يجوب بعض المتسولين المزابل في بعض الأحياء الشعبية للعاصمة، بحثا عن بعض الفضلات لسد جوعهم حتى في هذا الشهر المعروف بالرحمة والتآخي بين المسلمين، وهذه الظاهرة تعرف اتساعا وتزايدا، بل أصبحت تمارس بشكل علني دون حياء، وهذا يدل على الحاجة الماسة لهذه الفئة التي جعلتهم يلجؤون إلى هذا السلوك أمام الناس، الذين أصبحوا بدورهم يعمون أبصارهم عن هذه الظاهرة، حيث هم أيضا ساهموا في نمائها وتزايدها· وذلك من خلال تحجر قلوبهم وغياب الصدقة عن أيامهم، فهم يرمون فضلاتهم والأكل الزائد خاصة في شهر رمضان، ولا يكلّفون أنفسهم البحث عن المحتاجين في مناطقهم لمنحهم ما يسدون به أصوات بطونهم· وللإشارة، فإن هذه الفئة تختار عدة مواقع للنفايات للبحث فيها كأمام الأسواق أو أمام الأحياء الراقية التي تعمّرها الطبقة الغنية، فتكون فضلاتها أفضل للاستهلاك من فضلات الأحياء الشعبية الفقيرة، ورغم ذلك، فإن هذه الفئة تنشر عبر كل المناطق فغلاء المعيشة والبطالة، أدى بها إلى هذه الوسيلة في البحث عن الأكل· و من جهة أخرى، فاختفاء بعض التقاليد عن المجتمع الجزائري، ساهم في تنامي هذه الظاهرة، ففي السنوات السابقة كان التآلف سمة شهر رمضان خاصة ما بين الجيران وأبناء الأحياء، إذ كانوا يبحثون عن الأسر الفقيرة في مناطقهم ثم يتشاركون فيما بينهم لجمع المال لشراء بعض المواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان، ثم يمنحوها لهذه العائلات دون المساس بكرامتها، كما تمنح كل أسرة صحن أكل كل يوم لجيرانها الفقراء، وأيضا الشبان الغير متزوجين·· إلا أن هذه الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية غابت بشكل كلي عن مظاهر رمضان في المجتمع الجزائري، إذ أصبح الكل يبحث فقط عن بطنه ليملأه ويشتري ما يشتهي بأسعار باهظة، ثم يقوم برميها حين تبيت يوما واحدا في حين أن جاره وابن حيه يبيت جائعاً ويبحث في المزابل أثناء النهار·