حظي أمس الأول كلود غيون الرجل الثاني في الإليزيه وأمين سر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي باستقبال من قبل الرئيس بوتفليقة، اللقاء اعتبره عديد من المتتبعين بمثابة مؤشر للدفع بالعلاقات بين الجزائر وباريس وإنعاشها بعد فتور وتوتر استمر عدة أشهر، خاصة وأن المسؤول الفرنسي نفسه كان في الجزائر فيفري الفارط دون أن يتمكن من لقاء بوتفليقة آنذاك، وهو ما فسر على أنه تعبير عن موقف الجزائر من التصريحات الاستفزازية لمسئولين فرنسيين ومنهم برنار كوشنير. زيارة الرجل الثاني في الإليزيه إلى الجزائر على رأس وفد دبلوماسي هام يضم مقربين من الرئيس ساركوزي جاءت بعد ثلاثة أسابيع على مشاركة الرئيس بوتفليقة بنيس الفرنسية في أشغال القمة الفرنسية الإفريقية التي جرت مطلع الشهر الجاري، والتي خص فيها ساركوزي حينها بوتفليقة باستقبال مميز وخاص، كما كانت القمة مناسبة تبادل فيها الرجلان حديثا مقتضبا، دون الخوض في القضايا المثيرة للجدل بين الجزائر وباريس، مشاركة بوتفليقة في القمة ولقائه بساركوزي فسره كثيرون بأنه تعبير عن إرادة الرجلين ورغبتهما في تطبيع العلاقات الثنائية بما يخدم مصلحة البلدين والسعي لتسوية القضايا التي ما تزال محل خلاف بين الجزائر وباريس ولا سيما ما يتعلق بالذاكرة المشتركة. ومعلوم أن زيارة كلود غيون الأمين العام للإيليزي هي الثانية من نوعها في ظرف أشهر قليلة، حيث كان غيون في الجزائر فيفري الفارط على رأس الوفد نفسه الذي يضم كل جون دفيد لوفيت، المستشار الدبلوماسي للرئيس ساركوزي، ونيكولا غالي المستشار المكلف بإفريقيا ، دون أن يتمكن آنذاك من مقابلة الرئيس بوتفليقة حيث استقبل موفد ساركوزي من قبل الوزير الأول أحمد أويحيى، وهو ما فسر على أنه رد واضح وصريح من الجزائر على تصريحات المسؤول الأول في الكيدورسي لصحيفة فرنسية عندما تجرأ على القول إن العلاقات الجزائرية الفرنسية ستعرف مسارا طبيعيا بعد رحيل جيل الثورة عن الحكم، متجاهلا أن الرئيس بوتفليقة وعديد من الوزراء هم من جيل الاستقلال. ويعد استقبال بوتفليقة أمس الأول لموفد ساركوزي من وجهة نظر المتتبعين مؤشر جيد لإمكانية الدفع إلى الأمام بالعلاقات الثنائية، بعد المؤشر الأول وهو مشاركة بوتفليقة في القمة الفرنسية الإفريقية التي أقيمت بنيس الفرنسية قبل 3 أسابيع، والتي يكون ساركوزي حسب ما تناقلته وسائل الإعلام قد ألح وأصر على حضور بوتفليقة الذي استبعدت حضوره آنذاك عديد من الأوساط السياسية والإعلامية بالنظر للتوتر الحاصل في العلاقات الثنائية. و قد جرى استقبال كلود غيون من قبل الرئيس بوتفليقة بإقامة الدولة لزرالدة بحضور الوزير الأول احمد أويحيى و وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، ولم يخف غيون عقب هذا الاستقبال في تصريحه للصحافة سعادته بهذا الشرف الذي حظي به، وقال إنه تطرق مع الرئيس بوتفليقة إلى الصداقة التي تجمع البلدين، كما أكد أن الرئيسين بوتفليقة و ساركوزي يأملان في إضفاء حيوية أكبر على هذه الصداقة. ويكون موفد ساركوزي وأمين سره كلود غيون قد حمل في طياته إلى الجزائر ملفات تتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، كما وضح وجهة النظر الفرنسية حول عدة نقاط ما تزال مصدر خلاف بين الجانبين الجزائري والفرنسي، وعلى رأسها قضية الدبلوماسي حسني، القائمة السوداء للبلدان الراعية للإرهاب التي أدرجت الجزائر ضمن القائمة، الهجرة، حرية تنقل الأشخاص، الاستثمارات والصحراء الغربية، إلى جانب المستجد الجديد وهو إعلان زعيم ما يعرف بالتيار الانفصالي فرحات مهني مؤخرا عن حكومة مؤقتة لمنطقة القبائل من باريس، ورغم تأكيد الكيدورسي تمسكه بالوحدة الترابية للجزائر، إلا أن احتضان باريس في المقابل لمهني يثير حفيظة الجزائر ويحتاج إلى توضيح.