تتفنن المخابز تزامنا مع الشهر الكريم في عرض شتى أنواع الخبز من اجل إسالة لعاب الصائمين والزيادة في الأرباح، ويذهب هؤلاء بدورهم إلى جلب مختلف الأنواع فمن خبز الزيتون إلى خبز البصل والتوابل ، إلى خبز الانشوا، ناهيك عن اختلاف أشكاله فحتى الشكل بات يسيل لعاب الصائمين والذي يختلف بين الخبز الطويل والدائري والزهري الشكل إلى غيره من الأشكال والأنواع مختلفة المذاق. بحيث تصطف تلك الرغائف بطريقة جذابة مما يجعل الزبائن يتدافعون ويتهافتون للحصول عليها، وحتى قطع مسافات طويلة لجلبها من الابيار وباب الوادي وعين النعجة وحسين داي والمدنية والمرادية وبلكور العتيق ...وغيرها من المقاطعات التي أدمن الزبون على تذوق الخبز المحضر بإحدى مخابزها، وهو الأمر الذي لم نألفه في غير رمضان. إلا أنها عادة يلتزم بها البعض في الشهر الفضيل بحيث يطال إدمانهم حتى تلك المادة ويصل الأمر إلى حد جلبهم من كل مخبزة عدد من الرغائف بسبب عدم قدرتهم على مقاومة اشتهائهم لبعض الأنواع المتوفرة في المخابز، والتي تذهب معظمها إلى التنويع في الخبز المحضر من اجل جلب اكبر عدد ممكن من الزبائن. في هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين وكذا من أصحاب الحرفة للوقوف على مدى استهلاك المواطن الجزائري وتنويعه من حيث جلب تلك المادة في رمضان فوقفنا على الكثير من الأمور المدهشة. قالت السيدة أمينة من ساحة أول ماي أن زوجها مدمن خبز من الطراز الأول في كامل أيام رمضان، وعلى الرغم من أنهم أسرة غير متعددة الأفراد إلا انه يجلب يوميا أكثر من سبعة رغائف، ويكون عددها تبعا لعدد المخابز التي صادفته في الطريق وعلى الرغم من ملاحظاتها المتكررة إلا انه لا يأبه بها ويستمر في سلوكه، وأحيانا تذهب إلى تجميد الكمية المتبقية وأحيانا أخرى ينفلت الأمر من يدها وتجبر على وضعه في قبو العمارة وتضعه في متناول من يجمعون "الخبز اليابس"، لتضيف أنها لا تتقبل الأمر لكن لم تجد ما تفعله سيما وان زوجها يتميز بطباعه الحادة وعصبيته المفرطة خلال رمضان، لترجع الأمور إلى نصابها مباشرة بعد انقضاء الشهر الفضيل وتتكفل هي بمهمة جلب الخبز وتعمل جاهدة على ترشيد استهلاكه في وقت الإفطار بعد أن يحز في نفسها كثيرا التبذير الحاصل في رمضان . الكثيرون يذهبون إلى جلب الخبز بكميات متزايدة ليكون مصيره سلة النفايات وأقبية العمارات وحتى أرصفة الشوارع بما لا يتوافق ويليق مع تلك النعمة التي أنعمها الله علينا، ما تعكسه الكميات المتزايدة للخبز اليابس التي نراها مبعثرة هنا وهناك وتزداد الظاهرة المشينة حدة خلال الشهر الفضيل بما لا يتوافق مع طبيعة الشهر،ويحدث ذلك في الوقت الذي تفتك فيه المجاعة بحياة المئات من البشر في الصومال، لذلك وجب علينا أن نحمد الله على تلك النعمة ونرشد استهلاكها.