730 يوماً على آلة همجية أطلقتها عصابات الاحتلال غزّة بعد سنتين من الحرب والإبادة بقلم: محمد إبراهيم المدهون* أحصاه اللَّه ونسوه واللَّه على كل شيء شهِيد (المجادلة: 6) 730 يومًا على آلة إبادة أطلقتها عصابات الاحتلال على أهل غزّة من 7 أكتوبر 2023 حتى 6 أكتوبر 2025. في غزّة حيث الأرض تصرخ باسم الشهداء ارتفعت رايات الألم فوق آلاف القلوب التي نزفت براءةً ودماءً. عشراتُ الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى... كواكبٌ غابت عن سماء الحرية. بيوتٌ هُدِّمت على رؤوس ساكنيها مشاف فقدت أنفاسها ومدارس تحوَّلت إلى ركام لا يحتضن سوى الحزن. هذا العدوان السادي لم يرحَم صغيرًا ولا كبيرًا.. لكنه لم يُضعِف الإرادة. غزّة تروي بأسًى قصة صمود شعب يعانق الجراح بعزيمة لا تنكسر ويكتب بأحرف من نار أن غزّة لن تموت بل ستولد من رمادها أبطالًا لا يُقهرون. صوتها سيظل ينبض في صدور الأحرار صامدًا كجبل لا تهزه رياح الظلم والدمار. مرَّت سنتان على الإبادة الجماعية -عامان (730 يومًا) من القصف والتجويع والتطهير العرقي- ولكن غزّة لم تنهزم. أكثر من 2.4 مليون نسمة يعيشون تحت تهديد مستمر في مساحة يسيطر عليها الاحتلال بنسبة 80٪ وعلى أنقاض تُقدَّر بحوالي 90٪ من القطاع. أُلقيَ أكثر من 200 000 طن من المتفجرات على أرض تحمل ذاكرةَ شعب بأكمله. الدماء على الطرقات تتحدث: 76 639 شهيدًا ومفقودًا بينهم أكثر من 20 000 طفل 12 500 امرأة 9 000 أمّ و22 426 أبًا. آلافُ الشهداء من الطواقم الطبية (1 670) والدفاع المدني (140) والصحفيين (254) وموظفي البلديات (176). 787 شهيدًا من الشرطة ومساعدي الإغاثة و894 من الرياضيين و460 شهيدًا ماتوا جوعًا. الأرض نفسها تهتز من الدمار: حوالي 268 000 وحدة سكنية دُمِّرت كليًا وحوالي 148 000 غير صالحة للسكن وحوالي 153 000 دُمِّرت جزئيًا. أكثر من 2 مليون مدني نزحوا قسرًا بينما فقدت أكثر من 288 000 أسرة مأواها. المدارس والمؤسسات التعليمية لم تسلم: 95٪ من المدارس تضرَّرت و668 مبنىً مدرسياً تعرَّض للقصف المباشر وأكثر من 785 000 طالب حُرِموا من التعليم. المستشفيات والمراكز الصحية: 38 مستشفىً و96 مركزًا خرجت عن الخدمة و197 سيارة إسعاف استُهدِفت. المزارع والأراضي الزراعية صارت مجرد ذكريات: 94٪ من الأراضي الزراعية دُمِّرت والإنتاج الغذائي تراجع من 405 000 طن إلى 28 000 طن فقط وتضررت 100٪ من الثروة السمكية. المرافق العامة والبنية التحتية أيضًا دُمِّرت: 5 080 كم من شبكات الكهرباء و700 000 متر من شبكات المياه والصرف الصحي وحوالي 3 ملايين متر طولي من الطرق إضافةً إلى 247 مقرًا حكوميًا و208 مواقع أثرية وتراثية استهدفها الاحتلال. المساعدات الإنسانية مقيدة: 220 يومًا على إغلاق المعابر و120 000 شاحنة مساعدات ووقود مُنِعَت من الدخول و650 000 طفل مهددون بالموت جوعًا. أكثر من 12 500 مريضَ سرطان يواجهون الموت و3 000 مريض يحتاجون للعلاج خارج غزّة لكن الاحتلال يمنع سفرهم. الخسائر المباشرة تتجاوز 70 مليار دولار في جميع القطاعات الحيوية: الصحة التعليم الإسكان الزراعة الصناعة التجارة النقل الكهرباء والخدمات البلدية. كل رقم كل إحصاء كل وحدة دُمِّرت تَحكي قصة حرب إبادة لكنها أيضًا تَحكي عن صمودِ شعب لا يلين. غزّة ليست مجرد أرض محاصرة إنها رمز المقاومة شهادة حيّة على قدرة الإنسان على الصمود رغم القتل والتجويع رغم الدمار والخراب. غزّة تعلم العالم أن الحرية والكرامة لا تموت وأن الأمل يولد على أنقاض الحطام. هذه ليست أرقامًا.. إنها صرخة شعب صامد إرادةٌ لم تُنكسر وصمودٌ أسطوري يتحدّى آلة الحرب والإبادة.. غزّة تقول للعالم: الحياة والكرامة لا تُقهر.. والعدالة الإلهية ستنصف أهلها مهما طال الزمن. * كاتب ووزير فلسطيني سابق/ موقع الجزيرة نت