يبقى الصراع ما بين الحماة والكنة، صراعا أزليا، حتى وان كان لأجل بعض الأمور الصغيرة جدا والبسيطة، التي بالإمكان ببعض من الصبر والحكمة من الطرفين، الترفع عنها وتجاوزها، ولأننا في شهر رمضان الفضيل، فكثيرا ما يكون المطبخ ميدانا تحاول فيه كل منهما إثبات جدارتها واستحقاقها له. مصطفى مهدي المطبخ هو مملكة المرأة كما يقال، تطبخ الأكل، وتغسل الأواني، وتحضر المائدة، وخاصّة في شهر رمضان، حيث أنّ كلّ أنظار الأسرة توّجه إلى ما تحضره ربة البيت، ولكن بعض الفتيات حرمنّ من هذا كله، هنّ زوجات يعشن مع حمواتهنّ في بيت واحد، ولا يستطعن لا دخول المطبخ، ولا تحضير الأكل، وعوض أن تساعد الحماة زوجة ابنها على تعلم الطبخ، فإنها تحرمها منه، وتتعذر أحيانا بأنها لا تحسن الطبخ، أو بأنه لا يحق لها أن تطبخ في وجود من هي أكبر منها، وهكذا، تماما مثلما حدث مع سلمى والتي عاشت سنة كاملة في بيت أسرة زوجها، وحسبت أن رمضان سيغير حال حماتها التي تمنعها من دخول المطبخ، ربما إلاّ لمساعدتها في التحضير، ولكن ليس الطبخ، وفي رمضان زادت حماتها قسوة، ومنعت عليها حتى دخول المطبخ، تقول لنا سلمى: "عندما كنت في بيت أسرتي كنت أستغل رمضان لكي أتعلم وصفات كثيرة من الطبخ، خاصّة وأنني امرأة عاملة، وليس لدي الوقت الكافي في الأيام الأخرى، وحسبت أن رمضان سيجعل حماتي تغير من طبائعها، ولكنها لم تفعل، تريد أن تقوم على كلّ شيء، ولا تترك لي شيئا، مع أنها تسمح لبناتها بأن يطبخن، ولولا أنّ زوجي وعدني بالانتقال عن قريب للسكن في بيت خاصّة بنا لم احتملت الوضع". وفي بيوت أخرى تحدث شجارات قد تنتهي حتى بالطلاق، وكلّ ذلك بسبب تحضير مائدة الإفطار، أو تكون مائدة الإفطار في رمضان القطرة التي تفيض الكأس، تحكي لنا نوال عما وقع لها في بداية الشهر تقول: "لقد كنت وحماتي متفقتين على المهام في الطبخ، والأعمال المنزلية الأخرى، ولكن حدث مرّة أن تأخرت هي عند جارتنا، وفكرت في أن أحضر طبق الشوربة لوحدي، ولم أشأ أن أزعجها، ولكنها عندما عادت ورأتني أفعل شتمتني، وراحت تصرخ في وجهي كما لو كنت ارتكبت إثماً، لم أحتمل الأمر، بل لم أحتمل حياتي كلها معها، ورفعت صوتي في وجهها لأول مرة، ولهذا فلم تجد إلاّ أن تشكي إلى الزوجي، والذي أعادني إلى بيتي، دون أن يشعر بخطئه، ودون أن يؤنبه ضميره". الحموات من جهتهن يشتكين سطوة بعض العرائس على البيت كله، وليس المطبخ فحسب، حيث أنّ البقاء للأقوى، وتفكر بعض أمهات الأزواج أنهن إن لم يفرضن سيطرتهن فلن يستطعن التحكم في البيت، تقول خالتي بهية: "تزوج ابني منذ ثلاث سنوات، ومنذ البداية حاولت أن أدخل زوجته في جوّ البيت، فعلمتها الطبخ، وكنت أسمح لها بأن تجول وتصول كما تشاء في أركان البيت، ولكنها كادت أن تطردني من كل زاوية، ففكرت في أنه لا بد عليّ أن أتحول إلى امرأة شريرة حتى أتمكن منها، وفعلا، تحوّلت، وصرت شرسة حتى أوقفها عند حدودها".