مع بداية موسم اصطياف، عاد باعة الشاي الصحراوي للانتشار مجددا بالقرب من الشواطئ والمرافق العمومية، حيث لم تعد هذه التجارة مقتصرة على أيام البرد والشتاء بل أصبحت تمتد على مدار فصول السنة، فهؤلاء الباعة القادمون من الجنوب الجزائري تحدوا البطالة خاصّة في ظل غياب البديل. يلقى هؤلاء الباعة الجوالون إقبالا كبيرا من طرف المواطنين الذين يتوافدون بأعداد هائلة على هذه المناطق للترفيه والسياحة، حيث يغتنمون الفرصة لتناول كوب شاي مرفوق ببعض المكسرات، بعد أن جذبتهم نكهة الشاي الصحراوي المميز من جهة ومن جهة أخرى لحسن معاملة الباعة للزبائن، وهذه المعاملة الطيبة تعكس جود وكرم سكان الصحراء الجزائرية. ليس من السهل أن تحمل إبريقا من الشاي وتجوب به الشواطئ والمنتزهات خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، فبالقرب من شاطئ ازير المتواجد يتواجد العديد من باعة الشاي الذين يستغلون الحركة المتواجدة بالمكان والتي تزداد وتيرتها في فصل الصيف لإنعاش تجارتهم، وقد اقتربنا من "سليمان" الذي كان يحمل إبريق الشاي الأصفر وقفة مليئة بالمكسرات والأكواب وأوراق النعناع، فأخبرنا أنه يقطن في ولاية بشار وأنه يمتهن هذه المهنة منذ سنة بالضبط، وأنه اختار هذا المكان لكثرة الوافدين على الشاطئ سواء في فصل الشتاء أو في فصل الصيف فهذا الشاطئ يتوافد عليه المواطنين طيلة العام، يضيف، مشيرا أن الكثير من باعة الشاي الصحراوي يتمركزون في فصل الشتاء في كبرى شوارع العاصمة بالقرب من الشركات والإدارات، ولكن بمجرد بداية موسم الاصطياف يتوجهون إلى الشواطئ لكثرة الإقبال عليها. آخر، وهو حميد القادم من تمنراست قال أنه سعيد بعمله الذي يعتمد على قوة وإرادة جبارة، ورغم البرد والحر الذي تعرفه تلك المنطقة بالأخطار المحدقة به خاصة في فصل الشتاء حيث يتوافد على الشاطئ بعض الشباب المنحرف الذين يتعمدون مضايقته إلا أنه يتحدى من أجل لقمة عيشه كل الصعاب. كما أخبرنا أنه يطمح لعمل أفضل من هذا لأنه يرهقه جدا وفي بعض الأحيان يجد نفسه محل سخرية من طرف الأطفال ورغم هذا هو يعمل بكل جد ليسترزق أفضل من أن يمد يده للتسول، أو يحرق نفسه، وقد أجمعت بعض الفتيات اللائي قصدن الشاطئ للترويح عن أنفسهن أن باعة الشاي يتميزون بالبساطة، وأنهم، وعلى عكس كثيرين يتعاملون بشكل جيد، ولطف مع الزبائن، بالإضافة إلى أن الشاي الذي يقدمونه لديه نكهة خاصة لأنه ببساطة شاي صحراوي أصيل يجلبونه من الصحراء بالإضافة إلى أنهم يقدمون للمواطنين خدمة بأسعار زهيدة حيث يتراوح سعر كوب الشاي ما بين مابين 10 و15 دينارا ناهيك عن بيعهم للمكسرات كاللوز والفول السوداني والفستق، كل هذا جعل تجارتهم تنجح، رغم أنهم قطعوا مئات الكيلومترات من أجل لقمة العيش المرّة أحيانا، أو في بعض البلدان.