لم يكن أمام قادة جيش الاحتلال الصهيون،ي أي خيارات متاحة للرد على الضربة القاسمة "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر المنقضي، سوى اتخاذ قرار مرتجف بتنفيذ عدوانه على قطاع غزة وارتكاب مجازر مروّعة في حق آلاف الأبرياء. واعتبرت هذه الخطوة بمثابة طوق نجاة أخيرة لرئيس وزراء حكومة الاحتلال الذي يسعى إلى إخماد الغضب المتنامي ضده في الداخل الصهيوني بانتصار وهمي، ضحاياه مدنيين عزل. خيار الحرب البرية على قطاع غزة، لم يكن في بداية الأمر خيارا استراتيجيا أو هدفا رئيسيا بالنسبة لقادة جيش الاحتلال، وهي القراءة التي عززها موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية الداعم القوي والحليف الأول للكيان الصهيوني التي أعربت صراحة عن تحفظها من العملية العسكرية البرية في قطاع غزة كونها محفوفة بالمخاطر وغير واضحة المعالم، غير أن الشرخ الذي خلّفته عملية "طوفان الأقصى" في المجتمع الصهيوني وتفاقم الغضب حيال سياسات حكومة الاحتلال، أدخلت نتنياهو في حالة ارتباك وتخبط ترجمتها ردود فعله غير المتوازنة وقراراته الخاطئة، منها التغريدة التي قام بحذفها سريعا والتي حمّل فيها جميع الأجهزة الأمنية، مسؤولية ما حدث في السابع من أكتوبر المنقضي عندما نجحت المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عملية "طوفان الأقصى". ارتدادات "طوفان الأقصى" كانت عنيفة وذات عواقب وخيمة داخل الكيان الصهيوني، لاسيما لدى النخب الإعلامية والطبقة السياسية التي حمّلت رئيس الوزراء نتنياهو مسؤولية الانقسام الذي ضرب المجتمع الإسرائيلي، وكذا حالة الهلع والرعب الذي أصاب آلاف المستوطنين في غلاف غزة جراء الهجوم الناجح الذي نفّذته فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر والذي سيظل كابوسه يلاحق قادة جيش الاحتلال ويقضّ مضاجعهم. وقال محللون في الكيان الصهيوني، إن المسؤولين في قادة الجيش وأصحاب القرار في حكومة الاحتلال وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو، سيكونون مطالبين بعد انتهاء الحرب، بالإجابة على أسئلة جوهرية ملحّة، سواء بقوا في مناصبهم أو أبعدوا منها ، تتعلق أساسا بما وصف ب "الهشاشة والعجز " وكذا الفشل الذريع في التصدي لعملية "طوفان الأقصى". من بين التساؤلات التي طرحها الخبراء في أعقاب الضربة المؤلمة التي تلقتها المنظومة الأمنية الصهيونية، كيف فشلت أجهزة المراقبة المتطورة جدا في رصد اختراق كتائب المقاومة للمستوطنات والبلدات الإسرائيلية المتواجدة في غلاف غزة؟ وكيف تعطلت معدات الاستشعار والرصد ومنظومات الردع الآلي المحيطة بالثكنات العسكرية المكلّفة بحراسة منازل المستوطنين وغيرها من الأسئلة التي تعري فظاعة الإخفاق الذي منيت به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أمام عملية "طوفان الأقصى". حجم الورطة التي وجد نتنياهو نفسه محاطا بها، كان كبيرا وهو ما أفرزه المزاج العام في الداخل الإسرائيلي الذي تعالت من صلبه أصواتا تمثّل أطيافا سياسية مختلفة تطالب برحيله، محمّلة إياه مسؤولية التبعات السلبية لعملية "طوفان الأقصى"، فكان لزاما على قادة جيش الكيان الصهيوني، برأي متابعين، التحرك للخروج من المأزق والمضي في شن حرب برية غير مدروسة تحت عنوان عريض، وهو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في محاولة للتغطية على نكسته المدوّية وتوجيه أنظار الرأي العام الإسرائيلي، إذ يدرك قادة الاحتلال جيدا، أنه لا وجود لأهداف يمكن أن يستهدفها في قطاع غزة ردا على فصائل المقاومة، لذلك شنّ عدوانا وحشيا من البر والبحر والجو مرتكبا أبشع الجرائم التي لا يمكن وضعها سوى في خانة حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وخلصت قراءات خبراء سياسيين، إلى أن مصير رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بات مرهونا بمآلات الحرب على قطاع غزة، فهو يضع في الحسبان، أن فشل العملية العسكرية في قطاع غزة وعدم تحقيق أهدافها المعلنة، سيجعله في ورطة حقيقية وموقف ضعف أمام الرأي العام الإسرائيلي، وهي الورقة التي سيسعى معارضوه السياسيين لتوظيفها للإطاحة به بعدما تضع الحرب أوزارها.