❊ الجزائر تضع النّقاط على الحروف للمرة الأولى والأخيرة ❊ إرسال القوائم لا تنصّ عليه الاتفاقيات بين الجزائروفرنسا ❊ لغة التهديد والابتزاز انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي ❊ الجزائر ترفض الإجراءات الأحادية والاعتباطية المتّخذة دون تشاور ❊ الرهان المحوري ممارسة الحماية القنصلية للجزائريين الموجودين بفرنسا ❊ الجزائر ملتزمة في مجال الحماية القنصلية وفرنسا تسعى لمنعها ❊ فرنسا ملزمة بالتبليغ عن أي إجراء سالب للحرية ضد الجزائريين في الأجال ❊من حق شركات الطيران رفض صعود الركّاب دون الوثائق المطلوبة ❊ تنفيذ تدابير تقييدية ضد حاملي الجوازات الدبلوماسية يستدعي الإخطار ❊ اتفاق 2013 يمكن تعليقه أو إلغاءه وفقا لإجراءات محدّدة بشكل واضح ❊ قمّة السخرية استمرار الطرف الفرنسي في توجيه الاتهامات للجزائر بمجرد أن نشرت الجزائر ردّها على الخطوة الفرنسية الجديدة المتمثلة في تقديم قائمة بأسماء المواطنين الجزائريين الصادرة في حقّهم قرارات الإبعاد من التراب الفرنسي، سارع وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، في حسابه على منصة "إكس X" إلى اتهام الجزائر مرّة أخرى بانتهاك التزاماتها الدولية. إن هذا الاتهام الذي بات متكررا للغاية في الآونة الأخيرة، وإن كان تكراره لا يجعل منه حقيقة، فإنه يستحق تسليط الضوء عليه بشكل خاص لتحديد للمرة الأولى والأخيرة من ينتهك التزاماته الدولية ومن يحترمها. وفي هذا الصدد، هناك خمسة معطيات أساسية تستحق التوقف عندها الأولى أن الجانب الجزائري، كان على حق عندما رفض التجاوب مع القائمة التي قدّمها الطرف الفرنسي، حيث أن إجراء إرسال القوائم غير منصوص عليه لا في الاتفاقيات التي تربط البلدين، ولا في الممارسة المشتركة التي اتفق على تبنّيها كلاهما منذ أكثر من 30 عاما. والأدهى من ذلك، هو أن عدم احترام فرنسا للإجراءات المعمول بها في إدارة ملفات الإبعاد تبعه اللجوء التعسّفي للغة التهديد والوعيد والمهل ولكافة أشكال الابتزاز، وهو ما يشكّل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي. وخلافا للقراءة المتحيّزة لوزير الداخلية الفرنسي، فإن الجزائر لم ترفض القائمة الفرنسية وإنما رفضت الإجراءات الأحادية والاعتباطية التي تم اتخاذها دون تشاور، داعية الجانب الفرنسي إلى احترام الإجراء المعمول به في هذا المجال من خلال اتباع القنوات التقليدية القائمة بين المقاطعات الفرنسية والقنصليات الجزائرية المختصة. أما المعطى الثاني، ففي خضم هذا الجدل حول قوائم وإجراءات الإبعاد فإن الرهان الأساسي يتعلق بممارسة الحماية القنصلية تجاه الرعايا الجزائريين الموجودين بفرنسا، ففي سياق هذه المواجهة يوجد بلد عازم على تحمّل الالتزام المنوط به في هذا المجال، وبلد آخر، الذي ومن خلال وزير داخليته، يسعى بكل الطرق إلى منعه من تأدية هذه المهمة التي يكرّسها القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية. ومن هذا المنظور فإنه من غير المفاجئ أن يكون الطرف الفرنسي قد اختار منذ بداية هذه الأزمة تفادي كل إشارة مباشرة أو غير مباشرة إلى الاتفاقية القنصلية الجزائرية الفرنسية لسنة 1974، وإن السبب وراء هذا السلوك هو البحث في مضمون المادة 33 من هذه الاتفاقية التي تفرض على الطرف الفرنسي، بأن يبلّغ في الآجال المحددة عن أي إجراء سالب للحرية يتّخذ ضد رعايا جزائريين، حتى يتمكن بلدهم الأصلي من الاضطلاع بالدور الكامل في حمايتهم. وبخصوص المعطى الثالث فإن وزير الداخلية الفرنسي، قد جعل خلال تهجّماته المتكررة على الجزائر، من اتفاقية شيكاغو دليلا لاتهاماته المتكررة ضد بلادنا، كما أنه ومن خلال عدم السماح بركوب أشخاص يشكّلون موضوع إجراءات إبعاد ولا يحملون تراخيص مرور قنصلية، تعرضت "شركة الخطوط الجوية الجزائرية" للتهديد بإجراءات انتقامية ضد مستخدميها على أساس انتهاكات مزعومة لاتفاقية شيكاغو، في حين أن هذا الاتهام الآخر غير مؤسّس كليا. لا تحتوي اتفاقية شيكاغو على أي بند يتعلق بالترحيل القسري للأشخاص الذين يتعرضون لإجراءات إعادة الترحيل إلى الحدود، بل على العكس تمنح اتفاقية شيكاغو لشركات الطيران الحق في رفض صعود الركاب إذا كانت الوثائق المقدمة لا تستوفي متطلبات دولة الوجهة أو العبور، وهذا ما يتجاهله وزير الداخلية الفرنسي. وفيما يتعلق بالمعطى الرابع، فضمن هذه المواجهة حول القوائم وإجراءات الإبعاد تفاخر وزير الداخلية الفرنسي، مرارا بتنفيذ تدابير تقييدية للدخول إلى الأراضي الفرنسية ضد الرعايا الجزائريين الحاملين لجوازات سفر دبلوماسية، غير أن مثل هذه الإجراءات تستوجب أولا وقبل كل شيء واجب الإخطار الذي نصّ عليه الاتفاق الجزائري الفرنسي لسنة 2013، وفي هذه الحالة فإن انتهاك الالتزام الثنائي زاده تعقيدا الطابع الاستعراضي الذي يحرص عليه وزير الداخلية الفرنسي. وعن المعطى الخامس، فإن الإعلان عبر وسائل الإعلام منذ مساء أول أمس، الذي يتطرق إلى احتمال تعليق الاتفاق الجزائري-الفرنسي المتعلق بإلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة يستدعي التوضيح. ويتعلق الأمر في البداية باتفاق 2013 وليس باتفاق 2007 الذي ألغي منذ نحو 12 سنة، ثم إن اتفاق 2013 بحد ذاته ينصّ على إمكانية تعليقه أو إنهائه وفقا لإجراء محدد بشكل واضح. ويقوم هذا الإجراء أساسا على إلزامية الإخطار التي تقع على عاتق الطرف المبادر بمثل هذا الإجراء، وبالتالي فإن الطرف الفرنسي مطالب بالامتثال للأحكام السديدة لاتفاق 2013، وليس لاتفاق 2007 الذي لم يعد قائما. إن هذه المعطيات الخمس تكفي وحدها لتحديد دون أدنى لبس، أي الطرفين الجزائري أم الفرنسي يحترم التزاماته الدولية، وأيّهما ينتهكها بشكل صارخ وممنهج، وإنه من قمّة السخرية الاستمرار في توجيه الاتهامات للطرف الآخر، وكما يقول المثل العربي "كل إناء بما فيه ينضح".