اعترفت الخارجية الفرنسية والجمعيات المعنية بالحفاظ على المقابر المدنية بالجزائر بالتعاون الوثيق للسلطات الجزائرية في صيانة هذه المواقع في إطار مخطط يلعب فيه كل طرف دوره، وأكدت بأن تنفيذ مشروع تحسين وضعية تلك المقابر لم يكن ليحدث لولا التسهيلات الجزائرية المقدمة في هذا الشأن. وذكرت الخارجية الفرنسية أمس بأن السلطات الجزائرية أبدت تعاونا وثيقا فيما يتعلق بهذا الموضوع، الأمر الذي ساهم أكثر في إحداث التنسيق بين الجمعيات الفرنسية المعنية بهذا الجانب والحكومة الفرنسية، واعتبرت أن الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي الى الجزائر في ديسمبر 2007 واللقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد عزز التعاون القائم بين البلدين منذ سنة 2005 في عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. ووصفت الخارجية الفرنسية والجمعيات المعنية بالحفاظ على المقابر المدنية بالجزائر تعاون السلطات الجزائرية ب''الممتاز'' وأنه مكن من نجاح مخطط الحكومة الفرنسية في رعاية تلك المقابر وصيانتها والقضاء على حالة التدهور التي أصابتها. وجاءت اعترافات وزارة الخارجية الفرنسية بالتعاون الوثيق للسلطات الجزائرية في لقاء انعقد يوم الجمعة الماضي بمقر الكيدورسي وشاركت فيه العديد من الجمعيات الفرنسية المعنية بالحفاظ على تلك المقابر المدنية المتواجدة بشمال إفريقيا وبخاصة بالجزائر. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية السيد برنار فاليرو في الندوة الصحفية الأسبوعية التي نشطها أمس، أن الاجتماع سمح لكل الأطراف بالتأكيد على الدور الإيجابي للجانب الجزائري في تنفيذ مخطط الحفاظ على تلك المقابر، والتقت ثماني جمعيات وممثل عن وزارة الخارجية وممثلين عن البرلمان حول ضرورة مواصلة التنسيق مع السلطات العمومية الجزائرية لإنجاح برنامج العناية بتلك المدافن. وتحوز الجزائر اليوم على هيئة عمومية تابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية أطلق عليها اسم ''مؤسسة تسيير المقابر'' تتكفل بصيانة المقابر المسيحية واليهودية وكذا مقابر المسلمين. وتشكل عملية الحفاظ على المقابر المسيحية واليهودية بالجزائر حساسية بالنسبة للطرف الفرنسي حيث كانت موضوع خلاف بين السلطات الفرنسية والعديد من الجمعيات التي حملت الحكومة مسؤولية عدم المساهمة في تنفيذ برنامج خاص بصيانتها والحفاظ عليها الأمر الذي دفع بالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك سنة 2003 إلى الكشف عن مخطط في هذا الشأن شرع في تنفيذه سنة 2005 بالتنسيق مع السلطات الجزائرية. ويعد لقاء يوم الجمعة الماضي الأول من نوعه بين الجمعيات والحكومة الفرنسية، وتقرر عقد لقاء ثان في شهر أكتوبر القادم لبحث الخطوات المستقبلية التي تستهدف المقابر المسيحية واليهودية بالجزائر. وحسب الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية فإن اللقاء الذي جمع مسؤولي الكيدورسي والجمعيات وممثلين عن البرلمان يعد إطارا ضروريا لتنسيق التعاون فيما بينها أولا وكذا العمل في إطار منظم مع السلطات الجزائرية. وتوجد في الجزائر العشرات من المقابر اليهودية والمسيحية، 34 منها بالجزائر العاصمة وحدها وهي أماكن تم فيها دفن المعمرين الفرنسيين خلال فترة الاستعمار من 1830 إلى ,1962 وتعرض الكثير منها في سنوات التسعينات إلى الإهمال قبل أن تقوم السلطات الجزائرية بإنشاء مؤسسة تسيير المقابر التي شرعت في تطبيق مخطط للحفاظ عليها. وبرز الاهتمام الفرنسي بتلك المقابر في السنوات الأخيرة بسبب كثرة الزيارات التي يقوم بها العديد من الفرنسيين الذين عاشوا في الجزائر، وانشغالهم بتفقد أماكن دفن ذويهم. وشكل هذا الملف محور سؤال تم طرحه من طرف أحد أعضاء البرلمان الفرنسي على وزير الخارجية السيد برنارد كوشنير حيث أوضح في رده خلال جلسة انعقدت في 15 جوان الماضي أن الحكومة الفرنسية أنفقت 5,2 مليون أورو لإعادة تهيئة المقابر، وكشف عن وجود مخطط للفترة الممتدة من 2010 إلى 2011 لجمع 153 مقبرة منها 58 مقبرة في منطقة العاصمة وحدها. وأشاد السيد كوشنير بدوره بجهود الحكومة الجزائرية التي تولت بناء سياج أو أسوار لمنع تدهور وضعية المقابر الفرنسية ببلادنا، وأضاف ان السلطات العمومية الجزائرية تولت وحدها ولفترة طويلة عملية الحفاظ على تلك المقابر.