قال حفيد الإمام حسن البنا، الدكتور طارق رمضان، إن الجماعات الإسلامية في مصر وتونس سرعان ما بدأت تعاني أزمات وانفجارات داخلية ورؤى مختلفة عما اعتادته، خاصة بعد نجاح المتظاهرين الذين يمثلون اتجاهات فكرية وسياسية ودينية مختلفة، حيث لم يعد بإمكان الخطاب السياسي الديني التقليدي المطالبة بسلطة الدولة الدينية. ودعا رمضان خلال محاضرته بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية التي حملت عنوان "مستقبل الإسلام السياسي في العالم العربي"، الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي إلى تبني خطاب سياسي يركز على التنمية الوطنية ونبذ العنف، والمضي قدما في استيعاب ممارسة العملية الديمقراطية بعدم الإقصاء، والإيمان بالدولة المدنية التي يعيش في كنفها جميع التيارات الفكرية والأديان وفق مبادئ العدل والمساواة وسلطة القانون. وقال رمضان الذي يشغل منصب أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة بكلية سانت أنتوني، جامعة أكسفورد البريطانية، إن هذه الجماعات راحت تشهد الانقسام تلو الانقسام بسبب الاصطدام بخطاب الأغلبية السياسي الذي يدعو إلى رفض الدولة الدينية ويدعو إلى الدولة المدنية والعلمانية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. ودعا رمضان جميع التيارات الإسلامية في العالم الإسلامي إلى ضرورة الانتقال من الخطابات الدينية التقليدية التي اعتدناها في الأربعينيات من القرن الماضي إلى خطاب يركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير البنى التحتية للمجتمع كالتعليم ومناهجه والخدمات الصحية وتعزيز الرفاه الاجتماعي وإعطاء المرأة حقوقها الإنسانية. وحكى رمضان حول مناقشة له مع أحد قيادات الإخوان في مصر قائلا: "تناقشت مع أحد قيادات (حزب الحرية والعدالة)، في بعض القضايا الجوهرية، كتعاملهم مع أصحاب الديانات الأخرى، أو قضايا المرأة، ونظرتهم للتعامل مع الغرب، فوجدت آراءه لا تخرج عن آراء (الإخوان المسلمين) في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي". وأشار رمضان إلى أن رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي المعروف بفكره كان في زياراته يرافقه على الطائرة دائما طواقم من رجال الأعمال الأتراك من أجل تعزيز استقرار تركيا اقتصاديا. وتساءل رمضان خلال حديثه قائلا "ما قيمة الشعارات والخطابات من غير استقرار ورفاه اجتماعي للجميع وتحقيق العدالة الاجتماعية؟"، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الجماعات الإسلامية اليوم لا تمتلك مشروعا موحدا كما كانت في السابق ولا تمتلك برنامجا للتنمية كما هو مطلوب اليوم. بلا مشروع وأوضح رمضان أن الحركات الإسلامية لا تمتلك مشروعاً موحداً كما كانت فى السابق، ولا تمتلك برنامجاً للتنمية كما هو مطلوب اليوم، أي ليست لديها رؤية واضحة لما سيحدث في المستقبل، خاصة في مجالي الاقتصاد والتعليم، وأضاف قائلا "هم فقط يملكون رؤية قومية". ويرى رمضان أن الإسلاميين يستغلون القضية الفلسطينية لاكتساب شعبية في الشارع، وبرر ذلك بقوله: "90% من شعبية أردوغان جاءت من تحديه إسرائيل في (دافوس) ومن خلال السفينة التركية التي حاولت كسر حصار غزة العام الماضي وطرد سفير إسرائيل وتجميد علاقاته معها". وعلق رمضان على ثورة مصر وتونس قائلا "ما جرى في مصر وتونس ليس ثورات وإنما انتفاضات"، مشيراً إلى أن الإسلاميين في مصر وتونس تأخروا في المشاركة في هذه الانتفاضات، ولم يتحركوا إلا عندما أجبرهم الشباب على ذلك. ورداً على ادعاءات البعض بأن هناك مؤامرات خارجية هي التي تسببت في قيام الثورات العربية، قال رمضان لو أخذنا مصر نموذجاً، لوجدنا أن بعض أعضاء (حركة 6 أبريل) التي قادت الاحتجاجات في بدايتها تدربوا في صربيا على كيفية قيام الثورة عام 2010، وأذيع ذلك في "الجزيرة" وهذه حقائق لا يمكن إنكارُها"، وأشار إلى أن محمد عادل، أحد مؤسسي الحركة تدرب في صربيا خلال 2003 و2004، وأن وثائق (ويكيليكس) كشفت ذلك. وأضاف رمضان قائلا "إضافة إلى أن إسراء عبد الفتاح تلقت تدريباً في أمريكا خلال 2008 على كيفية حشد الجماهير ضد الحكومة دون عنف، وعندما عادت تم اعتقالها من قبل الحكومة". وخلص رمضان إلى أن هذه الحركات لم تأت من العدم وإنما هناك من موّلها، ومن يعتقد غير ذلك فهو ساذج، كذلك كانت هناك حاجة للتغيير في الشرق الأوسط".