انتشرت مؤخرا بين أوساط الشباب ظاهرة الإقبال على الوشم وأضحت تتطور بتطور الموضة والأزياء لدرجة الانحراف عن الحرمة والتقاليد، حيث دخل المولعون بالوشم عالم القراصنة والعصابات والسجون من خلال رسومات استهوت حتى الجنس اللطيف من بنات العائلات المحترمة بعدما كان يستعين بها الرجال. وبالرغم من أنّ الظاهرة ليست حديثة أو دخيلة على المجتمع، حيث أن سيدات كبيرات في السن يضعن الوشم على أوجههن لاعتباره تقليدا جالبا الحظ أو رمزا للجمال أو لطرد الأرواح الشريرة كما كانوا يعتقدون قديمًا، لكن الوشم بين جيل الشباب الحالي أصبح تقليدا أعمى للمشاهير وأبطال المسلسلات التركية والمكسيكية أو ما نشاهده على الفضائيات، وصارت الشابات يطلبن رسومات خاصة بالجنس الخشن كالأفاعي والتنين والنسر والنمر الغاضب وغيرها من الصور التي تعكس القوة، وهذه الأشكال تتماشى حسب »نسيم« وهو أحد المروجين للوشم مع شخصياتهن، حيث ترسم هذه الرسومات على الأذرع أو الكتف وعلى الرقبة والوجه والظهر وحول السرة كذلك، وقال نسيم إن العملية بسيطة والوشم الناتج عنها يكون زائلاً لكن بعد مدة طويلة وهذا النوع على عكس الوشم الدائم لا يتطلب وخز الجلد وإحداث الجرح وإنما تستخدم في هذه الطريقة بعض الأقلام الملونة تستورد من المغرب، وقال إن الشباب انتقل من رسم الأوشام الصغيرة التي اعتدنا أن نراها إلى رسم أوشام كبيرة ذات ألوان مختلفة ورسومات امتدت الى استعمال رموز تعبر عن الانتماء الوطني كرسم علم الدولة وأخرى تعبر عن الانتماء إلى مناطق معينة من الوطن ومن العالم كذلك، وكلمات وطنية مختلفة، وقد وجد بعض محترفي الوشم الدائم ضالتهم كذلك بعدما أصبح الأمر عاديا ويجلب الكثير من الأرباح، حيث يتراوح الوشم الدائم بين 4000 دج و 10000 دج ويستخدم هذا النوع طريقة الوخز بالإبر والجرح بالشفرات، مع إضافة الحبر والألوان تحت الجلد ما يجعل زوالها وإزالتها أمرًا صعبًا، بينما يتراوح سعر الأوشام غير الدائمة بين 200 دج و 1000 دج ويخضع السعر للوقت المستغرق في الوشم وكذلك حجم الوشم. وفي الوقت الذي يتسابق فيه الشباب إلى التباهي بالأوشام تلجأ العديد من النساء إلى نزعه عن طريق الجراحة أو الليزر بعد أن فرض عليهن في وقت سابق، أو شٌجعن على وضعه من طرف العائلة لأن التقاليد تقضي ذلك وهذا بعد أن عادوا إلى رشدهم، حيث يرى الدكتور »عامر مصباح« وهو أستاذ محاضر بكلية العلوم السياسية والإعلام وأستاذ علم النفس أن الظاهرة من الناحية النفسية تعكس الفشل والنزوات الشاذة وهي انحراف وانجراف أعمى وراء الموضة دون وعي. حيث أن المولعين بوشم يزخرفون أجسادهم برسومات وكتابات أوروبية ورومانية وصينية تدعو إلى اللصوصية والجنس وفساد الأخلاق، ويرى أن الغاية منها إثبات النفس وجلب الانتباه، ولعل التنامي المتزايد لهذه الظاهرة ما دفع بالمختصين والأطباء إلى التحذير والتحسيس من أخطارها الصعبة حيث تتسب طرق الوشم العشوائية والفوضوية باستخدام مواد وأدوات غير نظيفة ومعقمة تتداول بين مختلف الشباب دون أي وعي في العديد من الأمراض كالإيدز والالتهاب الكبدي والسرطانات، كما أن إجراء عملية الوشم في الشواطئ وهو المكان المفضل لأصحابها وتحت أشعة الشمس يؤدي الى تعفنات والتهابات حادة نتيجة النزيف المترتب عن الوخز، كما أن الحبر والألوان الدخيلة على الجسم في حد ذاتها تسبب العديد من الأمراض الجلدية كالإكزيما والحكة الشديدة والسرطانات الخطيرة.