على الرغم من منع تداوله أو بيعه في الأسواق بسبب المخاطر الصحية الكبيرة الناجمة عنه والتي تهدد صحة المستهلكين، إلا أن الملح غير المعالج أو الملح الخالي من اليود، لازال يعرض عبر عدد من الأسواق الشعبية وبعض المحلات أيضا، وإن كان يعرض فيها بنسبة قليلة نوعا ما بسبب الرقابة المفروضة من طرف المصالح المختصة، إلا أن المتجول عبر عدد من الأسواق يلاحظ أن هنالك طاولات كثيرة مازالت تعرض هذا النوع من الملح الخطير مقابل سعر يقدر ب10 دج فقط لا غير، في حين أن الملح العادي والمسموح بتداوله معروض بسعر يتراوح ما بين 25 إلى 40 دج. وبالنسبة لبعض المواطنين فإنهم يقتنون هذا النوع من الملح غير الصحي والذي يكاد يكون مسموما ومهددا لصحتهم بصورة كبيرة، لأجل بعض الاستعمالات الخارجة عن نطاق الاستهلاك الغذائي، كتجفيف جلود الأضاحي سواء خلال مناسبات عيد الأضحى أو المناسبات العائلية التي تقام صيفا ويتم فيها ذبح عدد من المواشي، فيتم اللجوء إلى الملح غير المعالج بمادة اليود والذي يكون متوفرا في بعض الأسواق بذلك السعر المنخفض وأحيانا أخرى ب5 دنانير فقط لا غير. أما الأغرب من كل ذلك فهو استمرار بعض المواطنين في اقتنائه واستهلاكه رغم إدراكهم في معظم الأحوال للمخاطر الصحية الناجمة عن استهلاك هذه النوعية من الملح غير المضاف إليه مادة اليود، فيقبل بعضُهم على شرائه مأخوذاً بسعره المنخفض، هذا فيما يبقى فرض الرقابة على الأسواق الشعبية من بينها سوق باش جراح الشعبي والأسواق الموازية صعباً نوعاً ما، خصوصا وأن من يعرضون هذه النوعية من السلع المغشوشة والممنوعة هم مجموعة من الشبان الذين ينصبون طاولاتهم هناك أو يفرشون مساحات صغيرة لسلعهم على الأرض، وتشير الإحصائيات المتوفرة حول هذا الموضوع إلى أن ما نسبته 80 بالمائة من الخبز المتداول يصنَّع بملح خال تماما من مادة اليود وأكثر من نصف الجزائريين يستهلكون ملحا خاليا من ماء اليود، وبالنظر إلى الأهمية الكبيرة التي يوليها الجزائريون لملح المائدة على موائدهم وأطباقهم، فإن استهلاكهم لهذه المادة الحيوية كبير للغاية، وبالنظر إلى محدودية دخل العديد من العائلات الجزائرية فإن بعضها يتجه إلى شراء هذا الملح غير المعالج نظرا لثمنه المنخفض، دون اعتبار إلى المخاطر التي يشكلها على صحتهم، أو جهلا من أساسه بهذه المخاطر وهو ما يستغله بعض التجار من ضعاف النفوس والباحثين على المكاسب المادية فحسب حتى وإن كان ذلك على حساب صحة المواطنين. ويتسبب هذا الملح المغشوش أو الملح غير المعالج بمادة اليود في تعقيدات صحية كبيرة وبعض الأمراض على رأسها أمراض الحنجرة أو تضخم الغدة الدرقية، والقصور الكلوي وأمراض القلب وسرطان الدم، وإجهاض النساء الحوامل وتشويه أجنتهم، بالإضافة إلى الأورام السرطانية وتعقيدات جسدية واضطرابات عصبية وفي بعض الحالات يسبب أيضاً مرض التخلف العقلي، وبحسب القوانين المعمول بها في الجزائر فإن القانون المتعلق بالبيع الإجباري للملح باليود يحدد نسبة اليود بين 50.55 و84.25 ملغ للكيلوغرام الواحد، وعليه وجب تنبيه المواطنين في المقام الأول إلى المخاطر الكبيرة المترتبة عن استهلاك هذا الملح المغشوش، وكذا مطالبة مصالح مراقبة النوعية وقمع الغش وكذا جمعيات حماية المستهلك بمضاعفة حملات المراقبة ومصادرة كميات الملح المغشوش المتواجدة في الأسواق، وزيادة الحملات التحسيسية في هذا الإطار. والمعروف أن »اليود« هو عنصر غذائي أساسي وحيوي يدخل في تكوين هرمون الغدة الدرقية اللازم للنمو والتطور الجسماني والعقلي وكثير من وظائف الجسم المهمة، ويعتبر أحد العناصر الأساسية في مكونات التغذية الجيدة. ويرى الخبراء أن الإنسان العادي يحتاج إلى كميات قليلة من اليود في الجسم تبلغ 150 ميكروغرام، أي أن الفرد يحتاج طيلة حياته إلى كمية من اليود لا تزيد على ملعقة صغيرة، وبالرغم من ذلك فهو بحاجة دائمة إلى اليود يوميا في ملح طعامه، كما تتراوح نسبة احتياج الأطفال والمراهقين من اليود ما بين 90 150 ميكروغرام من اليود يوميا.