فرحة عيد منقوصة شعر بها أغلب المواطنين في العاصمة وبعض المدن الكبرى في الجزائر خلال أيّام العيد، وذلك بسبب أزمة حادّة في الخبز وعدد كبير من المواد الغذائية الضرورية نظرا لتعمّد معظم التجّار غلق أبوابهم رغم التعليمات الصارمة من طرف وزارة التجارة واتحادي التجّار والخبّازين بوجوب ضمان الخدمة المحدودة للمواطنين· وجد معظم الجزائريين أنفسهم مجبرين على (مواصلة الصّوم) في ثاني أيّام العيد بسبب الأزمة الحادّة التي عانوا منها بخصوص إيجاد بعض المواد الغذائية الضرورية في مائدة الأسرة الجزائرية كالخبز والحليب، فالكلّ أوصد أبوابه إلى حين، فقد اختار أغلب أصحاب المحلاّت تمضية العيد مع عائلاتهم وترك باقي المواطنين يتخبّطون في هذه الأزمة التي ملّوا من معايشتها كلّ عيد، فبعضهم اطمأن قليلا مع التعليمات الموجّهة من طرف اتحادي التجّار والخبّازين التي تلزم التجّار والخبّازين بضرورة فتح محلاّتهم خلال العيد للتقليل من معاناة المواطن التي يعيشها كلّ عام في هذه المناسبات، إلاّ أن الواقع كان مغايرا تماما لتطمينات هؤلاء المسؤولين والضحّية كان المواطن كالعادة الذي دخل في دوّامة كبيرة وهو يبحث دون كلل عن محلّ يبيعه بعض الخبز والحليب لكن لا حياة لمن تنادي فالعاصمة مثلا بدت مدينة شبه مهجورة من أهلها خلال العيد، فلا أثر لأيّ محلّ أو سوق مفتوح، فالكلّ اعتكف في بيته أو عند الأقارب ولم يهمه أبدا أمر هذا المواطن الباحث عن خبزة وكيس حليب لأبنائه وضيوفه· وقد كانت أكثر فئة متضرّرة من هذه الأزمة هم العاملون لفترات المناوبة خلال الأعياد، والذين لم يجدوا من أين يقتنون غذاءهم، فلم يجدوا أمامهم إلاّ محلاّت تبيع الفواكه ومحلاّت أخرى لبعض الحلويات التي فتحت أبوابها للعائلات التي تقوم بشراء هذه المواد بغرض أخذها معها للزيارات العائلية التي تكون في هذه المناسبات، فكانت هذه المحلاّت خيار العمّال الوحيد، فيما لجأ بعضهم إلى البدء في صوم الأيّام الستّة من شوال بعد أن ضاق ذرعا بجوع إجباري فرض عليه من طرف التجّار· فماعدا بعض المحلاّت التي تعدّ على الأصابع في الأحياء الشعبية فان كلّ الأسواق والمحلاّت بكلّ أنواعها قد أقفلت في وجوه سكان العاصمة، فالرغاية مثلا بدت خاوية على عروشها بعد أن أشعلت كلّ شموعها خلال أيّام رمضان، وباب الوادي هي الأخرى ذهب عنها بريقها الذي عاشته خلال رمضان بغياب كلّ الأسواق والباعة عن شوارعها والأبيار هي الأخرى خلت من المارّة والزبائن الذين ملأوها خاصّة أيّام قليلة قبل العيد. أمّا بعض المواطنين الذين لم يثقوا في تنفيذ التجّار لتعليمات اتحاد الخبّازين واتحاد التجّار فقد عمدوا إلى تخزين الخبز والحليب في الثلاّجات وشراء الخضر بكمّيات كبيرة، ورغم مضارّ هذا التخزين خاصّة مع الحرارة الشديدة إلاّ أن هؤلاء السكان أفلحوا في عملية التخزين، فأزمة الندرة اجتاحت كلّ الجزائر ومسّت معظم الأسر التي لم تحسن التدبير لعيد دون أزمة، وأغلب المواطنين يرجعون عدم استجابة التجّار والمخابز لقرارات المسؤولين بسبب أنهم قد جمعوا أرباحا طائلة خلال رمضان خاصّة في الأيّام الأخيرة منه، فهذه الأرباح تغنيهم عن الفتح خلال العيد وما بعد العيد بعدّة أيّام فالأزمة قد تتواصل إلى عدّة أيّام أخرى· ومن جهة أخرى، فإن كلّ شيء في العاصمة مشلول خلال العيد، فوسائل النّقل مثلا شبه منعدمة خاصّة في المناطق البعيدة، لذا وجد السائقون غير الشرعيين (الكلونديستان) ضالّتهم في هذا العيد، فلقد عوّضوا هذا النقص لكن بأثمان مضاعفة أثقلت جيوب المواطنين الذين لم يجدوا بدا من التوجّه عبر هذه الوسيلة. وحتى الصيدليات أقفلت هي الأخرى أبوابها، فلا دواء للمرضى إلاّ بعد العيد فكلّ شيء مؤجّل إلى ما بعد العيد ،فعلى المواطن أن يتحلّى بالصبر أكثر وأن يقتصد في استعمال الخبز والحليب·