"احك لي كتابا" هو الشعار الذي تجدّد الجزائر مرّة أخرى من خلاله الوثاق مع الكتاب من خلال الدورة الجديدة من المعرض الدولي للكتاب الذي يرمي لأن يكون منتدى التقاء وتواصل بين الجزائر ومختلف الدول المشاركة والتي بلغ عددها ثلاثا وعشرين دولة بأكثر من 400 دار نشر، إذ يفتح غدا معرض الجزائر الدولي للكتاب أبوابه للجمهور في ظلّ التأكيد على ضرورة إعادته إلى مساره الحقيقي كفضاء يهتم بالكتاب، القارئ، الناشر والمثقف. ابتداء من الغد وإلى غاية الخامس من نوفمبر الداخل ستكون الجزائر قبلة لمحترفي ومهنيي صناعة الكتاب، ونقطة تجمّع معرفي واتصالي يحمل بين رفوفه وفي مختلف جنباته أبعادا مختلفة أهمّها التعريف بالإنتاج الفكري للدول المشاركة، ترقية نشر الكتاب، تطوير شبكات توزيع الكتاب، الحثّ على الاستثمار في مجال النشر والفنون المطبعية، تفعيل الاتصالات المهنية بين الكتَاب، الناشرين والمكتبيين، التحفيز على المطالعة، ترقية الكتاب العلمي، التقني والأدبي بشكل عام، وكذا ترقية كتاب الطفل. هذا الموعد الثقافي والتجاري الذي يعود للمرة الثالثة عشر والموضوع تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة، والمنظّم من طرف المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار مع شركائها وهي "المؤسسة الوطنية للمعارض والتصدير "سافاكس"، النقابة الوطنية لناشري الكتاب، جمعية المكتبيين الجزائريين والنقابة المهنية للكتاب بالتنسيق مع وزارتي الاتصال والثقافة، يسير على نفس خطوات طبعاته السابقة ولكن بإجراءات جديدة على غرار إعفاء الكتب المعروضة من الضرائب وخاصة منها الموجّهة للأطفال والشباب ومنع بيع الكتب بالجملة. الجزائر وفي محاولتها إعادة ربط الجزائري بالفعل الثقافي، واستضافة وجمع مختلف أطياف المشهد الثقافي من معربين ومفرنسين في معرضها الدولي للكتاب يعكس إرادة منظمي هذه التظاهرة في مواصلة رفع مستوى التنظيم وترقية المشاركة الوطنية والأجنبية في هذا الموعد الثقافي الهام الذي أريد له أن يقترب أكثر من أدب الطفولة والشباب من خلال رفع شعار "احك لي كتابا"، وفي هذا الشأن يشير السيد أحمد بوسنة رئيس اللجنة المنظّمة ل"مجدك" أنّ الغاية هي إثارة عالم النشر باتّخاذ هذا الموضوع شعارا لدورة 2008، وقال "هذا رهان حضاري لبلادنا"، معتبرا توافد 350 ألف زائر سنة 2007 جعل من هذا الموعد أحد أهم الأحداث في منطقتنا. وقد حرصت اللجنة المنظّمة العام الماضي على تعديل القانون الداخلي للمعرض عبر تقديم الجديد وذلك بالتأكيد على المشاركة بالإصدارات الحديثة على أن لا يتجاوز تاريخ إصدار المؤلف 5 سنوات، ومنع عرض الأقراص المضغوطة وأشرطة الكاسيت باستثناء الأقراص المضغوطة المرافقة للكتب، علاوة على تحديد خمسين نسخة كحد أقصى للنسبة الحصية لكل عنوان مدرج في القائمة المرسلة إلى اللجنة التقنية للمعرض. وعكس السنوات الماضية لم يتم تحديد ضيف شرف الدورة الثالثة عشر التي يطمح القائمون عليها لأن تكون مساحة يلتقي فيها محبو القراءة لانتقاء ما يلبي ميولاتهم من ضمن 120 ألف عنوان، وستشكّل "مجدك 2008" فرصة إضافة إلى اقتناء الكتب وآخر الإصدارات، لمتابعة مجريات برنامج ثقافي ثري ومتنوّع تدور محاوره حول شعار المعرض الذي اختير أن يكون بعنوان "احك لي كتابا"، بعد أن كان في "مجدك 2007" بعنوان " الثابت والمتحوّل في الثقافة العربية". وككلّ عام ارتأى منظمو هذه التظاهرة الدولية تنظيم لقاءات وندوات حول عدد من المواضيع التي تصب في شعار هذه الدورة من جهة ومع الثورة التحريرية التي يتزامن معها الصالون، وأيضا حول إسهامات العديد من الشخصيات الفكرية التي أعطت كتاباتها بعدا عالميا، وسيتمّ خلال "مجدك 2008" إلى جانب عملية البيع والشراء، مناقشة العديد من المسائل الأدبية والفكرية، إذ من المنتظر الاقتراب من "60 سنة من الكتابة النسوية في الجزائر"، "هل يوجد أدب جزائري؟"، "روّاد الحكاية المعاصرة"، "تجربة كتاب الطفل" إلى جانب "قراءات محرّرة في الإسلام"، "قراءة المخربشات في شوارع مدينة الجزائر"، "الإنسانية العربية الكلاسيكية والكتاب". وذلك علاوة على مناقشة "العلوم والمعرفة في إسلام القرون الوسطى"، "على آثار العرب والإسلام"، "مغرب الكتاب"، "الأدب المغاربي للطفل"، وكذا "العالم العربي في الأدب الإيطالي للشبان" و"الكتابة الروائية بالأمازيغية"، "أثر الترجمة في عملية ترقية اللغة الأمازيغية وتطوّرها بالجزائر"، "مستقبل المكتبات في المغرب العربي" و"أزمات العالم الإسلامي". ومن بين الوجوه البارزة التي يحتفى بها وينشط هذه اللقاءات مجموعة من المفكرين والجامعين جزائريين وأجانب من بينهم نصيرة بلولة وزينب لعوج، عائشة كاسول، رشيد مختاري، محمد صاري وفاطمة بخاي، مدرّس الثقافة الشعبية بجامعة تلمسان الأستاذ عبد الحميد حجيات، وسيلة تامزالي، محند أكلي حدادو، فؤاد سوفي، مصطفى شريف، الشيخ بوعمران، محمد لخضر معقال وكذا شريف لدرع وسفيان حجاج، من الجزائر. ومن الأجانب الذين أدرجت أسماؤهم في قائمة اللجنة المنظّمة لحضور الدورة الثالثة ومناقشة مختلف المسائل المتعلّقة بعالمي الفكر والثقافة نذكر غوستافو مارتين قارزو، فرناندو مارياس أموندو من إسبانيا، المتوكّل طه ومراد السوداني من فلسطين، ستيفن فايدر من ألمانيا، ماندلا لانقا من جنوب إفريقيا، يوسف صديق ولطيفة لخضر، فرج لحور وعبد الجبار العش من تونس، لورا ألكوبا من الأرجنتين، جوليانا سغرينا وماريا لويزا ألبانو من إيطاليا، يوسف كرباج، باسكال بونيفاس، ألان غريش من فرنسا وغيرهم ممن سيثري حضورهم فعاليات المقاهي الأدبية. معرض الجزائر الدولي للكتاب سيعرف على غرار الدورات السابقة أياما تكريمية تمسّ عددا من الوجوه الأدبية الجزائرية تخليدا لروحها وعرفانا بما قدّمته في النسيج الأدبي والثقافي وكذا الفني الوطني، إذ إلى جانب الندوات ستخصّص وقفات تكريمية تخليدا لكلّ من الوجه الأسطوري عمر ياسف، رائد الرواية الأمازيغية رشيد عليش، المناضل الفنان محمد بودية، أضف إلى ذلك عميد الصحافة الناطقة بالعربية الشيخ أبو اليقضان، الكاتب الثائر مصطفى بكوش، شاعرة الأنوراس آنا غريكي ونموذج الكرامة إيمي سيزار، كما سيتمّ أيضا تكريم شاعر المقاومة الفلسطينية الشاعر الذي رحل مؤخّرا محمود درويش في مقهى أدبي ينشّطه كلّ من المتوكّل طه، مراد السوداني، ستيفن فايدر، عز الدين ميهوبي وعبد العزيز سبع. وأكّد رئيس اللجنة التنظيمية لصالون الجزائر الدولي للكتاب السيد بوسنة في وقت سابق أنّ عمل اللجنة المنظّمة يرتكز بالأساس في السهر على السير الحسن لفعاليات المعرض، وتعتمد في عملها هذا على لجنة حكومية تضمّ وزارتي الثقافة والشؤون الدينية والأوقاف، تعمل على أن تحترم المبادئ الجمهورية وقوانينها، مؤكّدا على أنّ الكتب الحاملة للأفكار المتطرّفة مرفوضة من طرف جميع الأطراف، مرجعا هيمنة الكتب الدينية على سائر الكتب المعروضة خلال الدورات السابقة إلى منطق السوق الذي يتعامل به العارضون من منطلق دراسته للقارئ الجزائري وإقباله على هذا النوع من المصنّفات. هذه الدورة سيرافقها تنظيم ملتقى دولي يناقش موضوع "العالم العربي والغرب، صدام الحضارات واستراتيجيات الهيمنة" من خلال محاضرات عديدة على غرار تلك التي سيقدّمها يوسف كرباج "العالم العربي: ديمغرافيا ونزاعات في موعد الحضارات"، وباسكال بونيفاس "الرهانات في الشرق الأدنى"، وكذا "جيو-سياسة الشرق الأدنى والمغرب العربي، سبع سنوات بعد11 سبتمبر" مع آلان غريش، وأيضا "إشكالية الهويات بالدول العربية" مع جورج قورم من لبنان. واحتفاء بالذكرى الرابعة والخمسين للثورة المظفّرة، أقلمت اللجنة المكلّفة بالنشاطات الثقافية برنامج الفاتح نوفمبر، حيث سيتم بالمناسبة تقديم كتب عن الثورة، الوقوف عند "يوميات المجاهدات في الزنزانات الاستعمارية" مع آني ستينر، برمجة حوار حول أوّل نوفمبر وعرض كتاب حول الثورة التحريرية بحضور فؤاد سوفي، وردة سياري تنغور، جاك فرجاس وعائشة كشيدي، إلى جانب التطرّق إلى موضوعي "الطفولة دون طفولة" مع الأرجنتينية لورا ألكوبا و"الطفولة في النزاعات" مع الايطالية جوليانا سغرينا. وللإشارة صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته الثانية عشرة حمل شعار "الثابت والمتحوّل في الثقافة العربية"، وعرف إقبالا كبيرا للزوّار والذي وصل حدّ 350 ألف زائر، في مساحة قدّرت ب 14500متر مربّع، 15بالمائة منها موجّهة للنشاطات الثقافية والترفيهية الموجّهة للأطفال والشباب، كما سجّلت عرض 93 ألف عنوان بزيادة 8 ألاف عنوان عن سابقتها، ليعرض لسنة 2007، حوالي 82ألف عنوان.