قبل العشرين من سبتمبر، تاريخ اغتيال العقيد اللّيبي معمّر القذافي، كان بعض الجزائريين يتعاطفون مع من يسمّون أنفسهم بالثوّار ويتصوّرون أن ما يجري في ليبيا ثورة شعبية ضد الطغيان والدكتاتورية، وبعد المشاهد المريعة التي تناقلتها بعض الفضائيات وكثير من المواقع الإلكترونية لعملية تعذيب الزّعيم اللّيبي الرّاحل وإعدامه دون محاكمة تغيّر موقف هؤلاء (المتعاطفين) كثيرا وأصبح (الثوّار) في قفص الاتّهام وصار كثير من الجزائريين ناقمين عليهم، خصوصا وأنهم لم يكلّفوا أنفسهم حتى عناء الاعتراف بجريمتهم في حقّ القذافي وابنه وبعض المقرّبين منهما والاعتذار عنها· والواقع أن جريمة الحرب التي ارتكبها (ثوّار النّاتو) في حقّ القذافي لم تكن السبب الوحيد لنقمة الجزائريين عليهم، فمنذ البداية اتّخذ قادة المجلس الانتقالي في ليبيا أو عدد منهم على الأقلّ مواقف عدائية في حقّ الجزائر والجزائريين، تجسّدت من خلال سيل من الأكاذيب والاتّهامات الباطلة والإشاعات البغيضة التي لطّخ بها من يسمّون أنفسهم بالثوّار سمعة الجزائر، دون أن يقدّموا على اتهاماتهم نصف دليل أو ربع برهان· ورغم ذلك كلّه تساءل بعض المتسائلين عن سرّ تأخّر اعتراف الجزائر بالمجلس الانتقالي اللّيبي، وعاتب كثيرون الدبلوماسية الجزائرية على تحفّظها في فتح أبواب التعامل الرّسمي في وجه من يسمّون بالثوّار· ورغم كلّ ما حصل، ورغم إساءتهم إلى الجزائر فإننا لا نملك إلاّ أن نمدّ أيدينا إلى حكّام ليبيا الجدد ماداموا قد صاروا حكّاما لها فعلا، دون أن يعني ذلك تزكية ما تقدّم من جرائمهم وما تأخّر، فليس لمدّ أيدينا لهم غير سبب واحد هو أن ليبيا باقية في ليبيا لا يمكنها أن تتزحزح قيد أنملة مثلما لا يمكن أن (ترحل الجزائر)، ففي مطلق الأحوال قد تكون العلاقات بين سلطات البلدين الجارين باردة، لكن لا يمكن إلاّ أن تكون موجودة