بعد أن يئسوا من عملية ترحيلهم خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، حيث جاءت عمليات الترحيل الأخيرة التي مست عددا من العائلات، بمختلف أنحاء العاصمة، ممن تم ترحيلها إلى سكنات اجتماعية على مستوى الحي السكني الجديد "عين المالحة" بجسر قسنطينة، فإن سكان نفس الحي المذكور، إنما في شقه الآخر، أي الجزء الفوضوي منه، قد شرعوا في عمليات ترميم، وإعادة إصلاح شاملة لسكناتهم، قبيل دخول فصل الشتاء، بعد أن كشفت الأمطار التي تساقطت خلال الأيام القليلة الماضية عن عيوب جمة، يحاول هؤلاء الآن إصلاحها وتداركها، قبل أن يفاجئهم الشتاء بأمطاره الغزيرة، مما يحوله إلى شتاء قاس، تضاف إلى قساوة أيامه ولياليها وبرودتها، الظروف المعيشية الصعبة المحيطة بالحي المذكور، وغيره من الأحياء الفوضوية الأخرى المنتشرة عبر أنحاء العاصمة والتي من غير المتوقع أن تمسها عمليات الترحيل في الوقت القريب، نظرا لارتفاع نسبتها. وقد شرع عدد من السكان ممن التقت بهم "أخبار اليوم" على مستوى الحي الفوضوي، عين المالحة بجسر قسنطينة، أن الوقت حاليا لم يعد مناسبا للانتظار والترقب واستطلاع أخبار عمليات الترحيل، لأنه لا جديد يلوح لهم في الأفق، وعليه بات من الضروري عليهم أن يلتفتوا لمنازلهم، عبر إصلاح الثقوب المتواجدة في أسقفها، حيث تسربت مياه المطار التي تساقطت نهاية الأسبوع الماضي إلى داخلها، وقد اتجه البعض منهم ممن يملك الإمكانيات اللازمة والمناسبة إلى اقتناء "الزفت"، لأجل أن يتأكد نهائيا من انه لن تتسرب إلى داخل المنزل قطرة مطر واحدة، أما آخرون فقد فضلوا الاعتماد على البلاستيك، حيث شرع الكثيرون في اقتنائه بكميات كبيرة، لأجل تغطية بيوتهم، ومن العائلات من اشتركت في شراء عدة أمتار منه، نظرا لان بيوتها متقاربة فيما بينها، هذا بالإضافة إلى اقتناء بعض من حجارة البناء، لأجل وضعها فوق تلك الأغطية البلاستيكية، كإجراء لتفادي نزعها في حالة وجود رياح قوية. ومن المشاكل التي تزداد حدتها خلال فصل الشتاء وتضاعف معاناة السكان بمثل هذه الأحياء، هول حالة الطرقات الترابية التي لنا أن نتخيل الوضعية التي تصير إليها عند تساقط الأمطار الغزيرة، ما يجعل عملية الدخول إلى الحي أو الخروج منه، صعبة للغاية، وتبعث على التذمر والاستياء الواسع لدى السكان، وهو ما جعلهم أيضا يعملون على إحضار كميات معتبرة من الحجارة لأجل القيام بما يشبه عمليات تعبيد الطرقات، على الأقل للتخفيف من حدة انتشار الأوحال والطين فيها عند تساقط الأمطار. أما أكثر ما يزيد من معاناتهم في واقع الأمر، فهو حالة قنوات الصرف الصحي، التي أقيمت بطريقة تقليدية، حيث قام السكانُ بحفرها بالقرب من منازلهم سواء كانت فردية أو جماعية، حيث تشترك فيها أحياناً من عائلتين إلى ثلاث، وأحيانا أخرى أكثر من ذلك، وغالبا ما تمتلئ تلك القنوات ما يتسبب في عدم قدرة البالوعة المقامة هي الأخرى بالطريقة الفوضوية نفسها على استيعاب كل المياه الداخلة إليها، وهو ما يعرضها إلى الفيضان، وخروج المياه القذرة إلى السطح، ما يؤزم بالفعل وضعية ومعيشة هؤلاء، وما دفعهم في واقع الأمر إلى الشروع بصفة مستعجلة وفورية في عمليات الترميم، التي مست كل ما سبق ذكره، على الأقل للتخفيف من حدة الشتاء، ويتمنى عدد من سكان الحي الفوضوي السابق ذكره وغيره من الأحياء الفوضوية الأخرى المتبقية والتي لم تمسها علميات الترحيل بعد أن تكون كل أيامهم صيفا، رغم الحرارة الشديدة التي تتميز بها منازلهم، ولكنها تبدو ارحم بكثير من المعاناة التي يتكبدونها خلال فصل الصيف داخل وخارج منازلهم، ما دفع كثيرا من التلاميذ والطلبة وحتى بعض الموظفين سيما من الجنس اللطيف إلى اختيار البقاء عند أقاربهم إن لزم الأمر، وعدم الدخول إلى ذلك الحي إلا في الأيام الصحوة، هذا بانتظار أن تشملهم عمليات الترحيل إلى سكنات اجتماعية لائقة، مثلهم مثل بقية العائلات التي شملتها العلمية منذ عدة أشهر، وهو الأمر الذي يعلقون عليهم آمالا عريضة.