كشفت مذكرة سرية أعدها عضو بالمجلس المصري للشؤون الخارجية عن خطة إسرائيلية جديدة لتوصيل مياه النيل إلى الدولة العبرية مقابل التزامها باستكمال مشروع قناة »جونجلى« في جنوب السودان. ونقلت جريدة »المصري اليوم« المستقلة عن المذكرة التي تلقتها أمانة السياسات بالحزب الوطنى أن »الخطة الإسرائيلية يجرى الترويج لها عبر وسطاء أوغنديين، وتتضمن تبنى اسرائيل استكمال تنفيذ مشروع قناة جونجلى في جنوب السودان سواء تم فصل الجنوب عن الشمال أم لا«. ويعني استكمال إسرائيل قناة »جونجلي« زيادة حصة المياه لمصر والسودان نتيجة تنفيذ مشروع القناة من 10- 15 مليار متر مكعب سنوياً، حيث سيتم حسب الخطة توصيل نصف هذه الزيادة، التي يتم تقسيمها مناصفة بين مصر والسودان إلى إسرائيل (7.5 مليار متر مكعب). وتقضي الخطة بأن تقوم إسرائيل بدفع 10 سنتات عن كل متر مكعب يصلها إلى دول منابع النيل، وتقسَّم فيما بينها حسب تعداد كل دولة. وحذرت المذكرة من أن إسرائيل تهدف أيضا من خطتها إلى إقرار مبدأ بيع المياه كمصدر طبيعي، باعتبارها مثل البترول بغض النظر عن حجم العبء إذا تم إقرار هذا المبدأ، حتى وإن كان ثمن المتر المكعب سنتاً واحداً وليس 10 سنتات. ودعت المذكرة إلى توجيه سياسة إحلال الواردات المصرية من سلع بعينها مثل البن واللحوم والأخشاب المصنعة لتكون من دول منابع النيل، منبهة إلى أن هذه الدول تشعر بمرارة كبيرة بالنسبة للحوم الحمراء بالذات، والتي تستورد مصر معظم كمياتها من خارج أفريقيا على الرغم من توافرها في كثير من دول الحوض بأسعار أقل وجودة أعلى. قناة جونجلي ويرجع التفكير في قناة »جونجلي« إلى عام 1883 قبل الاحتلال البريطاني للسودان، ولكن بدأ الاتفاق على شقها بين مصر والسودان عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا في عام 1974، وفكرتها تقوم على شق قناة بطول 360 كم بين مدينتي بور وملكال في الجنوب السوداني. وستؤدي القناة إلى توفير المياه التي تضيع في المستنقعات، وتجفيف مليون ونصف فدان من المستنقعات تصلح للزراعة. وجزء من التصور المصري والسوداني لشق القناة يرتبط بتوفير المياه مستقبلا لزيادة الحاجة في البلدين لها في عصر يسمى عصر حروب المياه، وجزء آخر يتعلق بالسعي لجعل السودان »سلة غذاء العالم العربي«. وكان يمكن إذا اكتمل أن يكون له تأثير كبير على التنمية الزراعية في البلدين، حيث كان يهدف إلى تأمين تدفق 4.7 مليار متر مكعب من المياه تقسم بالتساوي بين مصر والسودان، لكن المشروع توقف بسبب نشوب الحرب الأهلية في السودان، كما أن الحفارة المستخدمة في شق القناة قد دمرت بقذيفة صاروخية من عدو مجهول عام 1986. وكانت شركة إسرائيلية تدعى »تاحال« أعلنت عام 1974 شق قناة توصل مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق سحارة أسفل قناة السويس تمد إسرائيل بحصة من مياه النيل. وسبق أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون عام 1955 إن »اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه وأنه على نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل«. وكان ضابط الموساد موشى فرجي قال في كتابه الصادر عن مركز »دايان« لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا التابع لجامعة تل أبيب بعنوان »إسرائيل والحركة الشعبية لتحرير السودان« تفاصيل ما فعلته إسرائيل لكي تحقق مرادها في إضعاف مصر وأنها وسعت علاقاتها مع دول حوض النيل للضغط على مصر التي ترفض إعطاءها حصة من مياه النيل. وكشف النقاب عن أن التعاون الإسرائيلي الإثيوبي يهدف إلى تنفيذ 40 مشروعاً مائياً على النيل الأزرق وهذه المشروعات ستقوم بتخزين 80 مليار متر مكعب من المياه خلفها سيأتي خصما من حصة مصر والسودان. وأضاف إسرائيل هي التي أقنعت الجنوبيين في السودان بوقف مشروع قناة »جونجلي« الذي يضمن حفر قناة في منطقة أعالي النيل لتوفير المياه اللازمة للسودان ومصر. الأطماع الإسرائيلية وبدأت الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية منذ تأسيسها عام 1948 حين عرض تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية على الحكومة البريطانية فكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك الاستفادة من بعض مياه النيل ورفضت الحكومتان المصرية والبريطانية هذا المشروع. وسيطرت إسرائيل عقب عام 1967 على مصادر المياه العربية الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط وهي حوض نهر الأردن الأعلى الذي ينبع من لبنان وسوريا وحوض نهر اليرموك المشترك بين الأردن وسوريا والخزانات الجوفية الضخمة تحت الضفة الغربية بفلسطين والمعروفة بخزان الجبل وبئر الجبل ويقبع الفلسطينيون في هذه المأساة منذ عام 1967. وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية أصدرت قراراً ينص على أن جميع المياه الموجودة في الأراضي الفلسطينية التي جرى احتلالها (الضفة والقطاع) هي »ملك خالص« لإسرائيل وبدأت في سحب المياه من الأراضي الفلسطينية لتغذية المدن المحتلة بحوالي 700 مليون م3 ويحصل الفلسطينيون على حوالي 134مليون م3 أي ما يعادل 19 ٪ من المياه الفلسطينية. وقامت إسرائيل بالاستحواذ على مياه نهر الأردن وتخزينها في بحيرة طبريا ثم نقلها من الشمال للجنوب لتغذية المناطق الإسرائيلية المختلفة وتحصل إسرائيل على 60٪ من مياه نهر الأردن، بينما يحصل الأردن على 25 ٪ وسوريا على 15 ٪ رغم أن مياهه تنبع من سوريا كما قامت بمنع الفلسطينيين من الوصول لنهر الأردن ودمرت كل المضخات على النهر وطردت المزارعين.