خرقت محكمة لاهاي الأعراف الدولية وسجلت من خلال إقرار أمر بتوقيف الرئيس السوداني عمر حسن. قرار يفتح نقاشا واسعا حول دور المحكمة الجنائية الدولية ومنه قلق إزاء مستقبلها كهيئة أممية كان من الواجب أن تكون عامل يقر العدل مع الدول وليس هيئة تعلو على الدول، بل نقل هيئة موجهة طبقا لرغبات سياسة الدول المهيمنة على مجلس الأمن. فبعد افتعال الأزمة المالية العالمية هاهي الدول الصناعية تفتعل أزمة بعد أزمة تستهدف بالأساس العالم العربي كلما اتجه هدا الوطن الى تسوية مشاكله الداخلية. فمن الحرب على العراق ثم لبنان فغزة ومن خلالها سوريا جاء الدور على السودان الجريح في دارفور والمهدد في وحدته وسيادته فوق أراضيه. والقرار يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، ازدواجية المعايير، كما لا يختلف اثنان عن كونه يندرج في سياق إذلال الأمة العربية وتفتيت ما تبقى من عراها. القرار استنفر القوى الحية المحبة للعدل والسلم في العالم مستهجنة الخطوة الظالمة للجنائية الدولية وأحدث موجة من التنديد والاستنكار على أكثر من صعيد. أغلبية الدول العربية استنكرت قرار المحكمة الدولية القاضي توقيف الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور، في حين استنكرت العديد من القوى السياسية والشعبية العربية ما وصفوه ازدواجية المعايير التي تنتهجها المحكمة مطالبين في المقابل بإصدار أمر اعتقال سفاحي الكيان الصهيوني في إسرائيل. وفي ما يلي أبرز المواقف الرسمية العربية: الجامعة العربية: أعربت جامعة الدول العربية في رد فعل لها عن انزعاجها الشديد لصدور القرار، مشددة على واجب التضامن مع السودان في مواجهة أي مخطط يستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره. كما أبدت أسفها لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية المتعلق بتأجيل الإجراءات المتخذة. وفي مقدمة البلدان العربية أعربت سوريا عن قلقها البالغ وانزعاجها الشديد إزاء القرار الذي رأت فيه ''تطورا خطيرا يخالف منظومة العلاقات الدولية''. كما اعتبرت أن القرار ''يشكل سابقة خطيرة'' تتجاهل حصانة رؤساء الدول التي ضمنتها اتفاقية فيينا لعام .1961 وفي لبنان: أثار القرار الجائر القلق من انعكاساته على الاستقرار في السودان ومصير العملية السياسية الجارية (في دارفور) واتفاقية السلام الشامل. وانتقدت الخارجية اللبنانية المعايير المزدوجة في تطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني، في ضوء جرائم الحرب والعدوان التي ارتكبتها إسرائيل ومسؤولوها من خلال العدوان على غزة مؤخرا ولبنان في عام .2006 كما أدانت الأحزاب والقوى والشخصيات بلبنان مذكرة المحكمة قائلة في بيان إنها تأتي بعد فشل الضغوط الأمريكيةالغربية في إخضاع النظام الوطني في السودان، والفشل في جعله يتخلى عن ثوابت استقلاله وحرية قراره ووحدته.. فيما أكدت الجماهيرية الليبية وقوفها مع الشعب السوداني، وأدانت بشدة مذكرة اعتقال البشير الدولية، معتبرة القرار سابقة خطيرة تؤكد عدم نزاهة واستقلالية وعدالة المحكمة. وفي الإمارات العربية عبرت الخارجية عن مخاوفها من تداعيات القرار السلبية على استقرار الأوضاع في السودان والحوار السياسي القائم فيه، والجهود المبذولة لتفعيل العملية السياسية في دارفور.. أما اليمن قد أدان قرار الجنائية ووصفه بالسابقة الخطيرة والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول، وأنه لا يخدم بأي حال جهود إحلال السلام في دارفور كما يهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة. وانتقد عدم اتخاذ أي إجراء من الجنائية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين. وأعلن الأردن أنه مع الإجماع العربي في قضية الرئيس السوداني. وأكد احترام التزاماته بالمواثيق والمعاهدات التي وقع عليها، في إشارة لتوقيعه على قانون المحكمة الجنائية الدولية. وجاء موقف موريتانيا أشد لهجة حيث وصف نواب البرلمان القرار بأنه ''جائر ويشكل أكبر دليل على أن المحكمة أداة من أدوات السياسة الأمريكية التي تتميز بازدواجية المعايير''. وقال النواب في بيان لهم إن قرار المحكمة صدر ''في وقت ما تزال فيه هذه المحكمة ترفض مجرد التفكير بالتحقيق أو البحث فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل ضد المدنيين في غزة ولبنان، ومن طرف إدارة (الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في العراق وأفغانستان طيلة الأعوام الماضية. وشهدت شوارع عمان أمس تظاهر العشرات من أنصار المعارضة تنديدا بمذكرة التوقيف، ووصفوها بأنها ذات دوافع سياسية.. واستنكر مجلس النقابات المهنية الأردنية المشكل من 14 نقابة عدم التفات الجنائية والمنظمات الدولية للمجازر الصهيونية بحق سكان قطاع غزة، وشكك في نزاهة وحيادية المحكمة. مصر تدعو إلى إجتماع طارئ لمجلس الأمن دعت مصر مجلس الأمن لعقد اجتماع عاجل وطارئ بهدف اتخاذ قرار تأجيل تنفيذ قرار التوقيف بحق البشير. كما دعت لعقد مؤتمر دولي رفيع المستوى للاتفاق على رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع التحديات المختلفة التي تواجه السودان. ردود أفعال دولية خلّف قرار الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، موجة من ردود الأفعال في أوساط المجتمع المدني في الوطن العربي. وحملت هذه الموجة مواقف تجمع على أن ما أقدمت عليه محكمة لاهاي بإيعاز من قوى تدفعها خلفيات سياسية أكثر منها الانشغال بحقوق الإنسان والسلم في العالم، حقوق تهتك يوميا في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والصحراء الغربية دون أن تتحرك هذه القوى بغرض إحقاق الحق وإرجاعه لمستحقيه من لاجئين ومعذبين فوق الأرض على وجه المعمورة. الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: استنكر القرار واعتبره ''عدوانا على القانون الدولي وقواعده المستقرة'' وأكد أنه لم يصدر ''بمقتضى القواعد القانونية بل هو قرار تمليه أهواء سياسية''.. وذكر الاتحاد (في بيان وقعه رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي) العرب والمسلمين والعالم أجمع بسياسة ازدواج المعايير التي تتبعها المنظمات الدولية ''فالقتلة الصهاينة لا يوجَّه إليهم لوم فضلاً عن اتهام، ومثلهم الأمريكان الذين ارتكبوا ما ارتكبوا في احتلال العراق''. الإخوان المسلمون بمصر: دعت جميع الدول العربية والإسلامية الأعضاء بالمحكمة الجنائية، للانسحاب منها ردا على قرار اعتقال البشير. حزب الله اللبناني: دان بشدة القرار، وتساءل عن سبب عدم ملاحقة المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين. ورأى في توقيت القرار بعد مرحلة المصالحة والتوافق المتقدمة التي وصلتها معالجة أزمة دارفور ''محاولة مكشوفة ومشبوهة لإعادة تفجير الأوضاع في الإقليم وتهديدا لسيادة السودان ووحدة أراضيه''. حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني: استنكر ما وصفها بانتقائية الجنائية في التعامل مع قضايا المنطقة، وتأجيج الصراعات والحيلولة دون نجاح جهود التوفيق بين الفرقاء السودانيين. حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي بفلسطين أدانتا قرار المحكمة، واعتبرتا أنه يعكس ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع قضايا المنطقة. طارق.ز. الوكالات الخارجية الجزائرية: قرار محكمة العدل الدولية ''سابقة خطيرة'' نددت الجزائر في بيان لوزارة الخارجية، أول أمس، بقرار محكمة الجنايات الدولية إثر إصدارها لمذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني عمر البشير الأربعاء الماضي. وحسب نفس البيان فقد تلقت الجزائر قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار أمر توقيف في حق الرئيس السوداني، بأسف عميق كما اعتبرت الجزائر أن هذا القرار الصادر من محكمة الجنيات الدولية يشكل سابقة خطيرة تحمل في طياتها تهديدا حقيقيا للسلم والأمن والاستقرار في السودان والمنطقة بأكملها''. وفي نفس السياق جددت الخارجية الجزائرية رفضها المطلق لممارسة سياسية الكيل بمكيالين وتسييس العدالة الدولية مذكرة بتمسكها بالطلب الذي تقدم به كل من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية من أجل وقف إجراء المحكمة الجنائية الدولية للتمكين من مواصلة الجهود الجارية والرامية إلى إيجاد حل عاجل ودائم للأزمة القائمة في جنوب السودان في دارفور. حمس، النهضة والإصلاح تندد بقوة وتستنكر استهداف سيادة السودان نددت كل من حركة مجتمع السلم وحركتي النهضة والإصلاح بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في شكل مذكرة توقيف في حق الرئيس السودان، معتبرة القرار بالتعدي الصارخ على كل الأعراف الدولية وعلى سيادة دولة مستقلة. كما وصفت حمس النهضة والاصلاح مذكرة التوقيف بالاستهتار ومساس بالأمة العربية والإسلامية في حين تغض هذه المحكمة الدولية الطرف عن الجرائم البشعة ضد بلدان عربية وإسلامية مثلما حدث في فلسطين والعراق وافغانستان والصومال. كما ذكرت الأحزاب الإسلامية بالمجازر المرعبة والمفزعة التي ارتكبتها الآلة الصهيونية في غزة منذ أيام قليلة دون أن تتحرك هذه الهيئة القضائية ولو لإدانة هذه الجرائم أو إصدار مذكرة توقيف في حق المسؤولين الاسرائليين. كما دعت الحكام العرب للوقوف في وجه كل المخططات الرامية الى إقامة استعمار جديد والعمل على إفشال هذه المخططات الخطيرة. مصطفى دباش أحمد بن بلة باسم عقلاء القارة الافريقية: ''قرار المحكمة الجنائية تعدٍ سافر على سيادة السودان'' أكد رئيس الجمهورية السابق أحمد بن بلة والرئيس الحالي لمجموعة العقلاء في الاتحاد الافريقي أن قرار محكمة العدل الدولية بإصدارها لمذكرة اعتقال للرئيس السوداني، سيضر باستقرار السودان ويضاعف من تداعيات مشكلة دارفور مضيفا في السياق نفسه أن ''مشكل دارفور يشكل بالنسبة لنا - الاتحاد الإفريقي- اختبارا حقيقيا نسعى لأجل إيجاد حل توافقي وعادل من شأنه ضمان الاستقرار التام في السودان الشقيق''. احمد بن بلة الذي كان يتحدث في كلمة ألقاها في حفل افتتاح الدورة السادسة لمجموعة الرؤساء العقلاء وصف قرار المحكمة ومذكرة توقيف عمر البشير بغير الشرعي والمنافي لكل الأعراف الدبلوماسية والدولية كما اعتبر القرار تعديا سافرا على سيادة بلد مستقل مضيفا في السياق نفسه أنه ينبغي على الدول الكبرى أن تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان خاصة لما يتعلق الأمر بمشاكل وأزمات داخلية مثلما هو الحال مع أزمة دارفور جنوب السودان. م. د تركيز غربي على طرد منظمات غير حكومية وفد إفريقي إلى مجلس الأمن لتعليق مذكرة اعتقال البشير يتوجه وفد من الاتحاد الأفريقي إلى مجلس الأمن الدولي لحثه على تأجيل تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير الذي وصفته الإدارة الأمريكية بأنه هارب من وجه العدالة. فيما يعقد المجلس اجتماعا لمناقشة قرار السودان طرد بعض منظمات الإغاثة غير الحكومية من إقليم دارفور. وقد أكد مسؤولون في الاتحاد الإفريقي أن الاتحاد سيرسل وفدا رفيع المستوى إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبة الدول الأعضاء بوقف تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير عاما كاملا استنادا إلى المادة 16 من ميثاق المحكمة المذكورة. وجاء القرار بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي أول أمس، في الوقت الذي أعرب السفير السوداني لدى الاتحاد محي الدين سالم عن ثقة بلاده بقدرة إفريقيا على دعم الخرطوم في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية. من جانبه قال القائم بالأعمال في بعثة ليبيا الدائمة لدى الأممالمتحدة إبراهيم الدباشي الخميس إن بلاده تجري اتصالات مع مختلف الدول الأعضاء في مجلس الأمن للاتفاق على الخطوات اللاحقة لإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني على خلفية اتهامه بجرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور. وأوضح الدباشي-الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن أنه لم يتم التوصّل بعد إلى صيغة محددة بشأن هذا التحرك لافتا إلى أن المشاورات لا تزال جارية حول إمكانية اللجوء لتطبيق المادة 16 من اتفاقية روما التي تعتبر الأساس القانوني لتشكيل المحكمة الدولية. وأضاف المسؤول أن بعض الدول ما زالت تصر على موقفها الرافض لتفعيل المادة 16 مرجحا أن يصدر رد فعل من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ستقوم على أساسه ليبيا بالدعوة لعقد مشاورات بشأن مذكرة الاعتقال. ق.د