ما يزال اسم المناضل والكاتب والمسرحي الرّاحل محمد بودية يقبع في غياهب النّسيان رغم ما قدّمه للثورة الجزائرية وللقضية الفلسطينية من نضالات أرعبت المستعمر أينما حلّ في العالم بأسره· فقد مرّت منذ أسابيع قليلة الذّكرى ال 38 لرحلي بودية عن هذا العالم الذي ظلّ يتذكّر أعماله الخالدة قبل حروف اسمه، حيث رحل عقب عملية اغتيال بشعة نفّذتها عناصر من جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في صبيحة 28 جوان من سنة 1973 بباريس إلاّ أن ذكرى رحيله بقيت عقيمة وربما لم يتذكّرها أحد على الأغلب إلاّ بعض المقرّبين منه وأبناء حيّه (باب الجديد)· وبمناسبة إحياء ذكرى 20 أوت نظّمت سهرة الأحد وقفة ترحّم على روح هذه الشخصية الفذّة وذلك من طرف جمعية (أولاد الحومة) بمقهى (سوسطارة) بقلب الحي الشعبي للقصبة بحضور عائلة وأصدقاء المناضل ولتذكّر مناقبه وخصاله وأعماله الفدائية الخالدة· ولد المجاهد بودية في حي شعبي بأعالي القصبة (باب الجديد) في عائلتين تضمّ أخوين هو ثالثهما وأخت فارقت الحياة في سنّ مبكّرة، تشبّع بالرّوح الوطنية منذ نعومة أظافره، وهو ما جعله يعتنق الفكر التحرّري ويفكّر في تحرير الوطن المحتلّ· مزج الرّاحل بين الثقافة والسياسة وبين المسرح والثورة في قالب قلّما تجده عند أقرانه، حيث احتكّ لأوّل مرّة بعالم المسرح والفنّ الدرامي بعد لقائه بالفنّان مصطفى غريبي ليلتحق بعد اندلاع الثورة المسلّحة سنة 1955 بالمنظّمة المدنية لجبهة التحرير وأصبح سنة 1957 عضوا دائما في اتحادية فرنسا لجبهة التحرير الوطني، حيث مارس مهامه النّضالية في باريس ومرسيليا· نفّذ المرحوم العديد من العمليات النّضالية لصالح الثورة الجزائرية، كما لم يبخل في توظيف معارفه النّضالية لخدمة القضية الفلسطينية وقهر الموساد الذي لقّنه أروع عبارات الدفاع عن الأمّة الفلسطينية والذود عن حرّيتها مقابل دفع النّفس والنّفيس· وبالفعل دفع محمد بودية روحه فداء للقضية الفلسطينية، حيث اغتاله (الموساد) في 28 جوان 1973 بباريس إثر عملية تفجير استهدفت سيّارته ودفن عشية عيد الاستقلال من نفس السنة بالجزائر·