أكد مشاركون في استفتاء على الإنترنت نشر مؤخراً أن المناهج الدينية في العالم العربي قائمة على مادة معرفية قديمة وبحاجة إلى تعديل وتطوير، وانقسمت الآراء الأخرى ووصفها البعض بأنها معبرة عن روح الدين الإسلامي واعتبر البعض الآخر المناهج الدينية في المدارس معبرة عن التجديد في الخطاب الديني. يقول الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن المناهج التربوية والتعليمية في مدارس وجامعات العالم الإسلامي لا صلة لها بالإسلام ولا بواقع المجتمعات الإسلامية، لأنه لو كانت كذلك لدفعت إلى العمل والإنتاج، والمجتمع الإسلامي كله لا صلة له بالعمل والإنتاج، ومن المفروض أن تنطلق المناهج الدينية والعملية التعليمية من القرآن الكريم لدعوة جميع الناس إلى العمل والإنتاج والمحافظة على أمن واستقرار المجتمعات خاصة أن القرآن الكريم جاء إلى الناس كافة في الأرض وكلمة الناس جاء ذكرها في القرآن في أكثر من 140 آية. وأضاف أن الكتب الدينية الموجودة الآن معظمها بعيد عن المعاني الإنسانية ولا صلة له بواقع المجتمع ولا الدين لأن المناهج التربوية تهتم بالقيم الخلقية كما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان خلقه القرآن كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها. وأكد أنه مع تعديل المناهج الدينية لأن المناهج الحالية لا تصلح لمجتمع يمتلك فلسفة حياتية إيمانية. ووصف الدكتور جمال النجار، رئيس قسم الصحافة بجامعة الأزهر، تعديل وتغيير المناهج الدينية في العالم العربي والإسلامي بأنه موضوع الساعة، لأنه يتصل بمستقبل أولادنا وبمستقبل العملية التعليمية وصميم عقيدتنا وبحاجة إلى مزيد من الاهتمام من وسائل الإعلام العربية ومن المنظمات الدينية، فهو موضوع خطير يتعلق بمستقبل البلاد والعباد. الرجوع إلى العلماء وقال: ينبغي أن نفرق بين المناهج الدينية والعلمية فالمناهج العلمية يجب أن نطورها حتى نتابع التطور العلمي في العالم، أما إذا أردنا أن نطور المناهج الدينية فلا بد من الرجوع إلى علماء الدين الإسلامي. والخوف أن يكون التطوير والتعديل في البرامج الدينية بأيدٍ أجنبية خفية تحاول العبث بالمناهج الإسلامية تحت شعار التطوير؛ لأن الغرب يتهم مناهجنا الدينية بأنها تفرخ الإرهاب، وهذه دعوة خاطئة واتهام باطل لأن المناهج الدينية في الأزهر والدول العربية تكون الشخصية الدينية المستنيرة وهذه المناهج صالحة، ولذلك يجب أن يكون الاجتهاد في تفسير النص ولا ينبغي التغيير والتعديل في النص نفسه. وأشار إلى أن هناك أشياء معلومة من الدين بالضرورة لا ينبغي الاقتراب منها مثل المواريث، فلا يجب أن ننادي بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وهناك تيارات علمانية مدفوعة من الخارج والداخل تؤمن بأفكار غربية وغريبة عن قيمنا وثوابتنا الدينية تحت مسمى التطوير، ومن هذه التيارات أسماء إسلامية تحاول أن تحذف من المناهج الدينية ثوابت من صميم الدين والشريعة الإسلامية مثل الموضوعات التي تتعلق بالمرأة والتمييز والميراث، ويحاولون حذف بعض الآيات لي عنق الأحاديث النبوية وتفسير الآيات القرآنية بعيداً عن المقصد الإلهي وبعيداً عما ورد في كتب التفسير تحت دعوى العلمانية ومسايرة العصر. وأوضح أنه ينبغي أن ننظر إلى قضية تعديل المناهج الدينية بنظرة دقيقة ويتولى تطويرها علماء مجتهدون لهم شروط خاصة كالإلمام الكافي باللغة العربية ومفرداتها وحفظ كتاب الله عز وجل والإلمام بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبالتراث الإسلامي وبالفقه الإسلامي وفقه الواقع. الدين والفكر وأشار إلى أهمية التفريق بين الفكر الإسلامي والدين الإسلامي إذا أردنا أن نعدل أو نطور من مناهجنا الدينية لأن الدين ثابت وقطعي، أما الفكر الإسلامي والتأويلات والتفسيرات فهي قابلة للرؤية الجديدة وإعادة النظر. وأكد أننا بحاجة إلى علماء أكفاء مخلصين لدينهم، ولا بد أن يتولى هذا الأمر رابطة العالم الإسلامي والأزهر الشريف، لأن لديهما من العلماء من يمكنهم أن يطوروا الفكر الإسلامي في إطار الثوابت الدينية والمقررات الشرعية خاصة أن الأزهر منظمة إسلامية كبيرة ويحمل الفكر الوسطي بلا تطرف ومنوط به الفكر الإسلامي لأنه بعيد كل البعد عن الجمود والتطرف والإفراط أو التفريط ويعمل بناء على منهج وسطي النزعة ويقوم بتدريس المذاهب الإسلامية كلها بلا تعصب لمذهب. وحذر الدكتور جمال النجار من وجود اختراق من قبل خبراء غربيين يعبثون في المناهج الدينية في بعض الدول العربية ويحاولون أن يحذفوا بعض الآيات الخاصة بالجهاد وأن يبثوا أفكاراً غربية في المناهج التعليمية، وأكد أن هناك ضغوطاً أجنبية على تعديل مناهج التعليم في الوطن العربي وأن بعض الدول العربية رفضت الإملاءات الغربية على المناهج الإسلامية والشرعية. تدريس الأخلاق وتعجب الدكتور عبد المعطي بيومي، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، مما يتردد حول اتجاه وزارة التربية والتعليم في مصر لتدريس مادة الأخلاق في كتاب منفصل عن التربية الدينية في ظل اتجاه إلى تعديل وتطوير المناهج الدينية في المدارس والجامعات. ورفض أن تكون هناك علاقة بين ما يثار عن ضغوط أجنبية خارجية لتغيير مناهج الدين والأفكار الجديدة لتطوير المناهج الدينية. وأكد أن تدريس كتاب عن الأخلاق منفصل عن كتب التربية الدينية مقدمة لإلغاء مادة الدين من المناهج التعليمية، وأن الفصل بين الأخلاق والدين يترك أثراً سيئاً في أذهان الطلاب عن حقيقة ارتباط الدين بحسن المعاملة والخلق. وأن هناك إجماعاً بين علماء الأزهر على رفض مسألة الفصل بين الأخلاق والدين في المناهج. وقال الدكتور عبد المعطي إن الخوف أن يتولى عملية تطوير المناهج الدينية غير المتخصصين. وطالب بتشكيل لجنة من أساتذة الأزهر وعلماء التربية وأساتذة علم المناهج وخبراء وزارة التربية والتعليم تكون مسؤولة عن إجراء مراجعة تطوير دورية كل ثلاثة أعوام لمناهج التربية الإسلامية بالمدارس، لضمان مشاركة كافة الأطراف المعنية والمتخصصة في هذه العملية المهمة. قرآننا واحد ورفض الدكتور زكي عثمان، الأستاذ بجامعة الأزهر، فكرة تعديل المناهج الدينية وتساءل: هل نأتي بقرآن جديد لأولادنا وبمفهوم لهذا القرآن غير الذي يدرسونه؟ وأكد أن قرآننا واحد من عند إله واحد لرسول واحد لأمة واحدة، وقال: أتابع مناهج التربية الدينية منذ نصف قرن وكلما استحدثنا تعديلاً للمناهج كان هذا التعديل أسوأ، لأننا نعيش في قلق واضطراب. وأوضح أن الذين يطالبوننا بتعديل مناهج التربية الدينية في العالم العربي والإسلامي يريدون _قولبة_ الدين حسب أفكارهم وموازينهم ومعاييرهم. وقال إن ديننا والتربية الدينية المقتبسة منه يصلحان بها كل زمان ومكان ولكنهما يحتاجان إلى رجال يتفهمون المنظومة التعليمية جيداً، وهي التي تكون محاطة بكل ما يريده الأفراد والأسر والمجتمعات والأمم من صلاح النفس وإصلاح للغير. وأوضح أن الذين يتحدثون عن التعديلات في المناهج الدينية يجب عليهم قبل أن يفعلوا ذلك أن ينظروا أولاً إلى الإنسان والزمان والمكان الذي فيه التربية الدينية لأن بعض الذين يشرحونها غير متخصصين.