في يومه الخامس، وقبل يومين من انتهائه لا يزال المهرجان الدولي للكتاب وأدب الشباب يستقطب عددا لا بأس به من العائلات التي تهتم بالمطالعة، وتريد أن تورث هذه الهواية الضرورية لأبنائها، هذا إضافة إلى البعض ممّن رأى في الفرصة مُناسبة للتفسح، خاصّة مع نهاية السنة الدراسية.. صالون كبير.. إقبال جميل.. محاضرات وندوات.. ولكن.. مصطفى مهدي من الحسن أن تنظم مثل هذه التظاهرات التي لا تسمح للأطفال باقتناء الكتب فحسب، ولكنها تزرع وتُرّسخ فيهم ثقافة المُطالعة، هذا إن وعى الأولياء أهمية القراءة في حياة الإنسان، والذي لم تعد هواية فقط، بل ضرورة يفرضها التحدي الحضاري الذي تقبل عليه الأمة جمعاء. الصالون الذي حمل شعار "حرِّر خيالك" لهذه السنة، بعد ثلاثة طبعات، دشن في الثاني والعشرين من شهر جوان الجاري، ومن المنتظر أن تنتهي فعالياته في التاسع والعشرين، أي بعد غد، في كل من ساحة رياض الفتح، وباب الواد بمركب الكيتاني، وبقصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة، وقصر المشوار بتلمسان، يشارك فيه أكثر من 30 كاتبا في أكثر من 15 دولة عربية وأجنبية، كما فتحت بنفس المناسبة مسابقة أحسن قصة قصيرة في اللغات الثلاثة: العربية، الأمازيغية، والفرنسية، ويتم تسليم الجائزة خلال حفل اختتام فعاليات المهرجان. ولقد اتجهنا إلى ساحة رياض افتح لنقف على أهم ما ميّز الطبعة، فكان أوّل انطباع من الجمهور أن استحسنوا المبادرة، تقول نادية سليماني، والتي كانت مرفقة بابنيها، 10، و15 سنة: "التظاهرة جميلة، وفرصة للمطالعة وشراء الكتب، لكن ما لم أحبه هو التوقيت الذي فضلت أن يكون على الساعة العاشرة مثلا، فأنا لا يمكنني التنقل ليلا، وحتى في ساعات المساء تكون المواصلات مكتظة، ولهذا لا بد أن يضع المنظمون بعين الحسبان هذا". السيد علي طبلاوي، أعجبه التوقيت، يقول: "في الحقيقة حتى لو كان الصالون يفتح أبوابه صباحا لفضلت المساء، ولكن لمَ لا تكون هناك مجموعتان، واحدة تعمل صباحا وأخرى في المساء؟ ولكن ما لفت انتباهي أنّ الأسعار ليست منخفضة، أو بعض العناوين لا تختلف أسعارها عمّا هو موجود في المكتبات، وهو أمر لا بدّ أن يوضع بعين الحسبان، حتى يكون هناك إقبال أكبر". ورغم أنّ الصالون، على العموم، أثار إهتمام وإعجاب العائلات التي أتى بعضها لمجرد التفسح، فإنّ البعض انتقد بعض العناوين، يقول سعيد بودور: "لقد أتيت مع ابني صاحب الثانية عشر سنة، وارى بعض الكتب التي لا تتوافق مع ديننا ولا أخلاقنا ولا مجتمعنا المحافظ، فمن السيئ أن نرى بعض العناوين التي تعرض صورا خليعة لفتيات شبه عاريات، وهو أمر مخجل حقا، حيث كنت مع ابني أمر بين الكتب حتى لاحظتها، صور لفتيات متبرجات، ومرتديات ألبسة لا نراها حتى على بعض القنوات التلفزيونية الجريئة، فما بالكم عندما تكون موجَّهة لأطفال، فلم أدرك ما أفعله، صحيح أنّ أبناءنا معرضون لرؤية مثل تلك الصور في كل مكان، ولكن عندما يكون برفقتي، وفي مكان من المفترض أن يكون عائليا، لا بدّ أن تصدمنا دور الإنتاج تلك بتلك الصور، لابدّ أنّ هناك رقابة على الكتب، ولكن لابدّ أيضا أن تعي ما مدى خطورة أن نعرض ذلك على أبنائنا، خاصّة وأنّ بعض الدور الأجنبية المشاركة لا تراعي ذلك، وعلينا أن نحن أن نمنعها". لكن للسيدة سهيلة. ن رأياً آخر، تقول: "كثيرون يعتبرون أنّ تلك العناوين موجودة في المكتبات، بل وأنّ الطفل لم يعد صغيرا مثلما نحسب، فهو يستعمل الأنترنات، ويشاهد التلفاز ولم يعد بإمكاننا أن نمنع عنه أي شيء"، وتواصل محدثتنا:"الحصانة الأولى والأخيرة هي الأخلاق، ومن الظلم أن نقول إنّ منظمي الصالون تعمدوا وضع تلك العناوين، والتي أنا شخصيا منعها عن ابنتي، ولكني أحسن تربيتها كذلك، وهو المهم، ما يزعجني أكثر هو الكتب المحرضة على العنف، والتي ورغم أنها محاربة من أكبر الأخصائيين النفسانيين في العالم، ومنذ سنوات، إلاّ أنها لا تزال تباع بشكل رهيب، وإن كان الأطفال لا يعون مدى خطورتها، فإنّ علينا أن نمنعها عنهم".