ق. حنان ربما تكون من الظواهر التي يمكن ملاحظتها عبر العديد من المناطق خلال فصل الصيف خصوصا، أطفال من مختلف الأعمار ومن الجنسين، يقون على حواف الطرق السريعة، وأمامه سلال من خبز الدار أو المطلع، يحملون احدها في أيديهم، يلوحون بها لأصحاب السيارات والمركبات المارة بسرعات جنونية أمامهم، وان كانت الطرقات السريعة المؤدية إلى الشواطئ الشرقية أو الغربية على السواء تستقبل العشرات، إن لم نقل المئات من هؤلاء الأطفال، فإن بقية الطرقات السريعة حتى البعيدة عن الشاطئ، تشهد إنزالا قويا لعدد كبير منهم، لاسيما ابتداء من ساعات الزوال، تحت لفحات الشمس الحارقة، يضعون أمامهم سلال المطلوع الذي تكون أمهاتهم قد قضين اليوم بطوله في أعداده، بغية بيعه ساخنا، يثير شهية المارة وقد يجعلهم زبائن دائمين. ويمكن ملاحظة هؤلاء الأطفال على مستوى الطريق السريع الرابط بين العاصمة والبليدة، بناحية بئر توتة مثلا، حيث ينتشرون على امتداد الطريق، لا تفصل بينهم إلا مسافات قريبة، واغلبهم من أبناء الاحواش والمزارع المجاورة، من العائلات البسيطة والفقيرة، التي يمارس اغلبها حرفا بسيطة، تتعلق ببعض الزراعة أو الرعي أو غيرها، بعضهم إخوة، وبعضهم الآخر جيران وأصدقاء، لا يعرفون من العطلة الصيفية، إلا سلال المطلوع الساخن، والطريق السريع، وأشعة الشمس، التي يحتمون منها ببعض المظلات أحيانا، أو بقطع من الكارتون أحيانا أخرى. اغلب هؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 14 سنة، ما لاحظناه عبر الطريق السريع البليدة – الجزائر، و بالضبط على مستوى بلدية بئر توتة، هو أن اغلبهم من الفتيات الصغيرات، اللواتي يجلسن أمام سِلال الخبز، أو يمشين على طول الطريق السريع، يتوقفن حينا، ويكملن سيرهن حينا، بعضهن تحملن سلة المطلوع على رؤوسهن، وأخريات بين أيديهن، يلوحن بها من فترة لأخرى لأصحاب السيارات الذين يتوقف البعض منهم، ويمر البعض الآخر بسرعة كبيرة للغاية، يعرضن بضاعتهن بأسعار تتراوح ما بين 25 إلى 30 دج، ويرفقنها أحيانا أخرى ببعض العجائن التقليدية "المحاجب" وغيرها، بغية رفع نسبة أرباحهن. ويبقى الأهم من كل ما سبق هو جملة المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال، بدءا من حوادث المرور، نتيجة لتواجدهم في أماكن خطرة وحساسة من الطرقات السريعة، التي تشهد بدورها تجاوزات كبيرة، وإفراطا في السرعة وتهورا من بعض السائقين، إضافة إلى إمكانية تعرضهم لتحرشات أو اختطافات، أو إيذاء من طرف بعض المنحرفين، سواء كانوا ذكورا أم إناثا، وكذا مخاطر ضربات الشمس، ولفحاتها الحارقة، كونهم يظلون تحتها في الأوقات التي تكون فيها درجات الحرارة في أعلى مستوياتها، في الوقت الذي يبرر فيه البعض الظاهرة بالعجز المادي لأسر هؤلاء الأطفال، الذي يحرمهم لا من العطلة وفحسب، وإنما حتى من عيش طفولتهم والاستمتاع بها كبقية الأطفال الآخرين، في ظل اضطرارهم إلى تحمل مسؤوليات أنفسهم وعائلاتهم في سن مبكرة، وتكبدهم مشاقا ومعاناة كبيرة ومخاطر حقيقية مقابل مبالغ مالية ضئيلة.