجزائريين. تجدر الإشارة إلى أن الترامواي، وحسب محدثنا دائما، ينطلق من الساعة السادسة والنصف صباحا إلى غاية التاسعة والنصف ليلا.