أكّدت وزارة الخارجية الفرنسية أن التعاون مع الطرف الجزائري لحماية وترميم المقابر الفرنسية بالجزائر تسير في خطّها الصحيح، بعد أن ساقت جمعيات العائدين »الأقدام السوداء« والجمعيات المطالبة باسترجاع أملاكها في الجزائر، اتّهامات للجزائر بإهمالها لأماكن دفن الفرنسيين. قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن اجتماعا للإعلام والتشاور بمقرّ »الكيدورسي« بباريس تمّ بحضور سائر جمعيات »الأقدام السوداء« والتنظيمات المعنية ب »الحفاظ على المقابر الفرنسية بالجزائر« برئاسة مدير الرعايا الفرنسيين في الخارج. وحضر اللّقاء الذي تبع بندوة صحفية القنصل العام للجزائر العاصمة ورئيس المهمّة الوزارية المشتركة الخاصّة بالمرحّلين »الأقدام السوداء«. وجاء الاجتماع بعدما طالبت عشرات العائلات الفرنسية كانت مقيمة بالجزائر إبّان الحقبة الاستعمارية بترحيل رفات ذويها المتواجدين في المقابر المسيحية في الجزائر، بمبرّر »إهمال التكفّل الجيّد بها وتعرّض المقابر للتخريب«. وأشارت العديد من الجمعيات الدينية المسيحية واليهودية إلى أنه توجد نحو 500 مقبرة مسيحية في الجزائر، أغلبها عرضة للإهمال والتخريب. وعبّرت عائلات ذووها مدفونون في المقابر المسيحية في الجزائر وأكثرهم من الكولون، عن رغبتها في استرجاع رفاتهم وإعادة دفنها في بلدهم. ومردّ موقف العائلات الفرنسية هذا ومن ورائها العديد من الجمعيات الدينية، إظهار صور حديثة لمقابر مسيحية في الجزائر التقطها »الأقدام السوداء« وبعض يهود الجزائر الصائفة الماضية، ما أثار حفيظة العائلات المعنية. وقالت مصادر على صلة بالموضوع، إن الجمعيات المعنية تحضّر لمراسلة الجمعية الوطنية الفرنسية تطلب فيها استصدار قانون يتمّ بموجبه تقنين عملية ترحيل الرفات وتنظيمها والتحاور مع السلطات الجزائرية لتحقيق المبتغى. وترى الجمعيات الدينية أن المقابر المسيحية في الجزائر تعاني الإهمال، أكثر من ذلك أسقطت هذا الواقع على موقف صريح تبنّته. ويأتي تحرّك العائلات الفرنسية أشهرا بعد قرار السلطات الجزائرية اعتماد ممثلية للديانة اليهودية في الجزائر بشكل رسمي لتسيير 25 معبدا يهوديا عبر الوطن والسماح لها بالنّشاط بشكل قانوني وفقا لقانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين، والذي أصدرته الحكومة في فيفري 2006، موازاة مع ترخيص الحكومة لثماني جمعيات مسيحية للنشاط في الجزائر، بما في ذلك إشرافها على بعض المقابر. كما تتابع ممثلية الديانة اليهودية مع وزارة الشؤون الدينية المقابر اليهودية في الجزائر، وتحديدا في ولايات تلمسان والبليدة وقسنطينة، علاوة عن تنظيمها رحلات سياحية لليهود. وركّز المسؤولون الفرنسيون خلال الاجتماع على الإجراءات التي شرع في تنفيذها مع السلطات الجزائرية المعنية من أجل تنفيذ خطّة عمل فيما يتعلّق بالمقابر المسيحية، سبق وأن انطلقت سنة 2003 باقتراح من الرئيس السابق جاك شيراك خلال زيارته للجزائر، ودخلت حيّز التنفيذ عامين بعد ذلك، بينما عرفت الخطّة تقدّما إثر الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي سنة 2007. وقال مدير دائرة الرعايا الفرنسيين بالخارج في »الكيدورسي« إن السلطات الجزائرية أبدت تعاونا ممتازا في ملف المدافن الفرنسية، وأكّد المشاركون على نجاح خطّة العمل المتعلّقة بحماية المقابر، بينما أكّد ذات المسؤول على تنظيم مصالحه اجتماع ثان شهر أكتوبر المقبل بإشراك الجمعيات المعنية بغرض دراسة الخطوط العريضة لما يمكن أن يتّخذ من إجراءات مستقبلا. وكانت العشرات من العائلات الفرنسية من »الأقدام السوداء« قد طالبت بترحيل رفات ذويها المدفونين في الجزائر، بمبرّر »إهمال التكفّل الجيّد بها وتعرّض المقابر للتخريب«، وساقت حملة ضد السلطات الجزائرية على ما وصفته ب »وضع كارثي ل 500 مقبرة مسيحية بالجزائر«، وقام بعضها بتصوير مقابر بوهران وقسنطينة للتدليل على أحقّية مطلبها، كما اتّهمت الجزائريين بالاعتداء على مدافن ذويها، مشيرة إلى مقبرة سانت كلو بوهران. كما طلب هؤلاء من سلطات بلدهم تأسيس هيئة رسمية تتولّى متابعة صرف الأموال الممنوحة للسلطات الجزائرية من أجل إعادة ترميم المقابر.