منظمة الصحة العالمية تصنفها في خانة الاضطرابات العقلية ألعاب الفيديو.. إدمان جديد يُدمّر عقول المراهقين * تجار الهوس يحصدون ثروات طائلة تقضي شريحة كبيرة من الشباب ساعات طويلة أمام أجهزة ألعاب الفيديو ووسائل التفاعل مع عالم افتراضي يدمر النمو العقلي والجسدي ويؤثر على السلوك النفسي والمجتمعي لهم بشكل كبير فيما يجني تجار تلك الألعاب وأصحاب الشركات المنتجة لها مليارات الدولارات سنويا مقابل هذا الهوس الجديد وقد أدرجت منظمة الصحة العالمية مؤخرا اضطراب إدمان ألعاب الفيديو ضمن قائمة الاضطرابات العقلية في النسخة النهائية لقائمة الأمراض المعترف بها دولياً لعام 2018 وأوضحت المنظمة أن هذا الاضطراب سيندرج في إصدارها رقم 11 للتصنيف الدولي للأمراض وتأتي خطوة الاعتراف بإدمان تلك الألعاب الإلكترونية كمرض نتيجة للهوس المستشرى بين المراهقين والشباب بها. نسيمة خباجة /ق.م بدأت ألعاب الفيديو بهدف التسلية واكتساب المهارات للصغار والشباب واختلفت أنواع تلك الألعاب من حيث المحتوى فكانت هناك ألعاب ذكاء ورياضة وسباقات وقتال وألغاز وألعاب محاكاة وألعاب العالم الافتراضي وغيرها من الألعاب الفردية أو الجماعية ويعود تاريخ بداية ألعاب الفيديو إلى عام 1952 حين اخترع البرفيسور الأمريكي توماس جولدسميث لعبة (cathode ray tube) وتوالت الاختراعات حتى قفزت من بدايات متواضعة إلى تطور تقني هائل في تصاميم الجرافيكس والمؤثرات الحركية والبصرية والصوتية لتستحوذ ألعاب الفيديو على الأوقات الثمينة للأطفال والمراهقين الشباب لجاذبيتها وقدرتها على التسلية والترفية. أرباح الشركات المختصة في ارتفاع حسب إحصائيات أجرتها دراسة أمريكية فإن هناك 1 2 مليار مستخدم نشط لألعاب الفيديو حول العالم مبينة أن السنوات الأخيرة حققت الشركات المصنعة لألعاب الفيديو مكاسب كبيرة حيث بلغ حجم سوق صناعة ألعاب الفيديو العام الماضي 100 مليار دولار فيما يبلغ حجم سوق ألعاب الهواتف الذكية حالياً 50 مليار دولار ومن المتوقع أن يصل بنهاية عام 2019 إلى 118 6 مليار دولار فيما بلغ حجم سوق الرياضات الإلكترونية العام الماضي إلى 1 8 مليار دولار وتعتبر الصين أكبر سوق في العالم لألعاب الفيديو حيث يبلغ حجم سوقها 28 مليار دولار وعدد 500 مليون مستخدم لألعاب الفيديو تليها دول أوروبا ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية أما بالنسبة للشرق الأوسط فقد بلغ حجم سوق ألعاب الفيديو إلى 3 مليار دولار واحتلت تركيا النصيب الأكبر من السوق تلتها السعودية بحجم سوق بلغ 502 مليون دولار. المراهقون الفئة الاكثر ادمانا وعن أسباب انجذاب الشباب لألعاب الفيديو اكد بعضهم على تعلقهم بألعاب الفيديو وألعاب المحاكاة التي تنقلهم لعوالم افتراضية وخيالية جذابة وتنمي بعض المهارات وتوفر لهم في أوقات الفراغ أجواء حماسية وممتعة سواء كانت ألعاب فردية أو جماعية. يقول صاحب قناة على اليوتيوب والذي يتابعه مليون ونصف مشارك: لقد صممت ألعاب الفيديو لتجذب شريحة الشباب ولهذا فإن أغلب مستخدميها من المراهقين إلى ما فوق 18 سنة ولفت إلى أن أكثر الألعاب الإلكترونية إقبالاً هي ألعاب الفيديو الجماعية على الإنترنت سواء كانت رياضية أو أسلحة وتصويب أو الألعاب الاستراتيجية. وبين أن دول شرق أسيا الصين وكوريا وتايلاند تعتبر من أكبر الدول المنافسة بتلك الألعاب. ضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم يحذر المختصون من خطورة ترك الأطفال على ألعاب الفيديو الموصلة بشبكة الإنترنت دون مراقبة ومتابعة من الأهل فمن الضروري أخذ الاحتياطات اللازمة لحماية الطفل من المواقع السيئة وترشيحها والبحث عن التقنيات وبرامج المراقبة التي تساعد على توفير قدر من الحماية من جرائم الإنترنت. ناهيك عن مخاطر الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت ويوضح المختصون أن من أكثر الأساليب المستخدمة لاستدراج الأطفال تكون عبر الألعاب المباشرة على الإنترنت والمحادثات التي تتم فيها إضافة إلى مواقع الشراء الإلكترونية فالجماة يلجأون لاستخدام أساليب إجرامية مثل ابتزاز الطفل وتهديده بنشر معلوماته السرية الخاصة وإرهابه بها بعد اكتشاف الجاني لشخصه وكسب ثقته عن طريق مشاركته الألعاب الإلكترونية وهنا تأتي استجابة الطفل إما لرغبة الضحية الناتجة من الزيارت للمواقع الإباحية أو للحاجة المادية أو من الخوف من تنفيذ الجاني تهديداته. ألعاب الفيديو تسبب العزلة والانطواء يرى مختصون في علم الاجتماع أن ألعاب الفيديو تسبب مجموعة من المخاطر منها العزلة والانطواء للشباب والمراهقين وتبعدهم عن المشاركة في الحياة الاجتماعية والإضرار بالنمو العقلي ورفع نسبة الإصابة بالسمنة وكلما زادت ساعات المكوث أمام الألعاب الإلكترونية زادت عزلتهم عن المجتمع لذلك على الأهل تحديد أوقات اللعب ساعة أو اثنين على الأكثر وتشجيعهم إلى ممارسة الألعاب الحركية البدنية بدلاً من الإلكترونية. فمن الضروري البحث عن بدائل لألعاب الفيديو ورفع وعي الأسر بآثارها السلبية على الشباب وهنا يبرز دور الأمهات والآباء في مشاركة أبنائهم في أوقات فراغهم واختيارهم لمحتوى الألعاب التي يلعبونها والتي تلتزم بالقيم وتبعد عن العنف والحدة. نحو ابتكار ألعاب جذابة تخدم العملية التعليمية لا شك أن التطور التقني الذي لحق بكل شؤون الحياة المعاصرة قد لحق أيضا بالألعاب والابهار الذي أحاط بكل منتجات التقنية قد أحاط أيضا بالألعاب ومثلما وقعنا نحن الكبار في عشق منتجات التقنية الحديثة وقع أبناؤنا أيضا في عشق تلك الألعاب لعل الفارق الهام بيننا وبين أبنائنا أننا نرضخ أكثر لالتزاماتنا اليومية فنتمرد في بعض ساعات النهار على تلك المنتجات أما الأبناء فإن أوقات فراغهم الطويلة قد ساعدت على تمكن تلك الألعاب منهم. يجب على الأسرة أن تشرك أبناءها في كثير من المهام الأسرية وتخفف من انسياقهم وراء تلك الألعاب أما بالنسبة للمناهج التعليمية فيمكنها الاستفادة من تلك التقنيات وابتكار ألعاب تخدم العملية التعليمية شريطة أن تكون على نفس القدر من الجمال والإقناع وإذا نجحت تلك الألعاب المبتكرة في إقناع الأبناء فإنها سوف توفر لهم ألعابا مأمونة على أخلاقهم وعاداتهم وإلى أن يتم ذلك فلا بد من تفعيل دور أندية الأحياء وتنويع برامجها والتركيز على الرياضة البدنية لإحلالها تدريجيا محل جزء كبير من الوقت الذي تستغرقه تلك الألعاب فالألعاب الإلكترونية ليست مشكلة في حد ذاتها وإنما المشكلة في اتساع مساحة الوقت الذي تستغرقه وما يترتب عليه من إجهاد للبصر والبصيرة عند أبنائنا.