قرر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إرسال الكاتب العام للإليزيه، كلود جييون، في محاولة ثانية بعد تلك التي أوفده فيها إلى الجزائر شهر فيفري رفقة مستشاره الدبلوماسي، جون دافيد لوفيت، للإحاطة بالأزمة السياسية الخانقة التي تميز علاقات البلدين منذ أشهر، وذكرت مراجع فرنسية أن مرسولي ساكوزي سيدرسون ملفات قضائية احتجت حولها الجزائر وكانت سببا في ظهور أولى الخلافات. أفيد في هذا السياق، عن لقاء سيجمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مع كل من كلود جييون وجون دافيد لوفيت، في زيارته المقررة يوم 20 جوان الجاري، حيث ستطرح قضية الدبلوماسي محمد زيان حسني، الذي اعتقل قبل عامين في مطار فرنسي بناء على دعوى تشتبه في ضلوعه بمقتل معارض جزائري نهاية الثمانينيات في باريس، وموضوع إعادة فتح ملف رهبان دير تيبحيرين، الذي اعتبرته الجزائر كذلك هجوما غير مقبول يستهدف أداء الجيش الجزائري منتصف التسعينيات. ولا تبدي الحكومة، تفاؤلا بنهاية قريبة لبوادر الأزمة، سيما بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، التي أشار فيها إلى إمكانية تحسن علاقات الجزائر بباريس، برحيل جيل الاستقلال، وقد أثارت هذه التصريحات موجة من الإستياء حكوميا ولدى الطبقة السياسية، وثارت أحزاب كبرى سواء القريبة من الحكومة أو المعارضة ضد ما قاله كوشنير. ومع ذلك يطرح التفاؤل عقب مشاركة الرئيس بوتفليقة، في قمة فرنسا-إفريقيا الأخيرة بنيس، حيث حظي باستقبال حار، من طرف نظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي. وبالرغم من أن الرئيسان لم يجمعهما لقاء منفرد، إلا أنها كانت فرصة لتوضيح الأمور أكثر. وترى الجزائر، أن الضجة الفرنسية، جاءت تبعا لمشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي، الذي وقعه أكثر من 120 نائبا أغلبهم من حزب الغالبية (جبهة التحرير الوطني)، واستغربت أحزاب كثيرة، الردود الواردة من داخل الجهاز التنفيذي أو البرلمان في فرنسا، حيث وصف وزير الهجرة الفرنسي، إريك بوسون »شعور« حكومته ب»الأسف«، وقال »إنني أتأسف للمقترح الجزائري القاضي بتجريم الاحتلال الفرنسي للجزائر في الفترة ما بين 1830 و1962، والذي اقترحه مجموعة من النواب أغلبهم من حزب جبهة التحرير الوطني«، مشيرا في ذات الوقت إلى أن »فرنسا تعتبر الملف على درجة كبيرة من الحساسية«. وقد أثار تصريح الوزير الفرنسي ردود فعل متباينة من أوساط الأسرة الثورية، حيث قال الباحث والمؤرخ محمد القورصو، إن التصريحات الفرنسية تعتبر »بمثابة الخطوة الاستباقية من فرنسا تجاه الجزائر أو الإنذار الأولي، في انتظار إقرار القانون على مستوى البرلمان والحكومة«. وألغت الجزائر زيارة لوزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، كما أحجم رئيس البرلمان عبد العزيز زياري، عن أداء زيارة لباريس لعقد قمة عادية للجنة الصداقة البرلمانية بين الدولتين، كما توالت بيانات نواب يعلن أصحابها عن الإنسحاب من هذه اللجنة المشتركة، وكان كلود جييون، خلال زيارته الأولى للجزائر، في 21 فيفري الماضي، لم يستقبل من طرف رئيس الدولة. حيث كانت العلاقات الفرنسية-الجزائرية، في تلك الفترة، جد متوترة. وسيلتقي بالوزير الأول، أحمد أويحيى. كما أن إمكانية إجراء محادثات بينه وبين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، جد واردة، إلا أن رئاسة الجمهورية الجزائرية لم ترد بعد على الطلب الفرنسي بهذا الشأن.