مراصد إعداد: جمال بوزيان طرفا النزاعات والحروب يحتاجان طرفا ثالثا قَطر.. وسيط موثوق به لدى المقاومة الفلسطينية تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ. ***** الطوفان... ودور قطر! بقلم: أ.م. رابح لكحل من القضايا التي تثار كل مرة ويتكرر طرحها كموضوع لنقاش لا ينتهي الاختلاف حول توصيف أو الحكم على الدور الذي اشتهرت به قطر كوسيط إقليمي ودولي ويأتي التباين في تقييم هذا الدور من التناقض الذي يبدو بالنظر لحجمها كإمارة صغيرة لا تمتلك عوامل القوة الكلاسيكية (لا مساحة لا قوة يشرية لا قوة عسكرية لا موقع مؤثر... إلخ) مقابل حضورها القوي في مجالس الكبار ومشاركتها الفعالة في حل الكثير من القضايا والصراعات..وزادت حدة الجدل حول قطر بعد طوفان الأقصى خاصة مع بروزها كوسيط دائم بين المقاومة الفلسطينية من جهة والعدو الإسرائيلي وأمريكا من جهة ثانية وفي تقديري أن إساءة الظن بقطر وبأدوارها في القضية الفلسطينية مرده أسباب مختلفة أهمها : 1-حملة التشهير والتشويه المنظمة الذي تمارسها دول محور -الثورة المضادة- عبر إعلامها وذبابها الإلكتروني والتي لم تخفي حقدها ولا حتى غيرتها (التي لا يُعرف بها الرجال كثيرا) من قطر وقيادتها التي استقلت بمواقفها وتمايزت بسياساتها عنهم في مختلف المجالات. 2-ثقافة سوء الظن أو لنقل غلبة ثقافة التفسير المؤامراتي التي لا يطمئن إلا إليها الكثير من الناس عندنا على اختلاف مستوياتهم العلمية أو مواقعهم الاجتماعية... حتى تحولت إلى إشكال منهجي في التحليل أسبابها تاريخية أساسا. 3-سوء إدراكنا لطبيعة الممارسة السياسية ومقتضياتها وتعامل الكثير منا معها بمنطق الكل أو لا شيء وهذه النظرة القاصرة هي ناتج مباشر عن ثقافة الاستبداد في الحكم التي أبعدت الكفاءات من الناس عن العمل السياسي وحرفت وشوهت مفهومه في ثقافتنا الجمعية. ولغرابة الأشياء من المهم هنا التذكير بأن الطعن في دور قطر وعدم الثقة فيها عبر عنه الاحتلال نفسه في عدة مناسبات وبطرق مختلفة فكثيرا ما أعلن قادته أنهم لا يثقون في قطر ويفضلون الوساطة المصرية وهذا مفهوم ولقد اقترحوا أخيرا حتى السعودية والإمارات كوسيط أنسب!. 1-القوة الناعمة لقطر : لجوء أمريكا (في قضية طالبان مثلا..) ودول عظمى أخرى آخرها روسيا (في حربها الأخيرة مثلا..) للوساطة القطرية في قضايا ليست بالضرورة عربية أو حتى إسلامية حازته قطر في تقديري بفضل خطة واعية متكاملة الأركان وضعتها ونفذتها القيادة القطرية بنجاح منذ اعتلاء الأمير حمد بن خليفة العرش(سنة 1995) والتي قامت في عمومها على السعي لاكتساب قوة ناعمة مع إدراك القيادة القطرية استحالة تحولهم إلي قوة كلاسيكية مع ما سبق ذكره من انعدام عواملها ومع مرور الوقت كسبت قطر هذه القوة وفرضت نفسها على الجميع ولو بحثنا عن العوامل التي وظفتها نجد : 1- الثروة المالية والطاقوية (نفط وغاز).. 2-قوتها الإعلامية ممثلة خاصة في شبكة الجزيرة الأكثر تأثيرا عربيا والحاضرة بقوة دوليا.. 3-انفتاحها على مختلف القوى وتعاملها مع كل التيارات على الأرض.. 4-علاقتها القوية والمتميزة بتنظيمات التيار الإسلامي المختلفة... 5-استثماراتها الواسعة والمتنوعة (تجارية صناعية رياضية ثقافية ..الخ) في مختلف بقاع العالم.. 2-موقف المقاومة : لو حصرنا الحديث عن الوساطة في القضية الفلسطينية نجد أن قطر تتمتع بعلاقة جيدة مع جميع الأطراف فمن جهة تواصلها وتعاملها قوي مع سلطة التنسيق الأمني بحيث تقدم لها حوالي 400 مليون دولار سنويا كمساعدات معلنة وهذا ما يهم عصبة عباس وزبانيته أساسا ومن جهة ثانية تعد من الدول القليلة التي تتعامل معها المقاومة وتثق في دورها كوسيط.. وقد أعلنت قيادات المقاومة كم من مرة ثقتها في وساطة قطر وآخرها ما أعلن عنه الدكتور موسى أبو مرزوق بأنهم رفضوا العرض الفرنسي بتوفير الدواء وطلبوا ذلك من الحكومة القطرية.. وحتى مختلف جولات التفاوض بعد الطوفان كانت بوساطة قطرية أساسا.. وهذا الموقف من المقاومة يعبر عن وعي عميق من قياداتها بطبيعة المحيط المعادي في غالبه لمطالب التحرر فالتاريخ القريب ومختلف التجارب السابقة أثبتت أن جل سُلطه تعمل لصالح سياسات المحتل وأهدافه ومن الغباء الاعتماد عليها وهنا أستشهد بملخص (أذهلني..) وضعه معهد دراسات يسمى المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية لموقف النظام المصري من القضية الفلسطينية يقول فيه إن السياسة المصرية (منذ 2014 خاصة..) تجاه غزة تقوم على : 1-عزل غزة سياسيا وماليا.. 2-التحريض والعمل على تدمير مقاومتها.. 3- العمل على عدم الارتباط بالشأن الغزي خصوصا.. ولو وظفنا هذه المؤشرات الثلاثة لاتضحت لدينا المؤامرة الكبرى التي تهدف لتصفية القضية وتحويل الفلسطينيين إلى هنود حمر جُدد فهزيمة المقاومة بقيادة ياسر عرفات وإبعادها عن ميدان المعركة ثم تدجينها وتحويل بندقيتها للزينة وللاحتفال في الأعراس والمقابلات الرياضية مع عصبة عباس.. تحققت عند ما كانت الوساطة في المفاوضات تتم عبر حكومات محور الثورة المضادة وعلى رأسها المصرية خاصة.. والأغرب حمق القيادة الفلسطينية حينذاك والذي يتجلى في تسليمها وثقتها في الإشراف والرعاية الأمريكية على تلك المفاوضات أو مسارات التسوية المختلفة...!. 3-لماذا قطر؟: كنتيجة لما سبق وذكرته أحب أن أقول للمنتقدين للدور القطري من منطلق مناصرتهم للمقاومة وحرصهم على سلامتها إن وجود من يقوم بدور الوسيط ضرورة تمليها ثقافة الصراعات ومخرجات الحروب فها هي الثورة الجزائرية بالرغم من أنها اتخدت من رنة البارود وزنا ابتداء فإن نهايتها ونتائجها الأساسية كانت نتاج مفاوضات مع المحتل الفرنسي (أنهت وجوده وحررت الأرض..) والتي عرفت ب مفاوضات إيفيان والتي لم تكن لتتم لولا وسيط مقبول إلى حد كبير وهو الحكومة السويسرية آنذاك.. فإذا كانت الخلافات الأسرية تقتضي اللجوء إلى وسيط (... حكما من أهله وحكما من أهلها..) وإذا كانت الصراعات البينية تفرض ذلك أيضا (.. وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما..) وحتى القوى العظمى مضطرة إلى ذلك فها هي أمريكا شرطي العالم المتغولة بقوتها تحرص على وجود وسطاء لفرض حلولها في صراعاتها التي لا تنتهي.. فإن صراع وجود مع الغرب على أرض فلسطين يقتضي بالضرورة توفر هذا الوسيط في مختلف مراحل الصراع ولنتفق ابتداء أن الإشكال ليس في ضرورته المشكلة في مواصفاته الذي تطمئننا على دوره . ف الغرب المنافق يوظف كل شيء لتغليب كفة المحتل فها هي التجربة تكشف لنا استعمالهم لمؤسسات الإغاثة والهيئات الدولية للتجسس وكشف مكامن الضعف لدى المقاومة والأدهى ما تناقلته الأخبار من غزة عن استعمال مستشفى الإمارات الميداني كوكر من أوكار التجسس لصالح العدو... فالعبقرية إذن هي في اختيار الوسيط النزيه الذي يمكننا الاعتماد عليه والتي يمكن تلخيصها في :1-وقوفه على المسافة نفسها بين طرفي الصراع.. 2-امتلاكه لقدرات كافية لإدارة جولات التفاوض وتحمل ضغوطها.. 3-إدراكه العميق لطبيعة الصراع ..4-استعداده لتقديم التعويضات المادية (التكفل بالمصاريف) لتقريب وجهات نظر المتخاصمين.. وهذا كله متوفر في قطر وقياداتها والأهم ثباتها حتى اللحظة على مبادئها المعلنة فنصرتها للقضية الفلسطينية ثابثة بصور مختلفة ولم يسجل عليها أنها وظفتها لخدمة مصالحها الخاصة.وكانت تجربة كأس العالم 2022 ووقوف قطر في وجه الضغوط الرهيبة التي تعرضت لها لتمرير أجندات لا أخلاقية معاكسة لمبادئها التي عرفت بها كافية لاطمئنان المقاومة على أمانة قطر كوسيط وكرافعة داعمة للمقاومة وللقضية الفلسطينية. هذا لا يعني أن نفهم أن الدولة الوسيطة هي جمعية خيرية تقدم خدمات للطرفين بمنطق الإحسان بل مصالحها محققة أيضا بأشكال مختلفة المهم أن لا تكون على حساب القضية الأم. === قراءة في المأزق الإسرائيلي في قطاع غزة بقلم: د. محسن محمد صالح بالرغم من العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة واستشهاد وجرح أكثر من مائة ألف فلسطيني والدمار الهائل الذي لحق بالقطاع إلا أن ذلك لم يُخفِ المأزق الإسرائيلي المتصاعد سياسياً وعسكرياً وداخلياً وخارجياً. يطرح هذا المقال ثمانيةً من أبرز معالم المأزق الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة: أولاً: الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للعدوان تمثلت أهداف العدوان في القضاء على حماس وتحويل غزة إلى منطقة آمنة إسرائيلياً وتحرير المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس وتهجير ما أمكن من أبناء القطاع. وبالرغم من أن الجانب الإسرائيلي تفوَّق في غروره وعجرفته وفي التدمير وارتكاب المذابح ولكنه بعد أكثر من مائة يوم على بدء العدوان فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافه وفي كسر المقاومة وإرادتها والتي ما زالت تقوم بأداء بطولي فعَّال. وتكمن خطورة هذا الفشل في أن الكيان الإسرائيلي اعتبر هذه المعركة معركة الاستقلال الثانية أو معركة وجود وبالتالي فهو مسكون ب رعب الفشل الذي يعني انهيار نظريته الأمنية وفكرة الملاذ الآمن لليهود وفكرة شرطي المنطقة والقوة المهيمنة فيها. وقد يعني ذلك على المدى الوسيط والبعيد بدء العدّ العكسي للكيان الإسرائيلي. إذ إن بقاء حماس ونجاحها في فرض معادلتها والتفاف الجماهير حولها له انعكاساته المستقبلية الكبيرة على الوضع الفلسطيني وعلى بُناه السياسية والقيادية وعلى تبني خيار المقاومة وانهيار مسار التسوية. ثانياً: فقدان الرؤية تعاني الحكومة الإسرائيلية من فقدان الرؤية والبوصلة خصوصاً فيما يتعلق بوضع قطاع غزة بعد الحرب وفي كيفية الخروج من الحرب بانتصار أو بشكل انتصار تُقنع به جمهورها اليهودي. وقد كثرت التصريحات والكتابات لقيادات ورموز ومفكرين صهاينة يَتَّهمون نتنياهو وحكومته بفقدان الرؤية وعدم القدرة على تحديد أهداف ممكنة التنفيذ في ظل حكومة متطرفة مهدّدة بالسقوط وغير قادرة على التعامل الواقعي مع الحقائق على الأرض وغير قادرة على النزول عن الشجرة . وإلى جانب اعتراضات كثيرة سابقة ظهرت مؤخراً اعتراضات ايزنكوت وغانتس على استمرار العملية العسكرية كما انتقد وزير الجيش الإسرائيلي غالانت التردد السياسي الذي يَضرّ بسير العمل العسكري وحذر رئيس أركان الجيش هاليفي مما سماه تآكل إنجازات الجيش في غزة ومن قدرة حماس على إعادة تنظيم نفسها في شمال القطاع بما يعيد الجيش للعمل من جديد في المناطق التي ظنّ أنه أنهى عمله فيها. كما سقطت كل المشاريع الإسرائيلية والأمريكية والغربية بشأن حكم غزة في اليوم التالي للحرب فلا حكم إسرائيلي ولا قوات دولية ولا قوات عربية إسلامية ولا عشائر القطاع هي بدائل مقبولة أو ممكنة التنفيذ. وحتى السلطة الفلسطينية في رام الله لا تستطيع تولي شؤون القطاع إلاّ ضمن توافق فلسطيني داخلي تكون حماس عنصراً أساساً مقرراً فيه. وقد يعني ذلك استمرار الاستنزاف الإسرائيلي دون تحقيق نتائج مع تصاعد الضغوط الدولية لوقف العدوان وترسيخ الوجه البشع للكيان في البيئة العالمية. وهو ما قد يُقوِّي أوراق القوة لدى حماس. ثالثاً: تعاظم الخسائر العسكرية والاقتصادية بالإضافة إلى الضربة القاسية التي تلقاها الكيان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 فإن خسائره استمرت في التصاعد على مدى أكثر من مائة يوم. ويحرص الجانب الإسرائيلي على إخفاء خسائره نظراً لتأثيرها الكبير على كتلته الاستيطانية ومع ذلك فإن ما يرشح من أخبار يشير إلى أضعاف ما يعترف به المتحدثون الرسميون الإسرائيليون. وثمة توقعات بأن تزيد الخسائر الاقتصادية وتكاليف الحرب عن خمسين مليار دولار أمريكي مع تعطل السياحة وعدد من القطاعات الاقتصادية... وغيرها. هذا النزيف الإسرائيلي سيجبره عاجلاً أم آجلاً للتخفيف من مكابرته وعجرفته وسيعيد حساباته في ضوء انخفاض النتائج المتوقعة مقابل الخسائر والتكاليف المدفوعة. رابعاً: الهجرة الداخلية والهجرة المعاكسة مع إخلاء المستوطنين في غلاف غزة وفي شمال فلسطينالمحتلة بعيداً عن خطوط المواجهة ثمة 400–500 ألف مستوطن فقدوا مراكز استقرارهم وفقدوا الشعور بالأمن وتحولوا إلى عبء كبير على الحكومة الإسرائيلية. كما تشير بعض الإحصاءات إلى مغادرة أكثر من 250 ألف يهودي إسرائيل إلى بلدان العالم المختلفة. وهذا يشير إلى أن أزمة حقيقة يعانيها الكيان في توفير الأمن لمستوطنيه وهي أزمة إن طالت ستفقد الكيان أهم أساس قام عليه وهو توفير الملاذ الآمن لليهود. خامساً: الأزمة السياسية تسببت صدمة السابع من أكتوبر وما تلاها والأداء الإسرائيلي على الأرض بتفاقم الأزمة السياسية الإسرائيلية الداخلية. وبالرغم من الرغبة العارمة بالانتقام وتوفير الأمن التي أظهرت نوعاً من الالتفاف الإسرائيلي حول هذا الهدف إلا أن ثمة فروقات متزايدة حول كيفية إدارة المعركة ومستقبل قطاع غزة وعمل صفقة حول المحتجزين الإسرائيليين وطرق التعامل مع البيئة الدولية والضغوطات العالمية. وقد أصابت الهزة السياسية الأحزاب الإسرائيلية وخصوصاً حزب الليكود الحاكم الذي يَتسيّد الساحة السياسية منذ 15 عاماً متواصلة والذي سيفقد نحو نصف مقاعده في أي انتخابات قادمة. كما أن عملية طوفان الأقصى قضت على المستقبل السياسي لنتنياهو الذي استمتع بوضع استثنائي بوصفه أطول رؤساء الوزراء حكماً منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي متفوقاً حتى على الزعيم الصهيوني المؤسس بن غوريون. ويظهر استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديموقراطية نشره في 2 يناير 2024 أن 15 يرغبون ببقاء نتنياهو رئيساً للوزراء. كما تتعالى الأصوات داخل حزبه الليكود بضرورة استبداله بعد تصاعد القناعات أنه انتهى . ويُظهر آخر استطلاع أجرته صحيفة معاريف صعود نجم حزب معسكر الدولة بقيادة جانتس 39 مقعداً والليكود 16 كما تظهر تراجع الصهيونية الدينية. وهو ما يعني سقوط التحالف اليميني الديني الحاكم (قبل 7 أكتوبر) بشكل كبير مع صعود قوي للمعارضة. سادساً: تعطُّل مسار التطبيع في البيئة العربية والإسلامية حيث تحوّل هذا المسار إلى عبء كبير على الدُّول المُطبِّعة. وهذا مسار استراتيجي حيوي بالنسبة للكيان حيث فرضت معركة طوفان الأقصى أكلافاً عالية على المُطبِّعين في بيئات شعبية ترفض أغلبيتها الساحقة التطبيع وترى بأم أعينها الوحشية والدموية الصهيونية في قطاع غزةوفلسطين. سابعاً: تصاعد الضغوط الدولية... وافتضاح الصورة العالمية للكيان حيث أحدثت معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على القطاع هزة عالمية مضادة للكيان بعد انكشاف وجهه المتوحش وسقوط دعاياته كواحة للديموقراطية وفشل تقديم نفسه كضحية. وقد كسب الفلسطينيون المعركة الإعلامية والتعاطف الدولي فيما زادت عزلة الكيان. كما زادت ضغوط حلفاء الكيان لإنهاء عدوانه وتخفيف حدة جرائمه... وهو ما يعني أنه قد يضطر في نهاية المطاف لإيقاف عدوانه والانسحاب قبل تحقيق أهدافه. ثامناً: صعود حماس ثمة قناعات متصاعدة لدى كافة القوى العربية والدولية بما فيها أعداء حماس وخصومها باستحالة القضاء على هذه الحركة خصوصاً في ضوء أدائها البطولي وكفاءتها القتالية العالية سواء في هجوم السابع من أكتوبر أم في القتال الفعّال طوال أكثر من مائة يوم وإيقاع خسائر كبيرة بالصهاينة بالرغم من مواجهتها لتحالف عالمي إسرائيلي أمريكي غربي. غير أن اللافت للنظر هو تزايد شعبية حماس بشكل واسع وسط الشعب الفلسطيني بما في ذلك قطاع غزة نفسه وازدياد التفاف الحاضنة الشعبية حول حماس وخيار المقاومة داخل فلسطين وخارجها بعكس أهداف العدوان الصهيوني. وكذلك دينامية حماس العالية في قطاع غزة التي تُمكنها من العمل العسكري في مناطق تواجد الاحتلال واستعادة السيطرة السريعة على الأماكن التي ينسحب منها وتنظيم نفسها وقواتها بما يكفل متابعة المقاومة الفعالة. لقد أثبتت المعركة أنه لا يمكن الفصل بين حماس وبين الناس وأن حماس مرشحة للفوز بشكل ساحق في أي انتخابات فلسطينية حرة نزيهة. لا شك أن المأزق الإسرائيلي في القطاع كبير وهو سيضطر للنزول عن عجرفته وغروره للتعامل بواقعية أكثر مع الحقائق التي فرضتها المقاومة. ومع إدراكنا للأثمان الهائلة والتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني ومقاومته خصوصاً في قطاع غزة إلا أنه سيرى ثمرة صبره وجهاده عاجلاً أم آجلاً إن شاء الله. ▪️ المصدر: عربي 21