لقد بلغ سعر الذهب السقف في السنوات الأخيرة، وفي هذه السنة انتقل من الأربعة آلاف وسبعين دينار إلى الخمسة آلاف للغرام الواحد، مما جعل بعض الفتيات المقبلات على الزواج هذه الصائفة يطالبن خطابهن برفع ثمن المهر، وذلك حتى يتمكن من تغطية كل مصاريف العرس، ومنها الذهب الذي لا استغناء عنه في مثل هذه المناسبات. ارتفع ولا يزال الذهب سنة بعد أخرى، وهو الأمر الذي جعل النسوة يطالبن برفع مهورهن حتى يتمكنَّ من اقتناء بعض القطع من الذهب، خاصّة إن لم يتكفل العريس بشراء الذهب بنفسه وترك الأمر للعروس، حيث يمنحها مهرا لشراء الملابس وما يتبع ذلك وكذلك الذهب، أمّا المقبلات على الزواج هذه الصائفة، فقد احترن بين أن يستغنين عن شراء الذهب كلية ويستلفن بعض القطع للظهور بها في العرس، وبين أن يشترين قطعا صغيرة منه أو أن يجبرن أزواجهنّ على الرفع من قيمة المهر، على الأقل حتى يتسنى لهن تغطية كل المصاريف بين ملابس »التصديرة« كلها وشراء الذهب وغيرها من الحلي الضرورية، أو التي تعتبرها المرأة ضرورية، خاصة بالنسبة لليلة التي لن تعيشها إلاّ مرة واحدة في حياتها، أو تعتقد ذلك. اقتربنا من عمي الربيع، وهو صائغ ببلدية الأبيار، واستفسرناه حول سبب ارتفاع سعر الذهب في السوق، فقال إن ما يميّز سعر الذهب هو أنه مادة خاضعة لمبدأ العرض والطلب، أي أنه قابل للارتفاع والنزول بين ليلة وضحاها، ولهذا يتاجر به البعض، حيث يتربصون أوقات نزوله فيشترون منه ثم يبيعونه ما إن يرتفع ثمنه، أمّا المقبلات على الزواج، يضيف عمي الربيع، فإنهن وخاصّة هذه السنة صرن لا يشترين الذهب بل يستلفنه من عند صديقاتهن. ولأنّ الذهب يعتبر ضرورة قصوى لدى بعض الفتيات، ولا بديل عنه فإن الكثيرات بلغ بهن الأمر أن يؤجلن زفافهن حتى يستطيع العريس أن يجمع مبلغا تستطيع به أن تشتري الذهب، وأخريات تشاجرن مع خطابهن لأن هؤلاء لم يتمكنوا من دفع مبالغ كافية لشراء الذهب. هذا ما قصّته أم مراد، حيث خطب ابنها فتاة واتفقت العائلتان على كل شيء إلا أنّ الفتاة في النهاية أرادت أن تزيد من ثمن المهر، وذلك بحجة أن مبلغ خمسة عشرة مليوناً التي اتفقا عليها، لا يمكن أن تكفيها بين ملابس وجواهر، لكن أم مراد لم توافق على ذلك لأنّ ابنها ليس قادرا على دفع مبلغ أكثر، ثم إنها اعتبرت أنّ العودة في الكلمة المتفق عليها يعتبر إخلالا بالعهد، وبالتالي انتقاصا من قيمتها وابنها، كما أخبرتنا أم مراد أنّ الطمع هو ما يجعل بنات اليوم يخربن بيوتهنّ بأنفسهنّ. أمّا سعاد، والتي تستعد للزواج نهاية هذه الصائفة فقد أخبرتنا أنها هي الأخرى قد طلبت من زوجها أن يرفع ثمن المهر، لكنها دافعت عن موقفها بأنّ قالت إنّ الذهب ليس من الأمور التي يخسر فيها المرء، بل بالعكس، فهو مادة يمكن بيعُها في أي وقت، أي إنها ادخار لأوقات الشدة وليس مجرد زينة زائلة، فهي زينة وخزينة.