يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين... الحديث. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأْد البنات... الحديث. فالعقوق محرم قطعًا مذموم شرعًا وعقلاً.. فما معنى العقوق؟ يقول العلامة ابن حجر رحمه الله: العقوق أن يحصل لهما أو لأحدهما أذىً ليس بالهيِّن عُرفًا.اه. ويكون هذا الإيذاء بفعل أو بقول أو إشارة ومن مظاهره مخالفة أمر الوالدين أو أحدهما في غير معصية أو ارتكاب ما نهيا عنه ما لم يكن طاعة أو سبهما وضربها ومنعهما ما يحتاجانه مع القدرة... وغير ذلك. وقد اتفق أهل العلم على عدِّ العقوق كبيرة من الكبائر. يقول الله عز وجل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)[الإسراء: 23]. فانظر كيف نهى عن الإيذاء بالفعل أو بالقول حتى ولو كان كلمة أف التي تدل على الضجر. إن عقوق الوالدين الذي ظهر وانتشر وتعددت أشكاله وألوانه ليدل على انحراف خطير في المجتمعات عن شريعة الله تعالى التي جعلت رضا الله في رضا الوالدين وسخطه سبحانه في سخطهما كما في الحديث: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد . والتي جعلت الجنة تحت أقدام الأمهات فلن يدخل الجنة عاقٌ لوالديه ففي الحديث: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان بما أعطى . كما إن العاق لوالديه يعرض نفسه لدعاء والديه عليه ودعاؤهما مستجاب فقد ورد في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده . ومن صور العقوق أن يتسبب الولد في سب ولعن أبويه أو أحدهما فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه . قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسُبُّ الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه . ومن كان هذا حاله فإنه يعرض نفسه للعنة الله تعالى فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من لعن والده... .الحديث. كما إنه متوعد بعقوق أولاده له فكل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه في الحياة قبل الممات.