في الوقت الذي تزايد فيه ارتباط الأشخاص في الجزائر والعالم بأسره، بالهاتف المحمول، وصارت جزءا لا يتجزأ من حياتهم، يتضمن كل يومياتهم، يستيقظون عليه وينامون عليه، ويحمل كل انشغالاتهم وأعمالهم، وأخبارهم، وأية تفاصيل مهما كانت صغيرة في حياة كل منا، يصبح الأمر أشبه بالإدمان، خاصة بالنسبة للذين يفطرون في استخدام الهاتف النقال، لا سيما من يتحدثون فيه على مدار الساعة واليوم، وبشكل خاص إذا ما توافرت العروض المجانية التي تقدمها مختلف شركات الاتصالات. غير أن هذا الإفراط، في استعمال الهاتف النقال ينطوي على الكثير من المخاطر الصحية، التي قد لا ينتبه إليها بعض منها، وهنالك العديد من الدراسات الطبية التي تناولت هذه المخاطر والأضرار بنوع من التفصيل، علها تفلح في تقليل تلك الروابط المتينة والعلاقة الشديدة ما بين الإنسان وبين هاتفه النقال، ولعل من تلك الدراسات الطبية، الدراسة التي كشفت أن كثرة الاستخدام والتعرض للضوضاء والموجات الكهرومغناطيسية تؤثر على الإشارات العصبية في المخ وكذلك تؤثر على طبلة الأذن والتي تتسبب أيضا في اضطراب ضربات القلب. كما أن هذه الموجات الكهرومغناطيسية التي تنتج من الهاتف النقال، قد تسبب في إصابة الإنسان بعدم التركيز، كما أن هذه الخطورة الناتجة عن التعرض لمثل هذه الموجات تتسبب في إلحاق الضرر بالجهاز العصبى والمخ على حد سواء وبالتالي تؤثر على الإشارات العصبية وتؤثر على الأذن بشكل كبير، وتؤكد ذات الدراسة، أن استخدام السماعة البلوتوث لا يقى الإنسان خطر هذه الموجات فهى تتسبب فيما يتسبب فيه النقال، فكلاهما يمثل خطرا كبيرا على صحة أذنى الإنسان فيما تكون له خطورة أخرى على المخ والأعصاب. هذا وإلى جانب تأثير المحمول على الأذن فقد حذرت دراسة لمؤسسة كليفلاند كلينك الأمريكية من أن الإفراط في استخدام المحمول قد يؤدى إلى تدمير الحيوانات المنوية، وأشارت إلى انخفاض سرعة الحيوانات المنوية بشدة لدى هؤلاء الأشخاص مقارنة بالذين يستخدمون الهاتف المحمول باعتدال . دراسة أمريكية أخرى، أجراها أطباء متخصصون بتقويم الأعضاء، لاحظوا انتشار ظاهرة تلف عصب بمرافق الكثير من المرضى جراء التحدث لفترات طويلة على الهواتف المحمولة، وهو ما يتجلى بإصابة أصبعي الخنصر والبنصر بالخدر أو إحساس المريض بنوع من الوخز الخفيف أثناء استخدامهما. وقال الباحثون انه عندما يقوم المرضى بحمل الهاتف المحمول لمدة طويلة فهم يقومون بشد عصب يتحكم بالأصابع الصغير في اليد، وهو الأمر الذي يسد جريان الدم إلى الأعصاب في الذراع وبالتالي يضعفها، ومن هنا تبدأ بالبروز عوارض مثل الشعور بوخز أو تخدر في الأصابع، ما يستوجب ضرورة أن يقوم المرء بتبديل يديه أثناء التحدث على الهاتف الجوال، كي يتمكن من إراحة ذراعه والسماح لجريان الدم فيها، أو استخدام سماعات أو ما شابه، لمنع ثني الذراع بهذا الشكل. وتعرف هذه الحالة باسم مرض النفق المرفقي، حيث يعاني المصابون بها من الشعور بالضعف في أيديهم ويجدون صعوبة في فتح الأواني والعلب، ومن مضاعفات هذا المرض انه يؤثر على قدرة الناس على الكتابة أو الطباعة على الكمبيوترات مستقبلا.. وبين أطباء آخرون أن التحدث على الهواتف الجوالة طويلا قد يؤثر على أعصاب الكوع، التي تتمدد عبر الذراع بكاملها، حيث أن إبقاء هذه الأعصاب مشدودة لمدة طويلة يؤثر على جريان الدم، ويسبب بالكثير من الآلام والمتاعب في أكواع وأذرع الناس، ونبه الأطباء إلى أن هذا النوع من الأمراض قد لا يعالج في بعض الحالات إلا بالجراحة، وهو أمر لا يفضله الكثير من الناس. وما بين الدراسات التي تشير إلى وجود عدة مخاطر للهاتف النقال، والدراسات التي تنفي ذلك، يبقى الأهم هو أن يدرك كل شخص أن الاعتدال هو الحل المناسب، في كافة أمور حياتنا، انطلاقا من القاعدة القائلة" لا إفراط ولا تفريط".