الحياة التي نعيشها تغدق علينا بأيام سعيدة وتمطرنا بأيام حزينة حيث مشاعر الفرح والضيق والحزن والمحبه والكره، وجميل أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا لكن هل هذا يعطينا العذر أن نتجاهل مشاعر الغير؟ أن نجرح مشاعرهم نتعدى على حقوقهم أو أن ندوس على كرامتهم؟ من خلال حلقة جديدة من برنامج »أخطاء يجب أن تصحح« تحدث الشيخ مسعد أنور عن موضوع هام وهو »الاعتذار.. وأهميته«، مشيراً أن هناك الكثيرين الذين يعتقدون أنهم مركز الحياة وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنهم من أخطاء، ونجد من يقدمون آلاف الأعذار عن أخطائهم ولا يقدمون اعتذاراً واحداً، فنحن لا نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار ولكننا نكابر ونتعالى ونعتبر الاعتذار هزيمة أو ضعف أو إنقاص للشخصية. يضيف الشيخ: »أنا آسف« كلمتان لو ننطقها بصدق لذاب الغضب ولعادت المياه إلى مجاريها في كثير من العلاقات المتصدعة، فهناك الكثير من المشاكل التي تواجهنا ومن السهل حلها لو قدم اعتذار بسيط بدل من تقديم الأعذار التي لا تراعي شعور الغير أو إطلاق الاتهامات للهروب من الموقف. ثم أوضح الشيخ الفرق بين الاعتذار والأعذار قائلاً: الأول أن نقر بتحمل أخطائنا مهما كانت ونقر للآخرين بحقهم ونقنع أنفسنا بأننا بشر يصدر من الخطأ والصواب، والثاني هو إنكار وقوعنا في الخطأ وأننا لا يمكن أن نكون تحت طآلته. ومثال على ذلك نجد الأم مثلا تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي لا يكبر رأسه، والمدير لا يعتذر للموظف لأن مركزه لا يسمح له بذلك، والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها. كما أننا نجد من يدّعي أنه متمدن ومتحضر من خلال استخدام كلمات أجنبية (sorry ) في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي، ولكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى اعتذار حقيقي نراه يتجاهل. وأكد الشيخ مسعد أنور أن الاعتذار مهارة من مهارات العلاقات الاجتماعية، وقدرة الإنسان على الإعتذار هي أحد أنواع الفنون البشرية التي لا يتمتع بها الكثيرون، فهي مقدرة تتطلب علماً وثقافة وأدباً وذوقاً ليس من السهل أن يعترف كل إنسان بخطئه ويعتذر عنه لمن كان ضحية لخطئه فهو أمر كبير. ويضيف: الإعتذار له قيمة عالية بين قيم الإنسان الراقي المثقف الذي يستطيع أن يعتذر لضحيته دون أن يتنازل عن شيء من كرامته وفي نفس اللحظة يشعر من أمامه بالرضا والتشبع والراحة النفسية. لو بادر كل مسيء لإرضاء ضحية الإساءة لتم إصلاح كثير من الأحوال ونجح كثير من الأعمال، وماتت الأحقاد واندثرت الضغائن، ولكن في مجتمعنا نجد الكثيرين من تأخذهم العزة بالإثم فلا يعتذرون ولا يريحون ضحاياهم بكلمة ود تمحو آثار الإعتداء عليهم بكلمة أو غمزة أو لمزة. واعتبر الشيخ أن الاعتذار بمثابة الوسام على صدر صاحبه ودليلاً على طيبة قلبه وسلامة نيته ونبل قصده ويكون الاعتذار أعظم حين يأتي من قوي لضعيف ومن غني لفقير ومن قائد لجندي ومن أستاذ لتلميذ، يصبح هنا الإعتذار فناً حقيقياً فإذا حدث هذا واعتذر القوي للضعيف فإنه يصنع من ضعف الأخير قوة ومن فقره غنى وإحساس بالكمال، فيكون له عند مالك الملك أعظم الأجر وأحسن الثواب.