يعاني سكان الحي الفوضوي عين المالحة بعين النعجة، وغيرهم من سكان الأحياء الفوضوية بالعاصمة، مع اقتراب موسم الشتاء وتساقط أولى قطرات المطر من شبح يهدد أمنهم وسلامة أبنائهم، يتمثل في دخول الأمطار إلى منازلهم عن طريق الأسقف المكسورة، خصوصا بعد الاضطرابات الأمنية الأخيرة التي شهدها الحي قبل نحو شهر من الآن، بين شباب الحي السابق وشباب الأحياء المرحَّلة حديثاً، وهي الأحداث التي استعملت خلالها المولوتوف والأسلحة البيضاء، بالإضافة إلى الحجارة، ما ألحق بعدد من بيوت الحي الفوضوي أضرارا كبيرة· هذه الأحداث، دفعت السكان إلى الإسراع في التصليحات، علما أن فصل الشتاء هذا العام بدأ مبكرا حسب رأيهم، وإذا كان معظم السكان قد اعتادوا منذ سكنهم بذات الحي على تغطية منازلهم بالبلاستيك مع اقتراب كل موسم شتاء، لكن هذه المرة، على بعضهم تغيير كل أسقف منازلهم، بصفائح زنك (ترنيت) جديدة غير تلك المتضرِّرة، وهو الأمر الذي لا يصبُّ في مصلحتهم، ولا يتلاءم مع ميزانية الأسر القاطنة بذات الحي، وأغلبها من الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل، في ظل الغلاء الذي تعرفه مختلف مواد البناء، وإذا كانت مصالح البلدية قد عوضت بعض القاطنين عن الضرر الذي لحق ببعض المنازل التي مستها أحداث الشغب بصفة مباشرة، إلا أنها خصت عددا قليلا مقارنة مع أعداد البيوت الأخرى التي تضررت من ذات الأحداث بعد أن تم رشقها بالحجارة آنذاك· وعليه فإن القاطنين بها مجبرون الآن على دفع تكاليف باهظة إذا ما أرادوا تمضية الشتاء دون خوف أو قلق، لأجل اقتناء صفائح زنك جديدة، يصل سعر الصفيحة الواحدة إلى 8000 دج هذا بالنسبة للجديدة منها، أما القديمة والمستعملة سابقا فيصل ثمنها إلى 5000 و6000دج، ما يجعل بعضهم يستغنون عنها ويعوضونها بالبلاستيك، الذي يعتبر في متناول المقدرة الشرائية للمواطن نوعا ما، إذ يصل سعر المتر الواحد منه إلى 180 دج، وفي هذا الإطار قال أحد المواطنين القاطنين بالحي إنه لا مفر سوى اقتنائه أو تمضية الشتاء غارقا في مياه الأمطار داخل المنزل مع أولاده· نفس الأمر لمسناه لدى مجموعة من سكان الحي الذين عبروا عن سخطهم واستيائهم من أعمال الشغب الأخيرة التي زادت من حجم مشاكلهم وهمومهم، إذ قالت السيدة (ص· ج) إنها في السابق لم تكن تهتم كثيرا للتصليحات التي تسبق فصل الشتاء، علما أن معظم أولاد الحي يتراشقون بالحجارة عند لعبهم، بالقرب من منزلها ومع ذلك لم يصل مستوى الضرر بسقف منزلها لهذا الحد، ففي السابق كانت تقوم بتغطيته ببضع أمتار من البلاستيك تصل إلى 5 أمتار وهي المساحة الكلية لسقف بيتها، ما لا يكلفها حسب رأيها مبلغا ماليا كبيرا، أما اليوم فهي مضطرة إلى تغيير كامل السقف، خصوصا بعد الخوف الذي عاشته في الليلتين الماضيتين وكمية الأمطار التي دخلت بيتها وأرغمتها على سهر الليل بطوله بجانب أبنائها الخائفين· من جهة أخرى، عبر القاطنون بذات الحي عن سخطهم من الحالة المزرية التي تؤول إليها مختلف الطرقات المؤدية إلى الحي في فصل الشتاء، إذ يصبح المشي فيها عسيراً جدا لكثرة البرك والأوحال والحفر، فبعض السكان ممن يعبرونه يوميا قاصدين مقرات عملهم أو جامعاتهم، اشتكوا من هذه الوضعية، وناشدوا المصالح المعنية لإصلاحها، علما أن هذه الأخيرة شرعت منذ فصل الصيف في أشغال الترميم والإصلاح لعدة طرقات بالحي، غير أنها لم تنه عملها بعد مما ساهم في تدهور حالة تلك الطرقات أكثر، وأصبحت غارقة في الطين والأوحال، ومن أراد الخروج منها سالما، ومن الحي ككل، ما عليه سوى الاستنجاد بأصحاب السيارات من جيرانه، أو بحذاء آخر يرتديه عند وصوله إلى محطة الحافلات، وهو الحل الأخير الذي أصبح حلا مفيدا لدى البعض منهم، خصوصا السيدات العاملات والطالبات الجامعيات ممن يهمهن مظهرهن كثيرا· ويبقى قاطنو الحي الفوضوي عين المالحة يعانون في انتظار انتهاء الأعمال بطرقات الحي، كي تصبح لديهم مسالك سهلة ومقبولة، يمكنهم السير فيها والتنقل من وإلى الحي بكل حرية، إلى حين ترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، طال انتظارهم لها·