نظمت عائلة الراحل سي عبد الحميد مهري، تأبينية لرجل الإجماع، بعد مرور شهرين من وفاته، وحضر هذا اللقاء عدد كبير من الشخصيات الوطنية والعربية التي أبت إلا أن تثني على روح الفقيد الذي استطاع بتواضعه وعمق شخصيته أن يترك بصمات خالدة، مجسدة في انجازاته، سلوكه وفكره وكذا حبه لوطنه وأمته العربية، الأمر الذي جعل الجميع يحترمه حتى من عارضوه في مواقفه وأفكاره. عج قصر الثقافة بالعاصمة، أمس، بمحبي عبد الحميد، الذين لم يترددوا في تلبية النداء وكانوا في الموعد استجابة للتأبينية التي نظمتها عائلة الفقيد مهري رحمه الله، وكان ابنه سهيل في استقبال الضيوف ابتداء من الساعة الثانية زوالا، هي وقفة حقيقية فضل البعض تسميتها بالأربعينية ، فيما رآها البعض الآخر تأبينية حقيقية لرجل المواقف، الوزير محمود خوذري، رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، بوعلام بن حمودة، أعضاء اللجنة المركزية بالأفلان وأمناء محافظات الحزب وكذا مناضلين وغيرهم من الحضور ورفقاء الفقيد على غرار دماغ العتروس والشيخ رحاب، إضافة إلى أصحاب المعالي والسعادة، سفير فلسطينبالجزائر، السفير السعودي. وقد استهل ابن الراحل عبد الحميد مهري، سهيل مهري خطابه بكلمة ترحيبية للحضور الذين قدموا من كل ولايات الوطن وحتى من دول عربية للمشاركة في هذه التأبينية، كما خص أصدقاء والده وكل من أحبوه بتحيات خالصة، فيما أثنى على بعض المناضلين في الوطن العربي الذين تعذر عليهم الحضور مثل الأمين العامين العام للمؤتمر القومي العربي والأمين العام للمؤتمر الإسلامي، لأسباب مرتبطة باليوم العالمي للقدس الذي يشهد مظاهرات كبيرة عبر عديد الدول العربية. وقد ألقى عدد من المشاركين كلمات بالمناسبة على غرار رحاب مكحل، المديرة التنفيذية للمؤتمر القومي العربي، وكذا وزير الخارجية الأسبق، الأخضر الإبراهيمي، الذي أشاد بخصال الفقيد واستذكر بعض المواقف التي جمعته بالرجل، مشيرا إلى وطنية مهري وأخلاقه السامية، كما تم قراء ة بعض الكلمات التي أرسلها المعتذرين عن الحضور، مثل الأمين السابق للمؤتمر القومي العربي، خير الدين حسيب، ورئيس مركز دراسات الوحدة العربية، الذي قال إنه كان محظوظا بالتعرف على مهري وأن علاقته معه تجاوزت أي علاقة مع قيادات سياسية أخرى، وأنه شخصية جمعت بين النضال والوطن، السياسة والفكر الذي اتسع ليتجاوز الجزائر ويشمل كل الوطن العربي. بدوره المحامي خالد السفياني من المغرب، جاء في رسالته التي بعث بها، أنه تردد في الكتابة عن عبد الحميد، لأن هذا الشخص في رأيه هو أكبر من الزمن الذي يحكى والمجلدات التي تكتب، وقال إنه تعلم منه الصبر والإيمان والتفاؤل والابتسامة التي انتصر بها مهري على الأزمات، كما بذل كل الجهود لبناء مغرب عربي، ولم يتردد ليت شبيلات رئيس اتحاد المهندسين الأردنيين سابقا، في الإشادة بخصال الرجل الذي قال عنه، إننا لم نفقد حبيب وحسب بل نموذج في الوطن العربي، ففضلا عن عروبة صادقة وإيمان راسخ بالله ورسوله، تجلت عنه مكارم الأخلاق والترفع عن المصالح، فكانت فيه مواصفات الأمير الذي كان يبحث عنه عمر الفاروق رضي الله عنه. أما محمد بجاوي فقد استرسل في الرسالة التي بعث بها إلى التأبينية وعنونها بمسار النور لخدمة الجزائر، في الإشادة بخصال عبد الحميد رحمه الله، الذي قال، إنه اكتشف مهري ببساطته وهدوءه وأكد أنه كان يعطيه نصائح غالية كانت بمثابة وحي بالنسبة إليه، فهو »صاحب الفكر النقدي وهو الرجل الخارق بسيرته وبساطته الطبيعية وتواضعه الذي لا ينفذ، علمني وجندني واشتغلنا من أجل انضمام الجزائر وإدخالها في كل المحافل الدولية خلال ثورة التحرير، لم أر أبدا عبد الحميد يغتاب شخصا وكان يحتفظ بأحكامه على الغير لنفسه، كان يحترم كل مخلوقات الله ويصبر على كل الناس، هو تجسيد للتواضع في صفته الطبيعية، كان بالفعل استثنائيا ومميزا...« هكذا ختم بجاوي كلامه على الراحل عبد الحميد مهري.