المصادقة على قانونين لجعل الجيش بعيدا عن الرهانات السياسية * مجاهد ل"الحوار": "القرار لا يعني إبعاد الجنرالات المتقاعدين عن المجال السياسي"
أنهى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نهائيا الجدل الذي كان يثيره جنرالات التسعينيات ممن اعتادوا خلال الفترة الأخيرة الخوض في السجال السياسي المطروح في الساحة، بمصادقته على مشروعي قانونين عرضهما نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، هدفهما تعزيز القواعد المسيرة لواجب التحفظ بالنسبة للضباط العامين والضباط السامين المتقاعدين، وإبقاء هذه المؤسسة في خدمة الجمهورية لا غير وجعلها فوق أي رهانات سياسية أو سياسوية. هذان القانونان من شأنهما وضع قطيعة مع تلك الخرجات الإعلامية التي وصفت في الكثير من الأحيان ب"غير المبررة" لجنرالات متقاعدين من المفروض أنهم ارتووا من صفات "الانضباط وعدم الاعتراض على التعليمات" بحكم تكوينهم العسكري الطويل وتقلدهم أعلى المراتب، إذ أدلوا بتصريحات في وسائل إعلام داخلية وحتى خارج الوطن حول نقاط مختلفة عاشتها الساحة السياسية مؤخرا، دون مراعاة واجب التحفظ المكفول قانونا، رغم أن الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد تتطلب مزيدا من الالتزام وضبط النفس وعدم "النبش" في المسائل التي يمكن أن تؤثر على الأمن والاستقرار وتزرع "الفتنة" في أوساط الشعب وحتى داخل المؤسسة العسكرية نفسها خاصة إذا علمنا أن جل تصريحات هؤلاء الجنرالات كانت تصب في معاداة السلطة القائمة ومعارضتها، متناسين أنهم كانوا إلى وقت قريب من بين الشخصيات الفاعلة والمؤثرة بشكل كبير في مقاليد الحكم.
* المؤسسة العسكرية خط أحمر الجنرال المتقاعد عبد العزيز مجاهد، اعتبر، أمس، في تصريحه ل" الحوار"، أن مشروع القانون لا يعني إبعاد الجنرالات المتقاعدين من المجال السياسي بالقدر الذي ينصب في اتجاه أن تكون ممارسة هؤلاء للسياسة على أسس مبنية على الارتقاء بالجزائر وعدم المساس بالمؤسسة العسكرية: "رئيس الجمهورية دعا الجنرالات والإطارات العسكرية إلى العمل من أجل الحفاظ على الوجه المشرف للجيش الشعبي الوطني والحفاظ أيضا على سمعته لدى المجتمع والعمل على أن تكون المؤسسة العسكرية في خدمة الجمهورية بعيدا عن التلاعبات السياسية، كما دعا الجميع أي المنحدرين من المؤسسة العسكرية إلى الارتقاء بمستوى الجزائر بعيدا عن إحداث ضرر للمؤسسة العسكرية التي هي حصن الجزائر" بحسبه. ومعلوم أن مجلس الوزراء قد صادق على مشروعي قانونين عرضهما نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي ويتعلق الأمر بمشروعي القانونين المعدلين والمتممين على التوالي للأمر الصادر سنة 1976 المتضمن القانون الأساسي العام لضباط الاحتياط وكذا الأمر الصادر في فبراير 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين، ويتمثل الهدف من هذين النصين في تعزيز القواعد المسيرة لواجب التحفظ بالنسبة للضباط العامين والضباط السامين المتقاعدين، الرئيس بوتفليقة وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي وافق على مشروعي القانونين نوه بتجند وتفاني الجيش الوطني الشعبي في أداء مهامه الدستورية وهو التجند والتفاني الذي يجعله يقول محط تقدير وطننا بأكمله. وقال الرئيس بوتفليقة "إننا ارتأينا من أجل الحفاظ على الصورة اللامعة للجيش الوطني الشعبي في مجتمعنا وإبقاء هذه المؤسسة في خدمة الجمهورية لا غير وجعلها فوق أي رهانات سياسية أو سياسوية أنه من الضروري إعداد مشروعي القانونين اللذين قمنا اليوم بالمصادقة عليهما".
* هؤلاء كسروا واجب التحفظ..؟ ومن بين الجنرالات المتقاعدين الذين كسروا واجب التحفظ نجد الجنرال السابق خالد نزار الذي يخرج بشكل دوري عبر منصة موقع "الجزائر الوطنية" المملوك من طرف ابنه للحديث عن مواضيع مختلفة، على شاكلة تهجمه على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكما ب5 سنوات نافذة في حق عبد القادر آيت وعرابي المدعو حسان، إذ اعتبر في تعقيبه على الحكم بحق اللواء المتقاعد حسان، إنه "مخز وإجرامي"، معبرا عن استغرابه للحكم وقال حينها "لا أعرف شخصيا الجنرال حسان، المسؤول عن خلية الاستعلامات والأمن، فقد كنت أول من حذر على شاشات التلفزيون من بعض الاختلالات التي وقعت في فترة خدمتنا، لكن الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بوهران، أدهشني من محو المسار المهني لرجل كرس حياته لخدمة الجزائر، الحكم جريمة وافتراء بحق الجنرال عبد القادر آيت وعرابي وعائلته". الجنرال المتقاعد بن حديد المتهم بإفشاء أسرار عسكرية وتحطيم معنويات الجيش، بدوره خرج بتصريحات "صادمة" من محطة "راديوا المغرب"، فتح فيها النار على السلطة الحالية وعلى رموز في المؤسسة العسكرية. واجب التحفظ لم يحترم حتى لدى الجنرال المتقاعد حديثا محمد مدين، الذي خرج للرأي العام برسالة أثارت الجدل، وهو الذي بقي متحفظا طيلة فترة خدمته في جهاز الأمن والاستعلام، البعض اعتبر خرجة توفيق حتى وإن تطرقت إلى موضوع واحد هو قضية اللواء عبد القادر آيت وعرابي المدعو حسان إيذانا بأن الرجل أصبح محسوبا على الجناح المعارض للسلطة الحالية، خاصة وأن طريقة عزله من منصبه وسحب الكثير من المديريات والصلاحيات منه قبل ذلك بعد ربع قرن على جهاز "الدي أر أس" لم تعجبه بالتأكيد. نورالدين علواش