بقلم: عاصم منصور خلصت إحدى الدراسات العلمية مؤخرا إلى أن الآلة الذكية بإمكانها التفوق على أطباء الجلدية المتمرسين في التفريق بين التغيرات الجلدية الخبيثة والحميدة فاتحة المجال للحديث عن احتمالية استخدام التطبيقات الذكية في تشخيص الأورام الجلدية دون الحاجة لمراجعة الطبيب إلاّ في حال كان هناك تدخل علاجي فكل ما على المريض فعله هو التقاط صورة للتغيّر الجلدي وإرسالها للتطبيق الذي يستطيع إعطاء تشخيص فوري ودقيق!! قبل ذلك كان هناك محاولات لم تلق النجاح المأمول لاستخدام الكمبيوتر في تشخيص صور الأشعة المختلفة من خلال تلقينه الصفات الخاصة للتشخيصات المختلفة: لكنهم اصطدموا بعدم قدرة الآلة على التعلم من الأخطاء ومن ثم عدم تكرارها. يأتي هذا متزامنا مع الأنباء عن توقيع الجيش الأمريكي عقدا كبيرا مع عملاق صناعة الروبوتات الجراحية بحيث يتمكن الجرّاحون من إجراء عمليّات جراحية معقدة عن بعد لجنودهم المنتشرين على بقعة كبيرة من العالم دون الحاجة لوجود الجرّاحين في الموقع!! تعيد هذه الدراسات والأخبار إلى الأذهان الجدل الذي يتكرر مؤخرا حول إمكانية أن تحل الآلة والذكاء الصناعي مكان الأطباء تشخيصا وعلاجا وفيما إذا ما يتحتّم علينا إعادة النظر بتدريس الطب ليتواءم مع التغيرات الكبيرة القادمة ناهيك عن التشكيك بجدوى دراسة الطب من حيث المبدأ فيما إذا ما أخذت الآلة وذكاؤها الصناعي بالحلول مكان البشر. لقد أثار مشروع واتسون العملاق والمتبنى من قبل شركة _آي بي إمس وعدد من كبرى المستشفيات العالمية قبل سنوات جدلا حول إمكانية أن يأتي الوقت الذي سنقول فيه وداعا للأطباء وأنفقت على المشروع مئات الملايين لكنه ما يزال يتعثّر ولم يَف بعد بوعوده. التطور الجديد الذي يعمل عليه العلماء الآن هو تغيير طريقة تفكير الكمبيوتر لتحاكي طريقة تفكير الدماغ البشري من حيث بناء شبكات عصبية تحاكي انسياب المعلومات في دماغ الإنسان وتملك القدرة على التحليل والتعلم من الأخطاء وتراكم المعرفة فخبرة الطبيب تأتي من تراكم تعلمه من تجاربه وأخطائه وتجارب الآخرين. لقد أدى التقدم الهائل في علم البيانات والحجم الهائل منها حيث إن 90 من البيانات على مدى التاريخ تم إنتاجها في السنين الأخيرة في إحداث نقلة نوعية في تشخيص وعلاج الأمراض المختلفة كما أدّى التطور الهائل في الأجهزة الحديثة في إحداث ثورة علميّة في تشخيص وعلاج المرضى لكنّ الإنسان ما يزال يحتل موقعا مركزياّ في العملية الطبيّة. يبقى العامل الأساسي في التنافس بين الطبيب الإنسان والآلة هو التواصل البشري واللمسة الإنسانية اللذان تفتقدهما الآلة لكن للأسف بدأ الكثير من الأطباء بالتخلي طوعا عنهما وإسلام قيادتهم للآلة وذلك طلبا للراحة حينا ولضيق الوقت أحيانا وما لم يبادر الجسم الطبّي إلى إعادة الاعتبار لأنسنَة الطب فإنّ الآلة قادمةٌ لا محالة.