وزارة السكن تشرع في سلسلة من الاجتماعات التحضيرية..عملية كبرى لتوزيع السكنات يوم 5 جويلية المقبل    التعذيب إبان الحقبة الاستعمارية الفرنسية محور ندوة تاريخية بالجزائر العاصمة    معسكر..فتح أزيد من 40 مطعما تضامنيا للإفطار في رمضان    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): تعثر فريق وكالة الأنباء الجزائرية أمام المركز الدولي للصحافة في أول مباراة له    المغرب: فضيحة اعتقال الطفلة ملاك تؤجج غضب الحقوقيين    الاحتلال يُحوّل بيوت الفلسطينيين إلى ثكنات!    وزارة التربية توضح بخصوص مشاركة الموظفين المعينين بصفة مؤقتة في الحركة التنقلية للسنة الدراسية 2025-2026    تعليم عالي: نحو استحداث مدارس عليا للأساتذة في مختلف المدن الجامعية    طوابير لاقتناء الحلويات الرمضانية    حنان ميزول أخبار اليوم : تستهويني المرأة المُكافِحة التي ترفع التحدي وتواجه الصعوبات    فرحتان للصائم    اجتماع الحكومة: بحث سبل تعزيز الأمن الطاقوي تجسيدا للرؤية الاستراتيجية لرئيس الجمهورية    أمطار مرتقبة على ولايات غرب البلاد ابتداء من اليوم    أوبك تحيي الذكرى ال50 لقمة الجزائر التاريخية لقادة المنظمة    تصفيات كأس العالم 2026 (الجولة الخامسة): رياض محرز يؤكد جاهزية "الخضر" للعودة بالفوز من بوتسوانا    تصفيات كأس العالم 2025 (أقل من 17 سنة):المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته لمواجهة بوتسوانا    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة جنين لليوم ال44 على التوالي    أحزاب لا تغرد رغم الربيع ..!؟    باتنة : الدرك الوطني بتيلاطو توقيف شخصين وحجز مهلوسات    وزارة التجارة ترخص ل 100 شركة ذات العلامة الواحدة    توضيح من وزارة المالية لمن يهمه الأمر    منظمات مغربية حرية التعبير قي البلاد أصبحت جريمة    اللحم الحلو يجمع الجزائريين في رمضان    الإعلان عن رزنامة اجتياز امتحاني البكالوريا والبيام 2025    وزير الطاقة يعرض مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية    وحدة المضادات الحيوية ستشرع في الإنتاج جوان المقبل    الجزائر قلقة من الوضع في فلسطين والانتهاكات بالصحراء الغربية    لا محتوى "غير مشروع" وسلطة لتنظيم الفضاء الرقمي    اجتماع ثلاثي جزائري- تونسي- ليبي    تنويع التعاون الاقتصادي هدف استراتيجي للجزائر وإيطاليا    الخطاب الديني المعتدل يزرع السكينة والطمأنينة    شراكة جزائرية- صينية لصناعة قطع غيار السيارات    لجنة خاصة للتكفّل الأمثل بالحجّاج في المطارات    مدرب الأهلي السعودي يشيد برياض محرز    الأنصار يطالبون بالنتائج الإيجابية    وفرة في الحافلات والتزام بالمواعيد في رمضان    خلية يقظة لمراقبة تموين السوق المحلي    براءتا اختراع جديدتان لجامعة باتنة 1    الفرنسيون يضغطون على مدرب مرسيليا بسبب بن ناصر    "آثار تخترق الزمن" يفتتح موسم رمضان    "بنات المحروسة" و"اللي فات مات" على منصة "شاهد"    بوغالي يحضر اجتماع لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية    صلاة التراويح تحمي من الأمراض    مجلس الأمة يشارك في اجتماع لجنة الاتحاد البرلماني الدولي    صلاة التراويح في مساجد مدمَّرة وصنع القطايف وسط الركام    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    السيادة للعروض المسرحية    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    صلاة التراويح    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين لم تتقدم باللغة الإنجليزية
نشر في أخبار اليوم يوم 22 - 01 - 2021


بقلم: حسين مجدوبي*
طغت خلال العقود الأخيرة خاصة منذ بداية القرن الجاري أطروحة ضرورة تعلم اللغة الإنجليزية كشرط إجباري لمواكبة العصر وتفادي التخلف. ويذهب عدد من الدراسات إلى تأكيد صحة هذه الأطروحة إلى مستوى هوس العديد من الحكومات بتلقين طلابها هذه اللغة. وعلى ضوء التاريخ: هل الرقي الحضاري يقوم على لغة عالمية أو توظيف حقيقي للمعرفة وتوفيرها باللغة التي يتقنها شعب معين أي لغة الأم؟ وهكذا كثفت وزارات التعليم في مختلف دول العالم من مستوى تعليم اللغة الإنجليزية وبدأت الدراسات تتناسل حول أهمية هذه اللغة وتمنحها التاج على حساب لغات أخرى ومنها الفرنسية.
وانتقل هذا النقاش من دائرة التعليم والتلقين إلى دائرة السياسة من خلال مقارنة بين العالم الفرنكفوني والعالم الأنكلوسكسوني وتسقط بعض التحاليل في نوع من السذاجة الفكرية عندما تتعامل مع اللغة من باب الموضة على شاكلة المنتوجات المخصصة للاستهلاك من ملبس ومأكل وترفيه.
اللغة الإنجليزية لغة رئيسية في الوقت الراهن ومفهوم رئيسية لا يعني حاسمة بل قد تكون مضرة للكثير من الشعوب التي تعتقد في ارتباط المعرفة بلغة شكسبير. وتجدها تجتهد في تعلم هذه اللغة وفي آخر المطاف لا تنتج علماء ولا خبراء بل ربما عددا من التجار والعاملين في السياحة. ويحضر هاجس تعلم اللغة الإنجليزية في الدول المتخلفة ومنها العالم العربي وهو في العمق وعي بخطورة التخلف لكن هل اللغة الإنجليزية هي العلاج المناسب؟ من خلال استعراض تجارب الحضارات منذ القدم ودراسة تقدم الدول في وقتنا الراهن سينتهي المرء إلى خلاصة رئيسية تتجلى في اعتماد أي نهضة علمية وحضارية على إبداع الإنسان والبيئة المناسبة التي يعيش فيها وعلى رأسها مدى توفر المعرفة. وتسعفنا بعض التجارب التاريخية النهضة العربية الإسلامية ثم النهضة الغربية انطلاقا من النهضة الأوروبية إلى يومنا هذا ثم نتطرق إلى نهضة دول جديدة في وقتنا الراهن. لقد تقدم العالم العربي الإسلامي بفضل تظافر الإبداع في رقعة جغرافية كبيرة تمتد من حدود الصين إلى الأندلس والمغرب حيث جرى تبادل التجارب الثقافية وانصهارها حيث تمت ترجمة المعارف إلى العربية من شتى الحضارات والثقافات وعلى رأسها معارف الإغريق ونسبيا الثقافة الرومانية التي تعرف بالثقافة اللاتينية نسبة إلى اللغة اللاتينية. واعتمدت النهضة الأوروبية على توفير المعرفة من خلال ترجمة العلوم التي كانت باللغة العربية إلى اللاتينية ولاحقا إلى اللغات التي ظهرت في أوروبا من فرنسية وألمانية وإنجليزية وإسبانية. ولعبت إسبانيا دورا رئيسيا في هذا المسلسل المعرفي من خلال مدرسة طليطلة التي تولت ترجمة العلوم التي كانت مزدهرة في الأندلس وشكّلت أرقى مظاهر الحضارة العربية الإسلامية. وإذا تأملنا التاريخ جيدا سنجد أن الحضارة الغربية هي الأولى في تاريخ البشرية التي انبثقت من نقطة انطلاقة واحدة وهي النهضة الأوروبية ثم أفرزت لاحقا أقطابا حضارية بلغات متعددة سيطرت على العالم أي دولا متقدمة علميا ونخص بالذكر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وابتداء من منتصف القرن التاسع عشر الولايات المتحدة حتى يومنا هذا. لم تحقق فرنسا نهضتها بالإنجليزية بل بالفرنسية ولا ألمانيا بلغة شكسبير بل الألمانية ولم تحقق الولايات المتحدة نهضتها فقط بالإنجليزية بل بفضل مواردها وتشجيعها للمبادرة الحرة واستقطابها للأدمغة ونقدم مثالا: من أكبر الإنجازات في التاريخ الأمريكي والبشري هو الوصول إلى القمر والعالِم الذي لعب دورا رئيسيا هو الألماني فان براون المتخرج من الجامعة الألمانية وليس الأمريكية. ومن باب المقارنة بريطانيا هي مهد الإنجليزية وهي اللغة الأكثر انتشارا في العالم ولكن بريطانيا لا تتفوق على فرنسا في الإبداع العلمي والاختراعات وفي الدخل الفردي ومستوى رفاهية المواطن رغم ما يقال عن انحسار الفرنسية.
لقد سقط العالم في فخ ربط العلم باللغة الإنجليزية وأصبح تصنيف التقدم العلمي يقوم على النشر باللغة الإنجليزية. وأصبح العالم أمام ظاهرة مقلقة وهي استفادة الدول الأنكلوسكسونية من الإنتاج العلمي العالمي بسبب النشر بلغة شكسبير بينما الدول التي لا تنتج بهذه اللغة لا تستفيد كثيرا. وكل هذا يصب في خدمة نخبة عالمية تستفيد من جميع الأدمغة بل وتشجع على الإنجليزية على حساب اللغات الأم. كم من باحث ينشر باللغة الإنجليزية وطلبته لا يفهمون هذه اللغة ولا يستفيدون من بحثه.
من سنن قيام الحضارة وشروط ازدهارها هو توفير البيئة المعرفية ومنها ترجمة شتى العلوم إلى لغة الأم للشعب. توجد دول تحافظ على إيقاع التقدم العلمي بفضل دينامية الترجمة ومن هذه الدول إسبانيا وإيطاليا وترجمت إسبانيا خلال 2019 أكثر من 12 ألف كتاب في شتى التخصصات المعرفية وإن كان أغلبها من الإنجليزية فقد ترجمت من لغات أخرى. وقفزت دول أخرى قفزة نوعية مثل كوريا الجنوبية وتركيا والبرازيل بفضل ترجمة العلوم. ويشهد العالم اليوم ما تحققه الصين من ريادة في شتى المجالات إلى مستوى تهديد زعامة الولايات المتحدة بفضل البحث العلمي باللغة الصينية وترجمة العلوم العالمية إلى الصينية. إذا أخذنا المئة جامعة الأولى عالميا نصفها أمريكي وبالكاد من ضمنها ثلاث جامعات صينية ولكن الولايات المتحدة رغم ذلك تفقد المنافسة والريادة لصالح الصين وذلك لأن مقياس النشر العلمي باللغة الإنجليزية كشرط رئيسي ضمن الشروط الأخرى يعتبر فخا. الصين هي التي تحقق السبق في الجيل الخامس والسادس من الإنترنت الصين هي التي وصلت إلى الجهة المظلمة من القمر وأنتجت المعرفة باللغة الصينية التي يعتبرها البعض ضمن أصعب اللغات في العالم وتدرس في جامعاتها باللغة الصينية ولا تعاني من عقدة اللغة الإنجليزية. ومن ضمن أسرار التفوق الصيني في التجارة هو توفيرها مترجمين للتجار والمستثمرين بلغات أوطانهم وليس بالضرورة الإنجليزية.
جميل تعلم الإنجليزية ولكن جعلها شريطة للتقدم كما يعتقد البعض هو فخ خطير التقدم يتم عبر تهيئة الشروط المناسبة ومنها توفير المعرفة بلغة الأم التي تتقنها الشعوب من أجل سهولة انتشار المعرفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.