** هل يجوز قضاء صوم رمضان على فترات متباعدة؟ أم يجب القضاء في أيام متتاليات؟ * يستحب تعجيل القضاء وتتابعه عند الاستطاعة ولا يجب، قال العلامة المواق في التاج والإكليل على مختصر الشيخ خليل عند قوله: (وتعجيل القضاء وتتابعه) يستحب أن يقضي رمضان متتابعاً عقب صحته أو قدومه؛ لأن المبادرة إلى امتثال الطاعات أولى من التراخي عنها، وإبراء الذمة من الفرائض أولى). عدم قضاء الأيام الفائتة من الصوم ** لم أقض الأيام التي أفطرتها في رمضان لجهلي بضرورة قضائها، وحالياً أنا مريضة وقد منعني الطبيب من الصوم نهائياً، ولكن تمكنت هذا العام من الصيام. ولله الحمد فما فتواكم في أمري؟ * بما أنك قدرت على الصوم بدون ضرر فيجب عليك قضاء ما فاتك من أيام من رمضان حسب الاستطاعة، ولا كفارة عليك في تأخير القضاء لجهلك بوجوب القضاء قبل رمضان الموالي قال العلامة النفراوي في الفواكه الدواني على رسالة بن أبي زيد القيرواني “بخلاف التأخير لإكراه أو جهل فلا كفارة؛ لأن الكفارة الكبرى إذا كانت لا تجب بالفطر مع الإكراه أو الجهل فأحرى الصغرى..”، وتواصلي مع الطبيب حتى لا يحصل لك ضرر بسبب الصوم فالطبيب أدرى بحال المريض، والله أعلم. قضاء رمضان لأعوام مختلفة ** من أراد صيام قضاء رمضان لأعوام مختلفة، فهل تكفي نية قضاء الصيام دون تحديد العام؟ علماً بأنه قضاء لأيام الدورة الشهرية، ولا أعلم عدد الأيام التي كانت تأتيني فيها الدورة في هذه الأعوام. * نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك قضاء ما عليك من الصوم، ويكفيك نية قضاء الصيام الذي عليك ولا يشترط تحديد العام، إلا أنه يشترط في القضاء تبييت نية الصوم عند كل ليلة، لأنه صوم لا يجب تتابعه، قال العلامة محمد عليش رحمه الله (وكل ما لا يجب تتابعه كقضاء رمضان وكفارة يمين وفدية وهدي وجزاء وصيام رمضان بسفر أو مرض فلا بد من تجديد النية كل ليلة). ولتحتاطي في حساب عدد الأيام التي عليك، مع العلم بأن من كان عالما بوجوب القضاء قبل دخول رمضان الموالي وفرط في القضاء حتى دخل رمضان الموالي فعليه مع القضاء فدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم. حكم صيام الجمعة منفردا ** هل يجوز صيام الجمعة منفرداً لقضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان بسبب الدورة الشهرية، علماً بأنه يصعب عليَّ صيام بقية أيام الأسبوع بسبب صعوبة وطول اليوم في العمل والدراسة المسائية؟ * يجوز لك صوم يوم الجمعة منفرداً لقضاء ما عليك من الصوم اتفاقاً، وأما صيام يوم الجمعة منفرداً تطوعاً فلا حرج فيه ففي موطأ الإمام مالك قال: “لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه”، وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَال: (مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا يَوْمَ جُمُعَةٍ قَطُّ). وروى أيضاً عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: (مَا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُفْطِرًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَطُّ). وروى أيضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: (مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ). وأما النهي الوارد عن إفراده بالصوم تطوعاً فمحمول على خوفه صلى الله عليه وسلم من أن يفرض صيامه، وهذا الخوف قد انتهى بوفاته صلى الله عليه وسلم، ومن ثمّ انتفت علة النهي عن إفراده بالصوم قال الشيخ محمد علَّيش رحمه الله في منح الجليل: (وجَازَ صَوْمُ يَوْمِ جُمُعَةٍ فَقَطْ لَا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلَا بَعْدَهُ يَوْمٌ أَيْ: نُدِبَ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلَا خِلَافَ فِي نَدْبِهِ، وَإِنَّمَا فسر الْجَوَاز بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمُ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وحمل النَّهْي الْوَارِد فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ)، عَلَى التَّقِيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ كَمَا اتَّقَى قِيَامَ رَمَضَانَ، وَقَدْ أَمِنَّا مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَا يُذْكَرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَانَ يَصُومُهُ إلَى أَنْ مَاتَ). والله أعلم.