ينهالون عليهم بضرب وحشي أولياء يسببون لأبنائهم عاهات مستديمة كثير من الأولياء لا يربون أبناءهم بالتوجيه والنصائح التي من المفروض أن يُوجهوها لهم، ولكن أيضا بالتعنيف والضرب الذي يُمكن أن يرمي بالطفل إلى المستشفى، وهو ما عشناه ونحن في مستشفى مصطفى باشا، ونحن نرى عينات لأطفال تعرضوا إلى الضرب مبرح· ونحن في ذات المستشفى لفتت انتباهنا امرأة أربعينية كانت تتشاجر مع طبيب، وكنا نتوقع أن يكون سبب الشجار البيروقراطية أو إهانة تعرضت لها، و لكن لا هذا ولا ذاك، بل إنّ الطبيب نصحها بأن لا تضرب ابنها، وهي التي أتته بطفل أغمي عليه من الضرب، وعندما سألها عن الذي فعل به ذلك، قالت إنها هي في ساعة غضب ضربته، وهذا ما يحدث لها عادة عندما لا تكون في مزاج حسن ويزعجها ابنها، ولكنها هذه المرّة بالغت بأن كادت تتسبب له في عاهة مستديمة، فنصحها الطبيب أن تهدأ، وأن لا تفعل ما يمكن أن يجعلها تندم طول حياتها، فكان موقفها أن راحت تصرخ وتتشاجر مع الطبيب، بدعوى أن (لا حقّ له في التدخل في شأن من شؤونها الخاصّة، وأنّ ذلك يتجاوز صلاحياته)، وأنّ عليه أن يعالج الطفل وفقط، ولم تكتف بذلك فحسب، ولكن خرجت إلى الرواق، وراحت تصرخ وتنادي بأعلى صوتها أن يعاقبوا الطبيب على تدخله في أمورها الخاصّة، ويبدو أنها في تلك اللحظة تعرضت إلى نوبة غضب تشبه تلك التي انتابتها قبل إقدامها على ضرب ابنها، ولقد استغرب المواطنون الذين كانوا في المكان من جرأة المرأة، ورأى البعض أن عليها أن تمنح هذا الابن لشخص آخر يرعاه، لأنه لو بقي لديها لعرضته للخطر لا محالة، ورغم أننا لم نستطع أن نتحدث لا إلى المرأة التي كانت في حالة يرثى لها، ولا إلى الطبيب الذي هدد بأنه سيضع تقريرا بحالة الطفل لكي ينتزع من والدة تعاني من أزمات نفسية، ولكننا اتصلنا بالدكتور حسين حبيب المختص في طب الأطفال، والذي قال: (الكثير من الأولياء يفقدون أعصابهم، وفي لحظة غضب يضربون البناء ضربا مبرحا، ويأتون بهم إلى المستشفى، البعض يصرح بأنه الفاعل، والبعض الآخر يتكتم عن الأمر، ويتهم أشخاصا آخرين، من العائلة أو من الحي، ولكن بعض الأطفال، وعندما يكونون لوحدهم يصارحوننا بأن الأم، أو الأب هو الفاعل، وقد نتحدث إلى ذلك الأب، أو إلى تلك الأم، فإما أن يتقبلوا الأمر، وإمّا أن تكون إجاباتهم سلبية مثلما رأيتم، خاصة بالنسبة للذين اعتادوا على ضرب أبنائهم، وفي كل مرة يندمون ندما شديدا، خاصّة عندما يسببون لهم إعاقات مستديمة، تصل حتى إلى فقدان البصر، أو السمع، أو إصابة على مستوى اليد، أو الرجل أو غيرها، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار)· وعندما اقتربنا في نفس المصحة من بعض الأولياء أكدوا لنا أنّ الغضب ينال منهم أحيانا فينهالون ضربا على أبنائهم، تقول فوزية: (أحيانا أفعل، ولكن أستسمح ابني بعدها، أي أنني أشعر بالخطأ الذي ارتكبته، فيجب ألاّ نضرب أبناءنا بأيّ حال من الأحوال)· نادية سلاطنية من جهتها تقول: (فعلا، لا بد أن نتفادى الضرب، ولكن أحيانا يكون الحل الوحيد، أو لا بد منه أحيانا لكي يفهم الطفل، ولكن ليس الضرب الذي يُوصل الطفل إلى المستشفى طبعا)·