* الشيخ محمد راتب النابلسي الصيام ثلاث مراتب: صيام الفم صوم المسلمين : صوم العموم. وصيام الجوارح صوم المؤمنين : صوم الخصوص. وصيام القلب صوم المتقين : صوم خصوص الخصوص. فانظر أين أنت من هذه المراتب؟ صيام عامة الناس: صيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات فإذا بقيت عاداتهم هي هي وأخلاقهم هي هي وصلتهم بالله على فتورها وانقطاعها فكأنهم لم يصوموا هذا الصيام لا يعتد به. مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. هذا صيامه كعدم صيامه لأنه لم يرقَ إلى الله عز وجل والله غني عن هذه العبادة الله عز وجل غني عن عبادة تبدأ بترك الطعام وتنتهي بتناوله. هذا صيام العامة صيام عن المفطرات لكن عاداته وأخلاقه كما هي بل إن غضبه يزداد في رمضان لأنه جائع هذا الصيام لا يريده الله عز وجل. صيام الفم كالناقة لا تعرف لم عقلت ولم أطلقت. خمسة يفطرن الصائم وينقضن الوضوء: الكذب والغيبة والنميمة والنظر بشهوة واليمين الغموس . *صيام الجوارح وصيام القلب: غاية الصوم أن تسمو نفسك إلى الله عز وجل فإذا سمت إلى الله طهرت واصطبغت بصبغته وصارت ذات أخلاق رفيعة وبهذا تصوم الجوارح عن المعاصي. أما صيام القلب فأن يصوم عما سوى الله عز وجل هذا صيام المتقين. مشغول بالله عما سواه. فليتك تحلو والحياة مريرة … وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني و بينك عامر… وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الوصل فالكل هين… وكل الذي فوق التراب تراب *صيام المتقين: صوم عما سوى الله فإذا كان أكثر وقتك لا يأتيك من الخواطر إلا عن الله فأنت من هؤلاء مشغول بالله قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ سورة الأحزاب : 41. الإنسان حين يمشي أو يركب يتحدث إلى نفسه ويجول بخاطره عشرات الأفكار والمشاغل سوف أعمل كذا وكذا سوف أشتري بيتاً وأتزوج … الخ في المساء افحص هذه القصص هل كلها متعلقة بالدنيا أم بالله؟ من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه شمله ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له. *راقب نفسك هل تأتيك خواطر متعلقة بالآخرة هل تخاف على مصيرك في الآخرة؟ هل أنت قلق على إيمانك؟ قلق على استقامتك؟ قلق على صلاتك؟ هل تخاف النفاق؟ هل تتأثر بكلام الله وكلام نبيه؟ هل تفكر في مقامك عند الله؟ إذا خواطرك من هذا النوع هنيئاً لك هذا صيام القلب عما سوى الله عز وجل. ويقول أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين : اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الصفات الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية.