يحاولون التشويش وزرع البلبلة بين مؤسسات الدولة ** هذا ما يقوله القانون عن خرق واجب التحفظ جاء البيان الأخير لوزارة الدفاع الوطني الذي صنع الحدث مع نهاية العام المنقضي ليضع النقاط على الحروف فيما يتعلق ب جنرالات التخلاط الذين تقاعدوا من العمل ضمن المؤسسة العسكرية قبل أن يوجهوا سهامهم إليها بطريقة منافية للقانون الذي يُلزمهم بواجب التحفظ ومخالفة للأعراف التي تقتضي أن لا يعضّوا اليد التي امتدت إليهم بإحسانها سابقا وصنعت لهم اسماً.. وزارة الدفاع ردّت بقوة على هؤلاء الضباط المتقاعدين الذين يشتد تخلاطهم مع اقتراب كل استحقاق سياسي أو اجتماعي هام فها هم يطلون برؤوسهم مع اقتراب موعد رئاسيات 2019 غير مكترثين بالعواقب الوخيمة لخرجاتهم التي تضعهم تحت طائلة القانون وتمس باستقرار البلاد وتماسك مؤسساتها. من ضباط سامين.. إلى خلاطين بعض العسكريين المتقاعدين الذين وبعد أن خدموا مطولا ضمن صفوف الجيش الوطني الشعبي التحقوا بتلك الدوائر المريبة والخفية قصد الوصول إلى أطماع شخصية وطموحات جامحة لم يتمكنوا من تحقيقها داخل المؤسسة .. بهذه اللهجة القوية والدقيقة عبّرت وزارة الدفاع الوطني في توضيحها المنشور يوم الأحد الماضي عن انزعاجها الشديد من جنرالات التخلاط وممن يقف وراءهم أيضا.. فمن الواضح أن المؤسسة العسكرية تدرك أبعاد ومآلات الحملة التي تشنها خفافيش يحلو لها العبث في صالونات مغلقة وخلف ستائر معتمة وتسعى ل أكل الشوك بأفواه ضباط متقاعدين بعضهم برتبة جنرالات نزلوا بمستواهم إلى رتبة الخلاطين بدءا من الجنرال حسين بن حديد الذي خرق واجب التحفظ وأدانه القضاء العسكري سنة 2015 بتهمة إهانة هيئة نظامية وخرق واجب التحفظ بالنسبة للعسكريين ليقضي نحو 10 أشهر في السجن قبل أن يتم الإفراج عنه لأسباب صحية في جويلية 2016 ليدان مجددا في مارس 2018 بسنة حبسا غير نافذ. ولا يستبعد متتبعون أن تنفذ وزارة الدفاع الوطني تهديدها بحق الجنرال المتقاعد علي لغديري وتقوم بمقاضاته وهو الذي لم يتردد في محاولة الصيد في المياه العكرة من خلال مقالات نشرها هنا وهناك ثم رسالة له نشرتها صحيفة ناطقة بالفرنسية دعا فيها المؤسسة العسكرية إلى تخطي صلاحياتها الدستورية وإعادة صياغة المشهد السياسي.. وقبل لغديري وبن حديد كان الجنرال المتقاعد محمد الطاهر يعلى قد حاول التشويش على انتخابات 2014 الرئاسية بعد أن زعم أنه أحد مرشحيها قبل انسحابه ودعا حينها العسكر للتدخل في السياسة ووقف المسار الانتخابي. سياسيون ضد التخلاط .. ووزارة الدفاع بالمرصاد من المؤكد أن غالبية العسكريين المتقاعدين يلتزمون واجب التحفظ ويحتفظون بانضباطهم المشهود حتى بعد مغادرتهم أسوار المؤسسة العسكرية غير أن الأمر لا ينطبق على الجميع حيث لا يتوانى بعضهم في التطاول على مؤسسات الجمهورية عند أول سانحة ويستغلون حساسية الظروف التي تمر بها البلاد بين الفينة والأخرى لنفث سمومهم التي تثير انزعاج المواطنين مثلما تثير استهجان كثير من السياسيين الذين يعبّرون عن رفضهم لخرجات جنرالات التخلاط ومحاولات حشر المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي.. وفي هذا السياق كان رئيس حزب تجمع أمل الجزائر تاج عمار غول قد تأسف لكون بعض العسكريين السابقين يعملون على زرع الإشاعات والمغالطات للتأثير على سير الرئاسيات المقبلة وقال أن رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأخيرة أسقطت العديد من الأقنعة حين حذر من المغامرين الذين يهدفون للزج بالبلاد نحو المجهول على مقربة من محطة سياسية حاسمة. وقال غول إن بعض المسؤولين السابقين المدنيين والعسكريين يعملون على زرع الإشاعات والمغالطات لمحاولة السطو على الرئاسيات من خلال الابتزاز السياسوي مضيفا: وهذا ما أدى إلى اضطراب بوصلة الكثير من السياسيين في الآونة الأخيرة وموضحا أن الابتزاز السياسوي يتم من خلال صالونات زرع الإشاعات والمغالطات التي تتغذى منها المواقع الالكترونية وبعض من يريدون المتاجرة بالرئاسيات. وليست هذه المرة الأولى التي يفتح فيها زعيم حزب سياسي النار على عسكريين سابقين متهما إياهم بممارسة الابتزاز والتخلاط فقد كان الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني سباقا إلى ذلك قبل سنوات حين اتهم مسؤول جهاز المخابرات سابقا الفريق محمد مدين المعروف باسم توفيق بالوقوف وراء كل محاولات التخلاط التي حدثت في العديد من الولايات كما حمّله مسؤولية تشويه سمعة محيط الرئيس بوتفليقة وقال إنه يقف وراء الانشطارات والانقسامات التي عرفتها الأحزاب السياسية. وبدورها ترفض المؤسسة العسكرية تخلاط المنتسبين السابقين لها وتتبرّأ من تصريحاتهم المشبوهة وتعلن في كل مرة تمسكها بأداء واجباتها المنصوص عليها دستورياً وهو ما يضع جنرالات التخلاط في موقع تسلل لاسيما بعد أن تفطن الجميع لأبعاد ما يقومون به حيث أن خرجاتهم تشترك في الدعوة إلى حشر المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي من جهة ومن جهة أخرى تأتي غالبا في سياق ظرف حساس تمر به الجزائر أو قبيل استحقاق سياسي مهم جدا من أجل التشويش وزرع البلبلة بين مؤسسات الدولة وضرب تماسكها وتحقيق مصالح ضيّقة على حساب استقرار البلاد. هذا ما يقوله القانون.. يتيح القانون لوزارة الدفاع الوطني متابعة ضباط الجيش الوطني المتقاعدين أمام القضاء في حالة انتهاك ما أسمته واجب التحفظ إلى جانب عقوبة التنزيل في الرتبة. وكرّست التعديلات المقترحة على الأمر 06-02 الصادر في 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين واجب التحفظ والصمت على الضباط المتقاعدين أسوة بالضباط العاملين. وتنص المادة 24 ضمن التعديلات الجديدة على أحكام عقابية إذ تنص على أنه يتعين على العسكري الالتزام بواجب التحفظ في كل مكان وفي كل الظروف وعليه أن يمتنع عن كل عمل أو تصرف من شأنه أن يمس بشرف أو كرامة صفته أو يخل بسلطة المؤسسة العسكرية وسمعتها المميزة . وتضيف هذه المادة أنه بعد التوقف النهائي عن الخدمة يظل العسكري ملزما بواجب الاحتراس والتحفظ وأي إخلال بهذا الواجب من شأنه المساس بشرف واحترام مؤسسات الدولة .