ربيقة يشرف على إحياء ذكرى عيد النصر    رقم الأعمال يرتفع ب15 بالمائة    5 معطيات تنسف مزاعم روتايو    الوالي يعاين أشغال مشروع إزالة التلوّث من وادي الرغاية    مطاعم الرحمة.. موائد مبسوطة لعابري السبيل في رمضان    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    مخططات مغرضة تستهدف الجزائر    الجزائر وتونس تُنسّقان لتأمين الحدود    وزير الاتصال ينظم مأدبة افطار لفائدة الأسرة الإعلامية الوطنية    الجزائر تُحضّر لإطلاق الجيل الخامس للنقّال    الجزائر تستنكر صمت مجلس الأمن    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى أزيد من 49 ألف شهيد و 112 ألف جريح    الوادي : تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني الطيار المقدم نصر بكوش بمقبرة سيدي يوسف    وزيرة البيئة تؤكد أن الدولة عازمة على تحقيق نقلة نوعية في تسيير قطاع البيئة    الخارجية تُصدر بيانًا حول رفض فرنسا تسليم بوشوارب    المغرب: تحذير من مخاطر الاختراق الصهيوني الذي طال كافة المجالات في المملكة    الرابطة الأولى: فوز شباب بلوزداد على اتحاد بسكرة (4-2)    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    تشغيل: بن طالب يبرز جهود القطاع في عصرنة المرفق العمومي ضمانا لجودة الخدمات    نسبة جاهزية موزعات البريد الآلية بلغت 96 بالمائة عبر الوطن    سويسرا : يوم تضامني مع المعتقلين السياسيين الصحراويين و حملة توقيعات للمطالبة بالإفراج عنهم    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفية بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    اليوم الدولي للغابات: تنظيم حملات للتشجير والتحسيس حول الحفاظ على الثروة الغابية بغرب الوطن    سعداوي يشدد على ضرورة اتخاذ التدابير الكفيلة لتسيير الفصل الثالث في أحسن الظروف    نحو إدراج التراث الأثري لمدينة تبسة ضمن القائمة الإرشادية للتراث العالمي بالجزائر    بطولة إفريقيا للمحليين 2025 : المنتخب الوطني يجري ثاني حصة تدريبية له    وفاة الصحفية السابقة بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    مونديال 2026: "الخضر" يكثفون تحضيراتهم قبل التوجه إلى فرانسيس تاون    حشيشي يؤكد على ضرورة الالتزام بآجال المشروع الجديد لضغط الغاز بغرد النص    وزير الداخلية و الجماعات المحلية و التهيئة العمرانية في زيارة عمل إلى ولاية قسنطينة    الجمعية الثقافية السينمائية "أضواء" تحيي الذكرى ال63 لعيد النصر    روتايو.. شر بشري وغباء إداري    في باكستان.. حرصٌ على اللباس المحتشم    ورشة مفتوحة لتغيير وجه المدينة    خطوات جديدة لمرافقة وترقية الاستثمار    "بريد الجزائر" يطلق صفحة خاصة بتطبيق "بريدي موب"    المسموح والممنوع في الخدمات الرقمية نحو الخارج    نجوم في بيت الفن والسمر    اختبار صعب ل"الخضر" في طريق التأهل لمونديال 2026    يوسف بلايلي سلاح بيتكوفيتش في مباراة بوتسوانا    لهفة الصائمين تعترض مساعي الحد من تبذير الخبز    7 متنافسين على المقعد الرياضي الأكثر نفوذا    الجزائر تدين بشدة الهجوم الإرهابي على موكب الرئيس الصومالي    مهرجان للإنشاد والمديح بسكيكدة    الخضر يبحثون عن الفوز للاقتراب من المونديال    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    الحويني في ذمة الله    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندنا تمتزج الثقافة بالسياسة
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 02 - 2020

في ذكرى رحيل كونفوشيوس الجزائر(عبد الحميد مهري):
بقلم :جمال نصرالله *
تواجد الحنكة لدى أي شخص حسب علماء النفس يفسرها منحيان الأول هو أنها هبة ربانية يبعثها فيمن يشاء والثاني هي أنها مكتسبة أي تُتكون وتتبلور مع مرور السنين وتراكم التجارب حتى تُنعت فيما بعد بالخبرة الجليلة والأكيد أن الصفة الثانية هي الأقرب لوضع شخصية كالمرحوم عبد الحميد مهري فيها. دون إهمال نيله الجزء الأكبر من الأولى لأنه حتى المواهب في حد ذاتها تتطور وتُصقل بالمتابعة والإستمرارية والتطعيم المعرفي...فقد كان منذ منتصف السبعينيات وحتى بداية القرن ال21ملهم الكثير من المثقفين والمتابعين من أصحاب الرأي كونه كان وظل صاحب خطاب مقنع وتشعر وأنت تستمع إليه بأنه صاحب شخصية كاريزماتية قوية يتحدث بثقة تامة في النفس.وهذا عكس الكثيرين خاصة من الساسة الذين كانوا يتحدثون ولا يعرفون إلى أين هم ذاهبون بمستمعيهم إلى أن يسقط الجميع معهم في متاهات مظلمة يوم تختلط عليهم المصطلحات وتتشابك أمام رؤاهم الإتجاهات والرؤى ثم يتيهون هم أنفسهم بشحمهم ولحمهم قبل توهان مشاهديهم.
مرت مؤخرا ذكراه الثامنة أي قبل نهاية جانفي2012 وقد اجتمع في أكثر من منبر عدد وفير من رفقاءه أو حتى من معارضيه ليعترفوا بحجم الفراغ الذي تركه هذا الرجل النابغة فقد شبهه رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم بدينامو السياسة في الجزائر وأنه كان سابقا لعصره وهذه نقطة مهمة تعني فيما تعنيه أن الأفكار النيرة كانت تولد عنده هكذا على السليقة دون تكلف أو إجهاد لأنه صاحب خزان دائم النبض والعطاء. ولا مناص له من الخجل او الارتباك والشيء الذي لا يعرفه الكثيرين هو أن المرحوم مهري كان قارئا نهما لذخائر وأمهات الكتب .وهذا ما ممكنه وساعده على تمتين رصيده المعرفي.زيادة على تقربه ومعرفته لعدد لا يستهان من المثقفين سواء في الدول العربية أو هنا في الجزائر...
والسابقين لعصورهم من المفكرين يعني دائما وأبدا ممن يحوزون على سمات العبقرية المبكرة لأنهم يستشرفون الأحداث ويتنبؤون لحدوثها...هذه الرحابة من الأفكار جعلت مهري دائما وأبدا رجلا يجنح للسلم.....وهذا ليس ضعفا منه أو جبنا بل ناتج عن إيمانه القطعي بأن المحبة دوما هي الفيصل الأخير في تقارب الأفكار والأشخاص .وأن نهاية أي صراع لابد أن تنتصر فيه الإنسانية ولا شيئا غيرها .فقد كان أول من دعا إلى الحواردون إقصاء أو استثناء وأنه كان رجلا ديمقراطيا على حد قول بلخادم وموسوعة تنتج المصطلحات والمفاهيم... ومحسن لتوظيفها زمانا ومكانا.عكس كثير من المحللين السياسيين الذي همهم الوحيد هو الإستعرض العضلي في ذكر المصطلحات دون وضع أهمية فهمها أم لا ؟ا
نقطة أخر يجب أن ننتبه إليها وهي أن المرحوم مهري مهما كان محسوبا على الحزب الحاكم آنذاك(جبهة التحرير) فقد كان يبدو دوما مستقلا في أفكاره وينحو غالبا نحو عدم التحزب.تغلب على شخصيته صفة المفكر المثقف والمستقل بل قل الكاتب الحر...وهذه ضرورة ملحة يتسم
بها معظم حملة الهم الفكري والاجتماعي(وقد كان أول من استعمل مصطلح السلطة الفعلية في إشارة إلى سلطة الأمر الواقع بعد توقيف المسار الانتخابي)
وكان يرفض استعمال مصطلح إرهاب بل يصفه بال (العنف السياسي) وهذه دبلوماسية صرفة تجذب العقول والنفوس بل تجعل الجميع في صفها. وحسب متتبعيه فقد تألم صاحبنا كثيرا يوم تم وصفه بالخائن حينما شارك في ندوة سانت ايجيديوعام1995بإيطاليا. لأن ذهابه للمشاركة كان نابع من كونه رجلا ظل دوما يبحث عن الحلول السياسية. والتعامل مع المسائل مهما كانت شدتها وصعوبة تفكيكها وتشعبها .أما محمد خوذري فقد وصفه بكونفوشيوس الجزائر(حكيم الصين) لأنه كان بحق فيلسوف السياسة. وهذا هو التعبير المناسب للسياسة الحاكمة والفعلية إن لم يكن صاحبها فيلسوفا بحق وليست خطاباته ديماغوجية أو مجرد كلام فضفاض.ويضيف خوذري بأن مهري رجلا توافقيا يرفض الاصطدام مع الغير سواء مع الأفكار او المواقف.(وهذه نقطة جوهرية تنتم على الروح السمحة المتطلعة إلى نشر الفكر الانساني الذي تناصره جميع الديانات والشعائر)وكان ذا نظرة ثاقبة تصيب الأهداف الحقيقية خاصة فيما يأتي ويلحق ومستشرف بارع للأحداث ومتحدث لبق ورجل حصافة وحذاقة...وهذه السمات كلها والتي أشرنا إليها آنفا لا يمكنها أن تتحقق في مجرد رجل سياسي أي يحوز على حزب أو أحد أعمدته ومؤسسيه لأن كل هذا سهل من ناحية الإجراءات القانونية . بل هو مالك لميكانيزمات الفعل السياسي الراشد الحكيم وديمومته...بعدها يساءل زميله المخلص المؤرخ العربي الزبيري(ماذا لو كان مهري يعيش بيننا اليوم) وشاهدا على نتائج التحولات التي جاءت بعد الربيع العربي بحلوها ومرها وهو من عايش مختلف مراحل الجزائر منذ بدايات الحركة الوطنية والثورة التحريرية واتفاقيات ايفيان وبداية الربيع العربي...نعم ماذا لو كان بيننا اليوم ما الذي كان سيقوله مثلا مع حراك 22فيفري وقبل
انتخابات ال12 من ديسمبر....أكيد أنه كان يتدخل وينوّر الرأي العام بأفكاره.بل كان أحد الشخصيات التي يستدعيها سعادته عبد المجيد تبون ويستشيرها مثلما فعل مع آخرين..
إذا نقول في الأخير ما أحوجنا اليوم لمثل هذه الشخصيات التي يلزمنا سنينا وحِقبا حتى نعثر عليها.ونقصد من بمقدوره أن يثقف السياسة ويجعلها في مراتب الخصائص المفيدة للمجتمع والدولة والأمة جمعاء وليس لتحقيق مآرب شخصية ضيقة..أو الدعوة لإحياء بعض النعرات الجهوية والقبلية....والخلاصة أن وراء كل مثقف حقيقي طاقة سياسية خلاقة يستطيع بها تحقيق المستحيلات.كما يجب من جهة أخرى أن يكون وراء سياسي حقيقي طاقة ثقافية وإبداعية تمكنه من إرشاد الأمة والأخذ بيدها دوما نحو الأفضل وتجسيد الطموحات. وهذا ما سوف نلتمسه بحول الله تعالى في جزائر جديدة نسعى جميعا للوصول إليها....وقد أفادنا الحراك كثيرا يوم أبان وبطريقة شفافة الطاقات الحقيقية التي تزخر بها الجزائر.فقط لا بد من توظيفها توظيفا حسنا ومجديا والإستفادة من خبراتها ..حتى لا يأتي اليوم الذي سنبكي عنها مثلما ها نحن نبكي عن عبد الحميد مهري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.