رغم الظروف الصعبة والاستثنائية التي تعيشها سوريا حالياً، دارت عجلة الإنتاج التلفزيوني مبكراً هذا العام، وانطلقت التحضيرات لمسلسلات رمضان المقبل، وفي جعبة الدراما السورية حتى الآن أكثر من أحد عشر عملاً جديداً، بالإضافة إلى مشاريع درامية قصيرة لكتاب شباب جدد، تعتزم مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني تقديمها، في إطار سعيها لاكتشاف مواهب جديدة· اللافت في معظم الأعمال التي أعلنت شركات الإنتاج عن تبنيها، هو أن أغلبها يأتي أجزاء ثانية لأعمال سبق لها أن حققت شيئاً من الجماهيرية والنجاح· فهناك أكثر من ثمانية أجزاء جديدة لمسلسلات قديمة، في طور الإعداد!· وهو ما يصفه البعض بحمى الأجزاء، في إشارة مبطنة إلى أن هذا النهج داء يصيب الدراما التلفزيونية· ظاهرة تتفاقم فكرة الأجزاء المتتالية بدأت في الثمانينيات مع مسلسل (مرايا) الذي قلدته بعض الأعمال الكوميدية فيما بعد، وانتقلت في السنوات القليلة الماضية إلى أعمال البيئة الشامية، لكنها لم تلق رواجاً لدى صناع الأعمال الاجتماعية المعاصرة إلا بشكل محدود، لا سيما مع المخرج يوسف رزق، لكننا في موسم رمضان المقبل سنشهد أجزاء جديدة لعدة أعمال اجتماعية، بحسب ما تعلن بعض شركات الإنتاج· مما يؤشر إلى أن تعدد الأجزاء بدأ يتحول إلى ظاهرة في الدراما التلفزيونية السورية· أول الأعمال التي تقرر إنتاج جزء ثان منه هو المسلسل الكوميدي (صايعين ضايعين)، الذي حقق نجاحاً محدوداً العام الماضي، وتعتبره الشركة المنتجة من أنجح الأعمال وأكثرها جماهيرية، وسيضم إليه في العام المقبل نجم الكوميديا المصري سمير غانم بعد أن شارك في جزئه الأول ضيف شرف، بالإضافة إلى أبطاله: حسن حسني وأيمن رضا وطلعت زكريا وعبد المنعم عمايري وجرجس جبارة وأحمد الزين وغيرهم، ويناقش العمل بأسلوب ساخر مشكلة البطالة في العالم العربي، وقد كتب له السيناريو رازي وردة ويخرجه صفوان نعمو· كما يستعد المخرج فيصل بني المرجة لتقديم جزء ثان من مسلسله (بومب أكشن) الذي يتخذ شكل اللوحات القصيرة، رغم أن جزءه الأول لم يأخذ حقه من العرض الجماهيري، وينضم إلى الجزء الجديد عدد من نجوم الكوميديا السوريين والعرب· وفي الكوميديا أيضاً يترقب المشاهدون تقديم الجزء الثاني من مسلسل (أبو جانتي ملك التكسي) الذي حصد شعبية كبيرة خلال العام الماضي، وتأجل تصويره هذا العام، بسبب الأحداث التي عاشتها سوريا، ويقول الفنان سامر المصري، إن المسلسل سينتقل إلى طريق دمشقبيروت، ولن يقتصر على شوارع دمشق، كما كانت عليه الحال في الجزء الأول، ليتناول قصصاً وحكايات جديدة· أما الشركة المنتجة لمسلسل (بقعة ضوء)، فتعتزم تقديم جزء تاسع منه، وقد أعلنت على موقعها الإلكتروني عن ترحيبها بأفكار ولوحات جديدة من الكتاب، في ما يبقى مصير (مرايا) ياسر العظمة غامضاً، بعد الخلاف الذي نشأ بينه وبين الجهة المنتجة للمسلسل هذا العام· وأربعة أجزاء أخرى الأعمال الشامية التي حققت حتى الآن رقماً قياسياً في تعدد أجزائها، لم يتبين حتى الآن مصيرها في العام المقبل، لكن أغلب الظن أن يتم تقديم بعض الأجزاء الجديدة لأعمال قديمة، منها (رجال العز) الذي حقق شعبية مهمة في الموسم الماضي، وأيضاً (الدبور) الذي يتردد من بعض التسريبات أن الشركة المنتجة له بصدد تقديم جزء ثالث منه!· وعلى صعيد الأعمال الاجتماعية، فقد أعلن كاتب مسلسل (أيام الدراسة) عن تحضيره لجزء ثان، بينما أكدت المخرجة رشا شربتجي نيتها إخراج جزء جديد من مسلسل (الولادة من الخاصرة) للكاتب سامر رضوان، رغم أن الأخير أعلن أكثر من مرة اعتراضه على فكرة تعدد الأجزاء، لكن الجماهيرية التي حققها العمل في الموسم الماضي والجدل الكبير الذي أثاره شجعا الشركة على ما يبدو لاستثمار هذا النجاح· وتعد رشا لإخراج مسلسل جديد بعنوان (حياة مالحة) أيضاً· كما تتجه الشركة المنتجة للمسلسل البوليسي (كشف الأقنعة) لتقديم جزء جديد، وكذلك الشركة المنتجة لمسلسل (دليلة والزيبق) رغم أنه لم يحقق نجاحاً يذكر· اعتراضات ومخاوف يعترض كثير من النقاد والمعنيين بالشأن الدرامي السوري على تعدد الأجزاء، ويعتبرونه نوعاً من الاستسهال ومحاولة للاستفادة من الشعبية أو النجاح الذي حققته الأجزاء الأولى، وهو أمر محفوف بالمخاطر، لأنه لا يراعي تبدل مزاج المشاهد، ولا يخلق إبداعاً جديداً، وهذا ينقل الدراما التلفزيونية السورية من حالة الديناميكية الخلاقة التي حرضتها على التطور والتقدم في السنوات الماضية إلى حالة من الكمون والركود، لأن التكرار واجترار الأفكار القديمة يؤدي إلى المراوحة في المكان· وقد يجد بعض صناع الدراما التلفزيونية السورية تبريرات كثيرة لتقديم أجزاء جديدة لأعمالهم، وقد يحتج بعضهم بأن فكرة العمل لم تستوف حقها، وهي تستحق أجزاء جديدة، لكن تجربة الأجزاء لم تكن موفقة في أغلب الأحيان، وآخر الأمثلة على ذلك مسلسل (يوميات مدير عام) الذي حقق في تسعينيات القرن الماضي نجاحاً هائلاً، لكن الجمهور قابل الجزء الثاني منه في رمضان الماضي بكثير من الفتور· حراك يبث التفاؤل وبالتوازي مع هذا الاتجاه المتنامي في الدراما السورية، تبدو المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بقيادة المخرج الشاب فراس دهني، تعيش حالة من الحيوية، فهي مؤسسة جديدة لم يمض على إحداثها سوى عامين، ومع ذلك فهي تملك الكثير من الخطط الطموحة· وقد أعلن دهني عن نية المؤسسة لإنتاج مسلسل اجتماعي جديد بعنوان (أنت هنا) سيناريو شادي دويعر وإخراج علي ديوب· كما تستعد لإنتاج عدد من المشاريع التلفزيونية القصيرة لكتاب شباب متحمسين، في أولى تجاربهم الدرامية، بهدف ضخ دماء جديدة في الدراما التلفزيونية السورية، وهي تستعد لإنشاء مدينة للإنتاج التلفزيوني قرب دمشق· وفي خطوة مهمة وغير مسبوقة، فتحت المؤسسة الباب للتعاون مع القطاع الخاص لإنتاج أعمال مشتركة، وفق صيغ إنتاجية تحافظ على مرونة واستقلالية القرار الإنتاجي للقطاع الخاص، وتقوم على التكافؤ بين الطرفين· ويرى كثير من المراقبين أن هذا الحراك الفني الذي خلقته المؤسسة الجديدة يبث التفاؤل ويمهد لنقلة نوعية في الأعمال الدرامية التلفزيونية السورية على صعيدي الشكل والمضمون· == تتوقع نجاح فيلم "هوى"·· سلاف فواخرجي: "لم أطلب مقاطعة التمويل الخليجي للدراما السورية" اعتبرت الفنانة السورية سلاف فواخرجي أن الدراما السورية لا تزال واقفةً على قدميها، نافية في الوقت نفسه أن تكون قد دعت إلى مقاطعة التمويل الخليجي للدراما السورية· وفي حين دافعت عن مسلسل (في حضرة الغياب) على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالته، فإنها تتوقع نجاحًا جماهيريًا لفيلم (هوى)· وقالت فواخرجي -في مقابلةٍ مع سي آن آن- بشأن تصريحاتها بخصوص التمويل الخليجي لصناعة الدراما في سوريا (خلال الاجتماع الذي جمع الفنانين بالرئيس السوري في بداية الأزمة التي مرت بها البلاد، تحدثت عن نقطة في غاية الأهمية وهي حماية الدراما السورية، وكان كلامي بمنتهى الوضوح، كما حما رجال الأعمال السوريون الليرة، أطالبهم بحماية الدراما السورية، وأن يكون لليرة السورية وجود حقيقي في الإنتاج السوري)· وتابعت: (فأنا لست مع فكرة المنتج الذي ينفذ أفكارًا لا تشبهنا، ولكنني مع مبدأ الشراكة الفنية العربية التي لا يكون لها أي تأثير على توجهاتنا وأفكارنا، ولقي هذا الكلام استحسان الرئيس بشار الأسد في حينها، إلا أن الزميل باسم ياخور خرج ليصرح في الصحافة بأن سلاف فواخرجي دعت إلى مقاطعة الدراما السورية لرأس المال الخليجي)· وأضافت سلاف (هنا أقول بأنني لست ضليعةً في السياسة، ولكنني أعلم تمامًا أن كلمة (مقاطعة) كبيرة جدًا، ولست من الغباء لأستخدمها بحق دول لها وزنها مثل دول الخليج العربي، لكن الذي أراحني في الموضوع، وعلى الرغم من الإيذاء المتعمد الذي وجهه لي الزميل باسم ياخور، فإن هذا الكلام لم يجد كثيرًا من الصدى في الخليج، وكثير من الأصدقاء الصحفيين الخليجيين، والقائمين على المحطات الخليجية، اتصلوا بي للتأكد من صحة الموضوع، ولم يصدقوا الزوبعة التي أثيرت حوله)· من ناحية أخرى وبشأن مسلسل (الولادة من الخاصرة)، أوضحت سلاف أنها توقعت منذ قراءتها لنص المسلسل أنه سيقلب الموازين، ولم تشعر بالقلق مطلقًا من ظهورها بوجه مشوه في المسلسل لأنها (ممثلة أولاً وأخيرًا، وليست عارضة أزياء)· كما توقعت أن يحقق فيلمها السينمائي الجديد (هوى) نجاحًا جماهيريًا، لأنه يعبر عن حالة خاصة تهم شريحة اجتماعية واسعة·