أفاد مسؤولون أمريكيون سابقون وحاليون بأن الوكالات الاستخباراتية الأمريكية تضطلع بدور حيوي في تعقّب الزّعيم الليبي المطارَد معمّر القذافي، غير أنها تحرص على الإبقاء على هذا الدور بعيدا عن الأنظار· ورغم أن الجيش الأمريكي ووزارة الخارجية الأمريكية يسعيان للنّأي بواشنطن عن عملية تعقّب القذافي، إلاّ أن مسؤولين حاليين وسابقين أقرّوا بأن الوكالات الاستخباراتية الأمريكية تولي القبض على الزّعيم الهارب أهمّية خاصّة· وحسب تقرير بثّ على وكالة (فرانس برس)، يقول بروس ريدل المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) والباحث البارز في مؤسسة بروكينغز: (يتعلّق الأمر بالوصول إليه قبل سعيه لتشكيل جبهة تمرّد ضد الحكم الجديد)، وتابع: (بالنّسبة لتعقّب القذافي أنا متأكّد من أن الوكالة سي آي أيه تدرس بعناية أنماط تحرّكاته السابقة، ما يشير إلى الأماكن المحتمل أن يتواجد بها الآن)· ولا تنقص الولايات المتّحدة الإمكانات التي يمكن الاستفادة منها في تعقّب القذافي، بما في ذلك طائرات الاستطلاع ومعدّات التنصّت، فضلا عن المعلومات التي يدلي بها مَن انشقّوا من أقطاب النّظام السابق والمعلومات التي يوفّرها رجال ونساء (سي آي أيه) على الأرض، حسب المسؤول السابق للوكالة· فالمنشقّون مثل موسى كوسا الرئيس السابق للاستخبارات الليبية ووزير الخارجية السابق قد يشكّلان مصدرا لا غنى عنه في تحديد مكان القذافي· ويقول ريدل: (استفدنا من انشقاق مسؤولين ليبيين كبار مثل موسى كوسا، حيث وجّهت إليهم طبعا أسئلة أساسية للكشف عمّا يعرفونه عن منظومة عمل القوّات العسكرية والاستخباراتية للعقيد)· ومع تأكيد قوّات المعارضة المسلّحة سيطرتها على أغلب أنحاء ليبيا وهروب القذافي، بات الجيش الأمريكي يركّز الآن على تعقّب الزّعيم السابق وعلى (المرحلة التالية)، حسب ما قال مسؤول دفاعي رفض الكشف عن اسمه· ويقول هذا المسؤول ل (فرانس برس): (نركّز على هذا الأمر الآن وعلى مدى قدرته القذافي على حشد الدّعم لصالحه)· إلى ذلك، أكّد فريدريك ويري المحلّل السياسي البارز في مؤسسة راند للأبحاث أن (أيّ دعم يقدّم لعملية تعقّب القذافي سيجري وراء الكواليس، ما يتّفق والطبيعة الاستخباراتية للعمل). غير أن ويري الذي عمل من قبل مستشارا أمريكيا في العراق، استبعد قدرة القذافي على إدارة عملية تمرّد واسعة على شاكلة ما جرى في العراق على سبيل المثال، وأضاف: (سيكون اعتقاله وستكون محاكمته خطوة مهمّة على طريق إعادة تأهيل البلاد والدّفع بها قدما)· وتحاول الولايات المتّحدة النّأي بنفسها عن محاولات تعقّب الزّعيم الليبي معمّر القذافي قائلة إنه لا القدرات الأمريكية ولا قوّات حلف شمال الأطلسي تستهدفان الزّعيم الهارب، نقلاً عن تقرير اليوم الجمعة· وتتضارب التصريحات مع إعلان وزير الدفاع البريطاني عن مساعدة الحلف للمجلس الوطني الانتقالي في تعقّب الزّعيم الليبي وفلول نظامه· وسلّطت تعليقات مسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية الضوء على حساسية واشنطن اتجاه أيّ تحوّل متصوّر في المهمّة العسكرية لحلف الأطلسي في ليبيا نحو التورّط المباشر في تغيير النّظام هناك·