لم يعد في عالم الانفتاح الاقتصادي وسيطرة القطاع الخاص تقريبا على كلّ المواد الاستهلاكية الأساسية، ممّا يوحي للعمّال والطبقة الشعبية القاعدية البسيطة بأن مقدراتهم أصبحت في أيدي هؤلاء أصحاب رؤوس الأموال الجدد الذين بات همّهم هو الرّبح السريع وجمع الأموال بأدنى خسارة، وهو ما يجعل الزّيادة في الأجر القاعدي للعمّال البسطاء الذين يكافحون من أجل البقاء على عدّة جبهات أمام حياة صعبة. فمرتّب يقدّر ب 18000 دج وإن كانت هناك علاوات أخرى لا يكفي لمصاريف أسبوع، وقد يذهب كلّه دفعة واحدة وزيادة إذا صادف ذلك مثلا دخولا مدرسيا أو عيد الأضحى، وقس على ذلك، وهو ما يعني أن هذه الزّيادة التي سوف يستبقها أولئك أصحاب البطون الكبيرة من التجّار والسماسرة بزيادة في السلع والخدمات وكلّ ما هو ضروري بالنّسبة للطبقة الشغّيلة التي باتت ظروفها القاسية تشغل بال الحكومة وشركائها فتوصّلوا بعد جهد جهيد وأخذ وعطاء إلى رفع الحدّ الأدنى للأجر ومعاشات التقاعد وتخفيض الضريبة على الدخل. لكن هذا الإجراء الذي يعدّ خطوة كبيرة نحو تحسين الظروف المعيشية للعمّال البسطاء الذين باتت مرتّباتهم هي الأدنى على المستوى الوطني أمامك جميع الفئات المختلفة للمجتمع التي يقبض بعضها عشر المرّات، وهناك أكثر الحدّ الأدنى للأجر، لا يعني شيئا يذكر إذا لم يتمّ التحكّم في نسبة التضخّم ولم يتمّ تثمين العمل ولم ينظر له كقيمة بها يترفع أم وبدونه تداس وتمدّ يدها إلى غيرها من الأمم التي تقدّس العمل وتجلّ العامل وتعطيه مكانته التي تليق به وتشجّعه على الابتكار ورفع الإنتاج وزيادة الإنتاجية كمّا وكيفا. أمّا وأن الحكومة ترفع الأجور والمتحكّمين في السوق التجارية يرفعون الأسعار فكأننا ندور في حلقة مفرغة لا طائل منها، وقد تضطرّ الحكومة وأرباب العمل والنقابة أو ما يعرف بالثلاثية إلى رفع الأجر القاعدي المضمون مرّات ومرّات دون جدوى لأن القدرة الشرائية حين يفقد العامل صلته بالعمل وحين يصبح العمل نفسه نوعا من جلد الذات في نظر البعض الذين قضوا قضاء مبرما على القطاع العام ولجأوا إلى الاستيراد دون أن يلتفتوا إلى النتاج الوطني الخاص، ممّا جعل البلاد سوقا للمنتجات الأجنبية الرديئة التي صرفت عليها الملايير من العملة الصّعبة من أموال الأمّة.