** ما الحقوق التي يؤكّدها الإسلام لجميع البشر؟ * يقول الشيخ د. صلاح الصاوي أمين عام مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا مجيباً عن هذا السؤال: لقد جاءت الشريعة بحفظ خمس كليات، ودارت حول تحقيقها وصيانتها جميع ما جاءت به من الشرائع والتكاليف؛ وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وهذه الكليات الخمس تعد مقاصد الأحكام في الشريعة. لقد جاءت الشريعة بحفظ الدين، فحفظت الشريعة للإنسان حقه في الاختيار عندما أعلنت أنه: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” “البقرة: 256”، وقد نزلت هذه الآية عندما همَّ بعض الأنصار الذين تهوَّد أبناؤهم أن يُكرهوهم على قبول الإسلام، وكان منهم من يجادل في ذلك ويقول: “يا رسول الله، أيدخل بعضي النارَ وأنا أنظر؟” ومع ذلك نزل النص صريحًا وقاطعًا في النهي عن الإكراه في الدين. وعندما أوجبت قتال من يعتدون على هذا الحق، ويصادرون على الإنسان حقه في الاختيار، في مثل قوله تعالى: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” “الأنفال: 39”. وعندما قررت لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي حقوقهم الكاملة في تركهم وما يدينون، وفي حرية أدائهم لشعائرهم والتحاكم في مسائل الأحوال الشخصية إلى شرائعهم، وهو أمر لم تبلغه أكثر الدول تحضرًا ودفاعًا عن حقوق الإنسان في هذا القرن. وحفظت للدين حرمته في قلوب العباد: عندما أوجبت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لتمنع العابثين الذي يشيعون في الأرض الفساد، وينتهكون حرمات الله، وعندما جعلت على رأس المهمات المنوطة بالأمة حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف هذه الأمة، إلى غير ذلك من منظومة الأحكام التي تهدف في نهاية المطاف إلى حفظ الدين. ولقد جاءت الشريعة بحفظ النفس: وذلك عندما حرمت العدوان عليها بغير حق، وقررت على ذلك ما قررت من العقوبات الرادعة، وهي حرمة لا تبدأ من الولادة فحسب، بل تحوط الحياة البشرية بسياج قوي من الحماية، وهي لم تزل في عالم الرحم، فحرَّمت الإجهاض وقررت عليه عقوبات رادعة. وعندما قررت كفالة الضرورات الحياتية للإنسان طعامًا وكساء ودواء، وجعلت ذلك من فروض الكفاية التي تأثم الأمة كلها إذا لم تقم به على وجهه، وعندما حرمت الانتحار وجعلت عقوبته الخلود الأبدي في النار، إلى غير ذلك من منظومة الأحكام التي تهدف في نهاية المطاف إلى حفظ النفس. ولقد جاءت الشريعة بحفظ المال: عندما حضَّت على استثماره، وحرَّمت اكتنازه، وحرمت الاعتداء عليه بغير حق، وقررت أنه لا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما كان عن طيب نفس منه، وعندما قررت عقوبات حدِّية موجعة على السرقة والحرابة، وعقوبات تعزيرية تُترك لتقدير السلطات المختصة في الدولة الإسلامية على سائر صور الاعتداء الأخرى على المال، إلى غير ذلك من منظومة الأحكام التي تهدف في نهاية المطاف إلى حفظ المال. ولقد جاءت الشريعة بحفظ العقل: عندما حرمت الخمر وسائر المسكرات والمُفتِرات بيعًا، وشراء، وتعاطيًا؛ حتى لعنت في الخمر عشرة، ولم تكتف بمجرد لعنة الساقي والمتعاطي، بل شملت البائع والمشتري والحامل لها والمحمولة إليه.. إلخ، وعندما أوجبت عقوباتٍ حدية وتعزيرية على هذه المحرَّمات لتردع بسطوة العقوبة من لم يرتدع بوازع الدين والخُلق والمروءة! ولقد جاءت الشريعة بحفظ العرض والنسل: عندما حرمت الزنا، والشذوذ بجميع صوره، وحرمت القذف، ونهت عن إشاعة الفاحشة في المجتمع، وقررت على ذلك ما قررت من العقوبات الغليظة، وعندما سدت الذرائع إلى الفاحشة بما قررته من الحض على الزواج وتيسير أسبابه، وتحريم التبرج والاختلاط الفاحش والخلوة بالأجنبية، إلى غير ذلك من منظومة الأحكام التي تهدف في نهاية المطاف إلى حفظ العرض والنسل. ومن تأمل جميع الأحكام الشرعية يجد أنها تحقق هذه المقاصد ابتداء، أو تحرسها وتحافظ عليها دوامًا، وللمقاصد دورُها المهم في الاجتهاد والاستنباط، بحيث إذا تعارض اجتهادٌ جزئي مع مقصود كلي قُدِّم المقصودُ الكلي على الاجتهاد الجزئي، ولم تكتف الشريعة بجعل هذه الكليات حقوقًا للإنسان، بل رفعتها إلى مصاف الفرائض، بل إلى مصاف الحرمات، التي ليس لأحد المساس بها بحال من الأحوال. * لقد جاءت الشريعة بحفظ الدين، فحفظت الشريعة للإنسان حقه في الاختيار عندما أعلنت أنه: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” “البقرة: 256”، وقد نزلت هذه الآية عندما همَّ بعض الأنصار الذين تهوَّد أبناؤهم أن يُكرهوهم على قبول الإسلام، وكان منهم من يجادل في ذلك ويقول: “يا رسول الله، أيدخل بعضي النارَ وأنا أنظر؟” ومع ذلك نزل النص صريحًا وقاطعًا في النهي عن الإكراه في الدين.