الشيخ قسول جلول إن إهلاك الأمم السابقة الذي قص الله علينا قصصهم في القرآن الكريم إنما كان قبل الإسلام لا بعده وتشهد له عدة نصوص قرآنية منها قوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . الأوبئة لا دين لها ولا عِرق ولا وطن وقد تُغيّر الديموغرافيا التاريخية وتُحدث الأزمات السياسية وتفرّق بين المشتاقبن والمحبين وتجعل دُور العبادة بدون عُبّادة . قرار وقف العمرة الذي اتخذه المنظمون فهو قرار من صميم مقتضى مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء لحفظ النفس البشرية. العالم الإسلامي يعيش منذ أسابيع في صدمة وهول بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد والذي انتشر في كثير من دول العالم مما يستوجب علينا جميعا اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للحد من انتشاره والتقليل من مخاطره بين الناس وذلك انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي حثنا على التضامن والتعاون على ما فيه خير للإنسانية جمعاء. ومن باب التعاون والتضامن دعت منظمة الصحة العالمية دول العالم إلى اتخاذ تدابير وقائية من هذا الفيروس الخطير فقرار توقف العمرة اعتبره البعض هو بمثابة عقاب من الله تعالى للمسلمين بسبب ما يقترفونه من الذنوب والآثام وارتكاب ما حرمه الله وهذا الرأي مجانب للصواب والمنطق والدين الإسلامي والقرآن الكريم نفسه لأن الله سبحانه وتعالى قرر في كتابه العزيز أن الحساب والعقاب سيكون غدا يوم القيامة وليس في الدنيا كما أنه جل جلاله تواب غفور رحيم جواد كريم يمنح رزقه ونعمه لجميع عباده مسلمهم وكافرهم ومشركهم وملحدهم يقول تعالى: كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا .. ومن يرى أن الله تعالى عاقب الأمم السابقة بعذاب استئصالي بعد تكذيبهم لأنبيائهم وعدم طاعتهم وهو ما قد يستند إليه البعض أقول: فتلك العقوبات كانت معجزات خصها الله تعالى بالأنبياء والرسل والمعجزات انقطعت بموت الأنبياء من جهة ومن جهة اخرى أن إهلاك الأمم السابقة الذي قص الله علينا قصصهم في القرآن الكريم إنما كان قبل الإسلام لا بعده وتشهد له عدة نصوص قرآنية منها قوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ بعد أن طلب منه صلى الله عليه وسلم كفار قريش إنزال العذاب بهم في معرض عنادهم وتكذيبهم وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَاب أَلِيم لأن بعثته صلى الله عليه وسلم كانت رحمة عامة للعالمين كما قال سبحانه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. فهناك نواميس كونية إلهية هي الحاكمة للاجتماع البشري قائمة على قوانين وسنن التدافع وهي تجري على البشر جميعهم ومن بين الأمور التي تمت معالجتها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بعقلانية ووعي ودراية وبمعرفة عميقة بفقه السنن الكونية بعض الأمراض المعدية فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يورد ممرض على مصح وصح عنه أيضا إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها وهي كذلك مقتضى مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء وجوهر الدين الإسلامي الذي كرم الإنسان وأحاطه بسياج من الممنوعات التي قد تضره كالمسكرات والمخدرات والنجاسات والسموم والخبائث يقول سبحانه ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث والهدف من وراء هذا كله هو حفظ النفس البشرية من الهلاك. - لكن الوباء الأخطر هي كيف نُعقّم ونطَهّر ألسنتنا من الكذب والبهتان والغيبة والنميمة وأيادينا من السّرقة وبطش النّاس والاعتداء على أملاك الآخرين . تلك الفيروسات التي تفتك بنا يوميا هكذا يمكن أن ننسب كورونا الى أنها جندٌ من جنود إبليس وليس إنذاراً من الله فقط عالمياً؟ إن كورنا بالنسبة للمعتمرين في مكة هي قُرْمطية نسبة القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود لمدة 22 سنة في القرن الرابع الهجري وهو ايضا -اي كورونا-من أتباع جيهان العتيبي الذي احتل بيت الله الحرام أسبوعين كاملين. الأوبئة لا دين لها ولا عِرق ولا وطن وقد تُغيّر الديمغرافيا التاريخية وتُحدث الأزمات السياسية وتفرّق بين المشتاقبن والمحبين وتجعل دور العبادة بدون عُبّادة إن الأوبئة ليست ضدّ الإنسان ولكنها ضدّ الله سبحانه وتعالى الذي لا يَغلِبه شيء(وهو الغالب على أمره).