كل شيء صار مباحا لتجّار المخدرات بغية ترويج سلعهم، فبعد أن استعملوا مختلف الوسائل والتي لا تخطر على بال أحد، هاهم اليوم يبيعون سمومهم في مختلف المحلات التي تختص في بيع مختلف السلع، بل إنّ بعضها افتتح لمجرد التمويه على نشاطه المشبوه. بعد أن ضُيّق الخناق على تجار المخدرات والمستهلكين على السواء، صاروا يبتدعون الحيل المختلفة والشيطانية ويخترعون الوسائل حتى الأكثر غرابة لكي يروجوا لسلعهم الشريرة، بعضهم فضل أن يقحم أفرادا من أسره في تلك العمليات والذين لا يكونون على علم بتلك الممارسات، إلاّ بعد أن تقبض عليهم الشرطة وهم محمَّلون بالمخدرات من مختلف الأنواع، فهناك من استعمل أمه في نقلها، ومن استعمل أخته كذلك في نشرها، بعلمها أو بغير علمها، وآخرون راحوا وبكل وقاحة يخبئون مخدراتهم في بيوتهم، حتى إذا ما اكتشف أحد أمرهم، راحت العائلة بأفرادها إلى السجن، فيتقاسم الجميع العقوبة مع التاجر، كما أنّ هناك من استغل أطفالا ومراهقين في الترويج للمخدرات وبيعها، ويبقى هو بالتالي في الظل، فإذا ما انكشف أمر الشخص الذي وظفه لخدمته، سارع إلى إقناعه بألا يفضحه، أو سارع إلى الهروب والاختباء تاركا شخصا آخر ينال العقوبة مكانه، ورغم أن بعض الباعة يروِّجون لسلعهم على طريقة من لا يخشى السجن، فتجد أنهم ما إن يخرجوا من السجن، حتى يعودوا إليه بعد أسابيع أو أشهر معدودات، إلاّ أن آخرين والذين لا تكاد تعثر على نقطة سوداء في ملفاتهم، وتحسب إذا ما رأيتهم أنهم أشرف الناس وأبعدهم عن تلك الممارسات والأعمال المشبوهة، لكن الحقيقة غير ذلك، فإنك تجدهم يختبئون وراء تجارات وصور غير تلك التي يظهرونها. في حي »سقوطو« بالعاصمة نصب شاب طاولة وراح يبيع عليها مختلف أنواع المكسرات، وحتى الحلوى للأطفال وعلب السجائر، وكان الجميع يقصدونه ومن مختلف المناطق كذلك حتى بدا الأمر غريبا، إلى أن تفطن سكان الحي إلى أنه كان يبيع المخدرات تحت تلك الطاولة المتواضعة، وأنه كان يخفي ذك النشاط المريب عبر الكاكاو والمكسرات التي كان يبيعها، فقاموا بطرده من المكان. وليس ذلك الشاب الوحيد الذي كان يفعل ذلك، بل إنّ الكثيرين اليوم صاروا يخفون معاملاتهم المشبوهة بتلك الطريقة. محلات مواد غذائية، وأكل سريع، وحتى محلات حلاقة، وأكشاك بيع السجائر، كلها صارت معرضة لأن تكون محلات ملغومة، وكلها قابلة لأن تتحول إلى أماكن لبيع السموم والمخدرات الأكثر خطراً على البشرية. يقول لنا مراد عن ابن حيه الذي كان يبيع الحشيش في محل الحلاقة الخاص بوالده، والذي ائتمنه عليه، لكن الولد خان الأمانة، حيث حول المحل إلى »ديبو« لبيع الحشيش، وأحيانا بعض الحبوب المهلوسة، وكان المدمنون يقصدونه من كل مكان ليشتروا منه سلعتهم، لكن لم تمض أشهر حتى أفشى سره أحد زبائنه، والذي اغتاظ منه لأنه لم يرد أن يبيعه كمية من الحشيش بالدين، فأخبر والده بالأمر. وهو الحال ليس فقط بالنسبة للأبناء، فحتى الأولياء والأشخاص المسنون ليسوا بالاحترام الذي يضعهم فيه الناس، حيث أنهم يدخلون عمليات البيع والشراء، وقد يفتحون محلات لمجرد التمويه على نشاطاتهم في بيع المخدرات، فلا يضرون بذلك التصرف المجتمع فقط، بل حتى أبناءهم والشباب الذين يتأثرون بما يفعلونه وقد يقلدونهم كذلك.