بعدما كان الوشم سمة يتيمز بها أجدادنا وكانت تطبع أجسادهم كوسيلة من وسائل الزينة، أضحى الوشم اليوم ضربا من الموضة يعرف انتشارا واسعا خاصة في صفوف الشباب، حتى بات الجلد مسرحا لكثير من الرموز ذات الدلالات المعروفة والغامضة، مما يؤدي إلى تغيير معالم الجلد ويعرض الشخص لمخاطر جمة تصل إلى حد الإصابة بسرطان الجلد. بالرغم من المخاطر الجسدية الكثيرة التي يتسبب فيها الوشم عند وضعه وتحريمه في الشريعة الإسلامية، إلا أن الكثير من الأشخاص خاصة الشباب منهم يقومون بدق الوشم في مختلف مناطق الجسم متأثرين بنجوم السينما والرياضة وغيرهم، وفي هذا الصدد استقصت ''الحوار'' آراء بعض المواطنين حول هذه الظاهرة ورأي طبيبة الجلد حول مخاطر وضع وإزالة الوشم. الوشم بين مؤيد ومعارض له تباينت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض حول هذه الظاهرة التي عرفت منذ آلاف السنين وأضحت اليوم متفشية في أوساط الشباب. يقول طارق طالب جامعي: ''لقد لاحظت هذه الظاهرة بشكل ملفت للانتباه، خاصة في فصل الصيف حيث يستغل الشباب ذوو العضلات البارزة الفرصة لإبراز الوشم بشكل واضح وإظهار جمالية وضخامة جسمهم رفقة الوشم أي بكل اختصار للفت الانتباه. أما عادل عبد الإله، طالب ماجستير علم النفس فيقول: ''في رأيي يرى بعض الشباب أن وضع الوشم على الجسم هو لإبراز القوة خصوصا إذا حمل دلالات مرعبة كالأفاعي والعقارب، والسكاكين وغيرها. وحسب دراستنا لهذه الظاهرة فإن الوشم هو نوع من الاختلال النفسي وتقليد أعمى لبعض النجوم السينما، الرياضة والأغاني الصاخبة الذين يتميزون بهذه الأوشام''. في حين ترى ''نور الهدى'' أن الوشم عرفته من جدتها وكبار السن الذين كانوا يضعونها تخليدا لذكرى معينة تركت في أنفسهم أثرا كحب قديم أو محبة أحد الأقربين وذلك بوضع رسوم وكتابات معينة تعبر عن هذه الحالة، أما اليوم فقد أصبح الشباب متأثرين بنجوم السينما خاصة العالميين منهم أما النساء فإن أغلبيتهن تقمن ''بوشم الحواجب'' والشفاه التي عرفت انتشارا واسعا في الجزائر في الآونة الأخيرة بفضل مختصي التجميل اللبنانيين والسوريين. أما حياة فتشاطرها الرأي وتقول: ''لقد تميزت النساء الريفيات أيام زمان بوضع الأوشام في الساقين والأنف وأسفل الفم والأصابع كذلك بمختلف الزخرفات التي، وحسب اعتقادي، قد تغيرت ولم تعد مستحبة من طرف فتيات اليوم والجيل الحالي''. أما رشيد فقد عبر عن رفضه القاطع لمثل هذه الظاهرة حيث قال إن منظر الوشم وخاصة ذي الألوان العديدة يثير اشمئزازي ولا أطيق رؤيته خاصة الرسوم التي تحمل أشكالا مخيفة ورموزا قبيحة. وأنا أتساءل لما يضع أصحابه مثل هذه التفاهات خاصة وأنها محرمة في ديانتنا الإسلامية، إضافة إلى أنني أعرف العديد من الأشخاص الذين يلاقون انتقادات لاذعة خاصة عندما يتقدمون في السن ويضعون رموزا كالقلوب وأسماء المحبوبين القدامى وغيرها. زد على هذا المخاطر الصحية التي تصاحب وضع الوشم من عدم تعقيم الأدوات وغيرها''. رأي طبيبة الجلد: ''الابتعاد عن الوشم نهائيا لما فيه من مخاطر جسيمة'' ولمعرفة مخاطر الوشم الصحية أكثر وما تسببه من أذى لجسم الإنسان، اتصلنا بطبيبة الجلد ''تومي'' المتواجدة بحي باب الوادي التي أفادتنا بالمعلومات والتوضيحات حول مخاطر الوشم. ''الوشم من أخطر الأشياء التي تؤذي جسم الإنسان لأن أغلب المواد الكيميائية المستخدمة هي صبغات اصطناعية وتستخدم في مجالات أخرى كحبر الكتابة، أو طلاء السيارات أو أعشاب، وبالتالي يعتبر مادة دخيلة على الجسم. زيادة على هذا هناك ملونات ذات أصل حيواني وكذا استخدام الكحل والفحم والعديد من المكونات الأخرى، والخطر يكمن هنا. والذي لا يعلمه أغلب من يضعون الوشم أن هذه المادة الدخيلة تصبح فيما بعد من مكونات البشرة وجزءا دائما منها وفي حال ما إن قرر الشخص إزالة هذا الوشم مستقبلا، فإن العملية ستكون خطيرة جدا، وقد تعرضه لعدة مخاطر، حيث يتم استئصال الجلد في منطقة الوشم. زيادة على هذا فإن تكلفته باهظة مع بقاء آثار كالحروق واحتمال ابيضاض المنطقة المعالج بها. كما وتضيف الطبيبة في حالة وضع الوشم يكون الإنسان عرضة للإصابة بالبكتيريا كذلك والناجمة عن استخدام إبر ملوثة ومعدات غير معقمة، قد تنقل أمراضا معدية كمرض الايدز وأمراض الكبد، كذلك حدوث التهابات جلدية وحساسية لا تستجيب للمضادات الحيوية، إضافة إلى خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كسرطان الجلد والصدفية. لهذا أنصح كل الشباب والمراهقين بالابتعاد نهائيا عن وضع الأوشام لما فيها من مخاطر صحية جسيمة وتشويه للجسد، وفي حالة إصرارهم على وقع الوشم للزينة أو تأثرهم بشخصيات فنية فمن المفضل استخدام أوشام اصطناعية تزول بالماء والغسل مباشرة''. حكم الشرع حول ظاهرة الوشم وبخصوص حكم الدين والشرع حول هذه الظاهرة ومن يقومون بفعلها اتصلت ''الحوار'' بالدكتور يوسف بلمهدي الذي أفادنا بتصريحه حول الموضوع: ''إن الدين يحرم الوشم لقوله عليه الصلاة والسلام: ''لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة المغيرات لخلق الله''. فالوشم يعتبر ضربا من الغش وتشويها لخلق الله سبحانه وتعالى، فالجسد ملك لله ولا يجوز التغيير فيه، فالواشم والمستوشم ملعونان من الله. إلا أنه في حالات أجازه الفقهاء، في حال الدواء أو العلاج فهذه الحالات لا ضرر منها، أما من يضعه تيمنا بممثل أو شخصية معروفة محبوبة عنده أو لمنع الحسد أو انحرافات أخرى، فهذا لا يجوز شرعا وحرام، ولهذا وجب على الآباء مراقبة أبنائهم حتى لا يقعوا في هذه المخالفة التي تنجر عنها الآثام والخسران مع الله سبحانه وتعالى''.