بخصوص إبعاد رعايا جزائريين من فرنسا 5 معطيات تنسف مزاعم روتايو ف. ه بمجرد أن نشرت الجزائر ردها على الخطوة الفرنسية الجديدة المتمثلة في تقديم قائمة بأسماء المواطنين الجزائريين الصادرة في حقهم قرارات الإبعاد من التراب الفرنسي سارع وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو في حسابه على منصة إكس X إلى اتهام الجزائر مرة أخرى بانتهاك التزاماتها الدولية. إن هذا الاتهام الذي بات متكررا للغاية في الآونة الأخيرة وان كان تكرراه لا يجعل منه حقيقة فإنّه يستحق تسليط الضوء عليه بشكل خاص لتحديد للمرة الأولى والأخيرة من ينتهك التزاماته الدولية ومن يحترمها. وفي هذا الصدد استعرضت وكالة الأنباء الجزائرية خمسة معطيات أساسية تستحق التوقف عندها جاءت كمايلي: الأولى: أن الجانب الجزائري كان على حق عندما رفض التجاوب مع القائمة التي قدمها الطرف الفرنسي بحيث أن اجراء إرسال القوائم غير منصوص عليه لا في الاتفاقيات التي تربط البلدين ولا في الممارسة المشتركة التي اتفق على تبنيها كلاهما منذ أكثر من 30 عاما. والادهى من ذلك هو أن عدم احترام فرنسا للإجراءات المعمول بها في ادارة ملفات الإبعاد تبعه اللجوء التعسفي للغة التهديد والوعيد والمهل ولكافة أشكال الابتزاز وهو ما يشكل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي. وخلافا للقراءة المتحيزة لوزير الداخلية الفرنسي فإنّ الجزائر لم ترفض القائمة الفرنسية وانما رفضت الإجراءات الأحادية والاعتباطية التي تم اتخاذها دون تشاور داعية الجانب الفرنسي إلى احترام الإجراء المعمول به في هذا المجال من خلال اتباع القنوات التقليدية القائمة بين المقاطعات الفرنسية والقنصليات الجزائرية المختصة. ثانيا: في خضم هذا الجدل حول قوائم واجراءات الابعاد فإنّ الرهان الأساسي يتعلق بممارسة الحماية القنصلية تجاه الرعايا الجزائريين المتواجدين بفرنسا. ففي سياق هذه المواجهة يوجد بلد عازم على تحمل الالتزام المنوط به في هذا المجال وبلد آخر الذي ومن خلال وزير داخليته يسعى بكل الطرق إلى منعه من تأدية هذه المهمة التي يكرسها القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية. ومن هذاالمنظور فإنّه من غير المفاجئ ان يكون الطرف الفرنسي قد اختار منذ بداية هذه الازمة تفادي كل إشارة مباشرة او غير مباشرة إلى الاتفاقية القنصلية الجزائرية الفرنسية لسنة 1974. وان السبب وراء هذا السلوك هو البحث في مضمون المادة 33 من هذه الاتفاقية التي تفرض على الطرف الفرنسي بأنّ يبلغ في الآجال المحددة عن أي اجراء سالب للحرية يتخذ ضد رعايا جزائريين حتى يتمكن بلدهم الأصلي من الاضطلاع بالدور الكامل في حمايتهم. ثالثا: ان وزير الداخلية الفرنسي قد جعل خلال تهجماته المتكررة على الجزائر من اتفاقية شيكاغو دليلا لاتهاماته المتكررة ضد بلادنا كما انه ومن خلال عدم السماح بركوب اشخاص يشكلون موضوع اجراءات ابعاد ولا يحملون تراخيص مرور قنصلية تعرضت شركة الخطوط الجوية الجزائرية للتهديد بإجراءات انتقامية ضد مستخدميها على أساس انتهاكات مزعومة لاتفاقية شيكاغو في حين ان هذا الاتهام الاخر غير مؤسس كليا. لا تحتوي اتفاقية شيكاغو على أي بند يتعلق بالترحيل القسري للأشخاص الذين يتعرضون لإجراءات إعادة الترحيل إلى الحدود. بل على العكس تمنح اتفاقية شيكاغو لشركات الطيران الحق في رفض صعود الركاب إذا كانت الوثائق المقدمة لا تستوفي متطلبات دولة الوجهة أو العبور وهذا ما يتجاهله وزير الداخلية الفرنسي. رابعا: ضمن هذه المواجهة حول القوائم واجراءات الإبعاد تفاخر وزير الداخلية الفرنسي مرارا بتنفيذ تدابير تقييدية للدخول إلى الأراضي الفرنسية ضد الرعاياالجزائريين الحاملين لجوازات سفر دبلوماسية. غير أن مثل هذه الإجراءات تستوجب أولا وقبل كل شيء واجب الإخطار الذي نص عليه الاتفاق الجزائري الفرنسي لسنة 2013. وفي هذه الحالة فإنّ انتهاك الالتزام الثنائي زاده تعقيدا الطابع الاستعراضي الذي يحرص عليه وزير الداخلية الفرنسي. خامسا: الإعلان عبر وسائل الإعلام منذ مساء الاثنين الذي يتطرق إلى احتمال تعليق الاتفاق الجزائري-الفرنسي المتعلق بإلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة يستدعي التوضيح. ويتعلق الأمر في البداية باتفاق 2013 وليس باتفاق 2007 الذي ألغي منذ نحو 12 سنة. ثم إن اتفاق 2013 بحد ذاته ينص على امكانية تعليقه أو إنهائه وفقا لإجراءات محددة بشكل واضح. ويقوم هذا الاجراء أساسا على الزامية الاخطار التي تقع على عاتق الطرف المبادر بمثل هذا الاجراء. وبالتالي فإنّ الطرف الفرنسي مطالب بالامتثال للأحكام السديدة لاتفاق 2013 وليس لاتفاق 2007 الذي لم يعد قائما. إن هذه المعطيات الخمس تكفي وحدها لتحديد دون أدنى لبس أي الطرفين الجزائري أم الفرنسي يحترم التزاماته الدولية وأيهما ينتهكها بشكل صارخ وممنهج. وإنه من قمة السخرية الاستمرار في توجيه الاتهامات للطرف الآخر. وكما يقول المثل العربي كل اناء بما فيه ينضح .