يدخل استغلال مياه النيل منعطفا تاريخيا مع توقيع دول منابع النيل منفردة، أمس الجمعة، على اتفاقية إعادة تقسيم مياه النيل بمعزل عن دولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تشددان على حقوقهما “المكتسبة” في المياه أطراف تتحدث عن حرب مائية قادمة وأخرى تفضل مد جسور الثقة وقد نقلت الصحف المحلية تصميم دول المنبع السبع على توقيع اتفاقية جديدة، مشيرة إلى تصريحات وزيرة المياه الأوغندية، جنيفر نامويانجو بياكاتوندا، التي أعلنت أن عملية التوقيع ستنطلق الجمعة في عنتيبي بأوغندا، موضحة أن الدول التي تعتبر أنه لا يمكنها التوقيع الآن ستمنح لها مهلة سنة للقيام بذلك، في إشارة إلى مصر والسودان، وهما مع ذلك أكبر مستهلكين لمياه النيل. وحذرت من أن المفاوضات انتهت وبنود مشروع الاتفاق الحالي لن تتغير. وكانت مصر، التي تحصل على 95 في المائة من احتياجاتها من مياه النيل، قد شددت على أنها تحتفظ بحقها في اتخاذ الوسيلة المناسبة للدفاع عن حقوقها في مياه النيل باستخدام الدفوع القانونية والقنوات الدبلوماسية في ذات الوقت مؤكدة رفضها لأية خطة جديدة لتقاسم مياه النيل. واعتبرت أن التوقيع على اتفاقية بمعزل عن دول المصب “يخالف بشكل أساسي المبادئ الأساسية التي تقوم عليها مبادرة حوض النيل من حيث ضرورة توفر الاتفاق بين كافة دول الحوض والتحرك إلى الأمام بشكل جماعي حفاظا على وحدتها”. وصرح وزير الموارد المائية والري المصري أمام مجلس الشعب أن بلاده تعي تماما بأن مياه النيل هي قضية “أمن قومي، وأنه لن يسمح تحت أي ظرف بالمساس بحقوق مصر المائية”، مشيرا إلى أن قواعد القانون الدولي تحمي حقوق مصر في ظل الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع هذه الدول خاصة اتفاقيتي 1929 و1959 واللتين تضمنان، كما قال، عدم المساس بحصة مصر المائية“. وفي ردها، أكدت وزيرة تنمية الموارد المائية الكينية، تشاريتي نجيلو، أن مثل هذه الاتفاقيات الاستعمارية التي تم إبرامها دون التفاوض مع دولة كينيا المستقلة “ليست ملزمة بالنسبة لنا”. ودعت مصر والسودان إلى إعادة النظر في موقفيهما. وقد شهدت الساحة السياسية والبرلمانية والإعلامية في مصر نقاشات حادة حول تعاملها مع ملف “حوض النيل”. وطالب نواب في مجلس الشورى المصري بأن تحتفظ بلادهم بكل الخيارات التي تحقق مصالحها، بينها استخدام القوة. وترى مصادر إعلامية في القاهرة أن هناك فريقين في مصر، أحدهما يؤكد أن هناك حربا مائية قادمة. ويذهب هذا الفريق في تحليلاته البعيدة إلى الوجود الإسرائيلي المكثف في دول المنابع، الأمر الذي يعزز احتمال قيام حرب مياه مستقبلا، بينما يؤكد الفريق الآخر أن الأزمة سيتم احتواؤها بعيدا عن التشويش، وأنه بمزيد من الاتصالات ومد جسور الثقة مع دول المنابع سيتم تطويق الموقف. وقد اعتبر ملاحظون أن الاستنتاجات التي وصل إليها البعض في أن إسرائيل وراء أزمة النيل قابلها استياء” شديد” من قبل دول المنابع “لأنها ترى في ذلك إهانة باعتبار أن أمورها تدار من قبل دول أخرى”، معتبرة أنها مجرد مزاعم.